فرشاة أسنان سيمون دو بوفوار – عن القشة التي تقصم ظهر بعيرك

Isabella Conti

Isabella Conti


في مذكراتها (مذكرات فتاة رصينة) كانت سيمون دو بوفوار تتحدث عن قسوة تعامل أمها معها منذ الطفولة، وأنها كانت تنهاها وتنهرها بشكل دائم. وفي يوم من الأيام بعد أن أمضت بوفوار أيامًا جميلة في مولان هي وأختها برفقة صديقتهما، عادت إلى البيت لتكتشف بأنها قد نسيت فرشاة أسنانها:

”لقد نسينا في مولان فرشاة أسنان، فاغتاظت أمي وأخذت تصرخ. وبدا لي أني لن أطيق هذا الجو الذي عدتُ إليه بعد هذه الأيام الصافية التي قضيناها هناك. وأسندتُ رأسي إلى الطاولة وأخذتُ أبكي، فقلدتني أختي.. وزاد غيظ أمي وأبي فقالا:
 شيء جميل أن تنخرطا في البكاء فور وصولكما!

والحق أن جميع الدموع التي تجمعت في مآقيّ طوال أشهر وأسابيع بسبب التوبيخ والعقاب والصراخ كانت آنذاك تخنقني“.


إن بكاء بوفوار على نسيانها لفرشاة أسنانها قد كان القشة التي قصمت ظهر البعير. كلنا لدينا بعير نرمي عليه أثقالنا غير آبهين حتى يأتي اليوم الذي تُثقل عليه قشة صغيرة رميناها عليه ويسقط على الأرض. فهل هناك قشة قد قصمت ظهر بعيرك؟

هنا بعض الكلمات، من المسلّمات التي نعرفها جميعًا لكنها للتذكير:

١- لا تراكم القش من الأساس: إن القشة الأولى لا وزن لها وتكاد تكون غير مرئية، لكنك سمحت بحملها على ظهر بعيرك. وبما أنك قد سمحت بالقشة الأولى، فسوف تسمح للثانية والثالثة.. وسوف تتجاهل تكوم القش لأنه خفيف الوزن من الأساس ولأنك مشغول للغاية بأمور أخرى ”أكثر أهمية“. لكنك في مرحلة ما ستُدرك أن هناك أكوامًا من القش قد تراكمت وستقلق قليلًا لكنك سوف ترجو أن ظهر البعير له القدرة على التحمل، وستواصل التغافل لأنك قد اعتدت على ذلك. بعدها ستأتي القشة الصغيرة الخفيفة التي ستخل التوازن ويسقط البعير وسترى الآخرين يشيرون إليك ببنانهم ويقولون ”ألهذه القشة التافهة قد صرخت\استقلت من عملك\انفصلت عن الآخر“؟

٢- تحدث عما يضايقك وضع حدودًا: إن الكثير من مشاكلنا قد تحدث بسبب سوء تواصلنا مع الآخرين وسوء تواصل الآخرين معنا (الآخرون هم الجحيم؟) ولذلك فإن مهارات التواصل مهمة للغاية في مجتمع قوامه الجماعة. إذا ضايقك شخص ما بكلمة أو فعل، لمّح إليه بلطف أن هذا الأمر قد ضايقك. إذا لم يكن لبيبًا ولم يفهم الإشارة وتكرر الأمر مرة أخرى، اسأله مباشرة لماذا تسأل كذا أو لماذا تفعل ذلك. لماذا نخبر الآخرين بشكل مباشر عندما تُسعدنا أفعالهم ونبحث عن شخص آخر نُحدثه عمّا ضايقنا منهم؟
سيتفاجئ الذي ضايقك من سؤالك المباشر وسيتفكر في الأمر حتى وإن لم يعتذر وتظاهر بالضحك. كثير من الأشخاص لا يُدركون أن فعلهم هذا كان له وقع سلبي على الآخر، لا يمتلكون مهارات التعاطف. إن الحدود المُبهمة وغير الواضحة تُسهل عليهم اختراقها وبالتالي إزعاجك مرارًا وتكرارًا حتى يسقط البعير.

٤- الاعتراف بوجود مشكلة: إن أول طريق إلى حل المشكلة هو الاعتراف بوجودها في الأساس. إذا كنت متضايقًا من أمر ما، لا تتجاهله. إن عقلك الباطني يُخبرك بوجود مشكلة ولكنك تتجاهل العلامات. قد تظهر المشكلة قبل نومك من خلال الأرق، أو في خلال نومك على شكل أحاديث نفس، أو بعد استيقاظك على شكل ضيقة صدر. إذا ضايقك موقف ما، فكّر جيدًا لماذا ضايقك؟ قد تجد جذورًا لهذا الشعور، وقد يكون هناك قش متراكم وبعيرٌ ينتظر النجدة. إحداهن كانت تُدوّن شعورها بالضيق في كل مرة تتضايق فيها بشكل مفاجئ وتكتب الوقت والحدث الذي صار بعده هذا الشعور، اكتشفت بعد ذلك أن هناك شعورًا قديمًا دفنته ويظهر رأسه في كل مرة يحصل فيها موقف معين بسيط.

٥- لا تدع الآخرين يستغلونك: إن ديننا الحنيف قد بيّن لنا فضل مساعدة الآخرين في أكثر من موضع، وأخلاقنا العربية تحث على مساعدة الغير. لكن هناك شعرة رقيقة بين مساعدة الآخرين والسماح لهم باستغلالنا. لذلك رتّب أولوياتك، مَن أحق الناس بمساعدتك وبوقتك ومجهودك؟ القاعدة تنادي بأن الأقربين هم أولى بالمعروف. من هم المقربون إليك؟ هل يستحق شخص لم تره إلا ٤ مرات في حياتك أن تقدم له مجهودًا في الوقت الذي ينتظر فيه طفلك بفارغ الصبر أن تلعب معه؟

٦- الصبر والتحمّل: إن الصبر والتحمل يكونا في أمور حدثت خارج إرادتنا. لذلك من الضروري أن نحدد أولًا ما الذي يقع داخل دائرة السيطرة وما الذي يقع خارجها. إن العائلة والأمراض وحوادث السيارات والكوارث الطبيعية هي أمور قُدّرت أن تكون خارج سيطرتنا، لكن اختيار الدراسة والعمل وشركاء الحياة والرفقة أمور قليلة نكون فيها مُخيرين نستطيع التحكم بها والاجتهاد فيها وتحديد نطاق الصبر فيها. تصبر على شخص كبير في العائلة وتحتسب الأجر، لكنك من المفترض أن لا تصبر على زميل لك في العمل يضايقك بكلامه. كذلك تصبر على مرض ألمّ بك، لكنك لا يجب عليك أن تتحمل وظيفة لا تتطور فيها. من الضروري أيضًا أن نفهم أن الاجتهاد والأخذ بالأسباب يتماشيا جنبًا إلى جنب مع الصبر والتحمّل.

والآن ماذا عنكم؟ كيف خففتم الحمل من على بعيركم؟
شاركونا بنصائح وكلمات قد تكون منطقية لكم ولكنها ليست كذلك لبعضنا.

قصة الشتاء

11
في الصف الرابع الإبتدائي، سألتنا مدرسة اللغة العربية عن أمنياتنا. تراوحت الأمنيات ما بين الألعاب والتطلعات المستقبلية. أما نجلاء الصغيرة فقالت أنها تتمنى أن ترى الثلج يتساقط وتمسكه بيدها. أخفت مدرسة اللغة العربية ضحكتها على هذه الأمنية بلطف. تمر السنوات وتعيشُ نجلاء سنوات طويلة في مدن يتساقط فيها الثلج بكثافة، نهاية سعيدة؟

أكتبُ هذه التدوينة خلال شتاء الرياض وأنا سعيدة بالأمطار والجو البارد. أحبُ فصل الشتاء كثيرًا لأنني أستطيع أن أمشي بالخارج دون اتقاء لهيب أشعة الشمس. السُحب ضيف عزيز علينا، وثقيل على الأجانب. وفي هذا أذكر بطوط عندما كان يستيقظ فرحًا من النوم ويقول ”اليوم مشمس!“ وأتعجب. لم أدرك هذا المعنى إلا عندما عشتُ بالخارج. أما نحن هنا فنقول ”السماء مُلبّدة بالغيوم!“ ونستبشر بالأمطار

وأحبُّ ما يكونُ إلى العربِ الغيثُ، فلهذا يتذكرون به الأحبابَ، ويحنّون عنده إلى الأوطان، ويتمنونه حتى لرممهم وأمواتهم، وإن كان لا يُسمنهم ولا يُغنيهم من جوع، غير أنهم يحبون لهم ما يحبون لأنفسهم، وذلك بهم غاية الأماني. وقد قال شاعرهم


وَمَا السُّقْيَا لِتَبْلُغَهُ وَلَكِنْ .. أُحِسُّ لَهَا بَرَاداً فِيْ فُؤَادِيْ

هل لنا طقوس في فصل الشتاء؟

لدى الأوروبيين تصنيف للروايات الطويلة باسم روايات المدفأة، وهذا يعني في غياب الأنشطة والُملهيات الخارجية في ذلك الوقت كان البعض يختار روايات طويلة يقرأها في فصل الشتاء أمام المدفأة. كذلك يزينون الشوارع لديهم استعدادًا للكريسمس (متعة بصرية)، وتسمع دندنة الأغاني المخصصة لها في كل المحلات (متعة سمعية)، وتشم رائحة كعك الزنجبيل (متعة شمية) ويتناولون الكوكيز واللحم الرومي (متعة تذوقية).ه

أما العرب فيستعدون لفصل الشتاء ويعدون له العدة، وفي هذا يتحسّر ابن الرومي بقوله ”جاء الشتاء ولم يعدد أخوك له..“.
نُفرز الملابس ونرفع القطع الصيفية عن ناظرنا، ونُجهز الشتوية ذات الأكمام الطويلة والخامة الثقيلة والفرو والبطانيات الدافئة. نجتمع حول الحطب (متعة حسية وشمية)، ونشرب السحلب والشاي العدني والشوكولاتة الساخنة والحليب بالزنجبيل ونأكل القشد والكستناء والفقع (متعة تذوقية)، والبعضُ يستمع إلى أنشودة المطر (متعة سمعية)

ومنذُ أن كُنّا صغارًا، كانت السماءُ تغيمُ في الشتاء.. ويهطلُ المطر

لكن بعيدًا عن شاعرية المتع الحسية، من الملاحظ أن قسوة الشتاء لدى الأجانب كقسوة الصيف لدينا، فمن الطبيعي أن يكسو التشكي من الشتاء أدبهم وأغانيهم بأسلوب درامي. وإذا كانوا يقولون
you warmed my heart

أدفئتَ صدري، فإن تعبيرنا لهذه الجملة قد تُرجم إلى أثلجتَ صدري. انظر إلى فانتين في البؤساء وهي تقول


فصلٌ مريع! إن الشتاء يحول قلب المرء إلى حجر!ا



أو روستوف في الحرب والسلم عندما جاء الشتاء الروسي في الحرب وهو بعيدٌ عن منزله، نظر إلى حبات الثلج وهي تتساقط فوق الماء وتذكر الشتاء الروسي في منزله الدافئ مرتديًا معطف الفرو.. ثم تعجّب ”لماذا أنا هنا؟“؟

أما جورج آر آر مارتن مؤلف أغنية الجليد والنار والتي تحوّلت إلى مسلسل قيم أوف ثرونز، فكان يحذّر بشكل درامي من أن الشتاء قادم. والشاعر الفرنسي تشارل بودلير كان يعتزل الناس ويكتب

عندما يضع الشتاء وجهه العجوز أمام النافذة، سوف أغلق كل النوافذ، وأقفل الستائر، وأبني قصوري من ضوء الشموع.ا

أما نحنُ فيقول عبدالمجيد عبدالله: حيّ الشتا وحيّ ما جابه، ويرقص الناس عليها وكأنها طقس من طقوس الترحيب بالشتاء.ه

مخرج:
قصة المعطف لغوغول
بودرة الشوكولاتة لمشروب شوكولاتة ساخنة من نوماد
أغنية Let it Snow: Dean Martin

لماذا يجب عليك أن تقرأ الحرب والسلم لتولستوي؟

IMG_4895D1087808-1
أعتقد أن رواية الحرب والسلم لتولستوي هي أعظم رواية كُتبت، وأظن أنه لن يُكتب ما يعادلها ثانية – سومرست موم


فكّروا في الاعمال العظيمة التي أنتجتها البشرية خلال الأزمان كلها: الأهرامات، سور الصين العظيم، لوحة ليلة النجوم، معزوفة باخ: تشيلو سويت رقم ١ بريلود، البف المديني، تمثال ديفيد، الأجزاء الأولى من قيم أوف ثرونز.. لا بد وأن القائمة تضم رواية الحرب والسلم لتولستوي (بالإضافة إلى البؤساء بالطبع!)
في هذه التدوينة، لخّصت باختصار شديد بعض الأسباب التي تجعل من قراءة الحرب والسلم ضرورية خلال حياتكم:


١– لأنها تطوير للذات
دائمًا ما أفكر في الكلاسيكيات أنها كتب رائعة في تطوير الذات. ندرك منها كيف يتأمل المتألم، ونفكر في الأسئلة المهمة التي تطرحها المواقف، ونقارن مواضيعها ومشاكلها المختلفة بالأحداث التي تحصل في حياتنا الشخصية. هناك دراسة نُشرت في ساينس تلخّص فيها أن قراءة الكلاسيكيات تطور من نظرية العقل، أو قدرة الشخص على فهم الآخرين خاصة إذا كانوا يحملون معتقدات ورغبات مختلفة عنه. يقول آلان دو بوتون أن تولستوي في الحرب والسلم لم ينجح فقط في إمتاع قرائه بل وفي زيادة ذكائهم العاطفي ”تولستوي كان مؤمنًا بأن الرواية ليست فقط أداة للمتعة بل أداة للتعليم والإصلاح النفسي. كان يعتقد أنها المصدر الأعلى الذي نستطيع من خلاله معرفة الآخرين، خاصة هؤلاء ذوي المنظر غير الجذاب، وبالتالي ننشر إنسانيتنا ونتعاطف مع الآخرين”.


٢– لأنها ممتعة جدًا
ستقضي ساعات طوال تقلب فيها الصفحات رغبة في معرفة ما الذي حدث لبيير أو أندريه أو ناتاشا أو روستوف. ستفكر في الأحداث كثيرًا، وتتأمل تطور شخصياتهم وستتحدث لأصدقائك عنهم وكأنك تعرفهم جيدًا. سوف يمضي بك فضولك لأن تبحث عن الحروب النابليونية في روسيا، وعن زمهريرهم الشتوي، وستبحث عن تأثير فرنسا على روسيا – خاصة أن الطبقة الارستقراطية في روسيا تتحدث الفرنسية-، وسوف تكوّن رأيك الخاص حول نابليون القائد الفرنسي المثير للجدل، وسوف تبحث- كما بحثتُ أنا- عن المذنّب العظيم الذي كان يتأمله بيير فرحًا رغم تشاؤم الناس منه، والذي قال عنه أبو تمام عندما تشائم الناس منه ونصحوا المعتصم بالتراجع في معركة عمورية:
وخوّفوا الناس من دهياء مُظلمة.. إذا بدا الكوكبُ الغربي ذو الذنبِ


٣– لأن تولستوي عبقري لديه القدرة على ملاحظة النفس البشرية
الشخصيات واقعية للغاية، قد تجدهم حولك في مجتمعك. كذلك تطور الشخصيات واضح خلال أحداث القصة، تلاحظهم وتكبر معهم مع تقليب الصفحات – وهو شعور رائع بالمناسبة-. كان بيير بوزخوف يعظّم من شأن نابليون قبل اندلاع الحرب، ويدافع عنه في الحفلات الارستقراطية، حتى أصبح يتمنى أن يكون قاتل نابليون في نهاية الرواية. لم يكن بيير وحده من يعظّم من أمر نابليون والفرنسيين، بل كذلك الكثير من الروس في ذلك الوقت ”الأزياء فرنسية، والأفكار فرنسية، والعواطف فرنسية، كل شيء فرنسي!“، وانظر كيف تطورت آرائهم مع تطور أحداث الرواية. أما تصوير الصراعات الداخلية للشخصيات في الرواية عظيمة ”يُشبّه تولستوي العالم التقليدي الزائف في تعارض مستمر مع الطبيعة الإلهية الصادقة. فالأمير آندريه في صالون بطرسبرج، والأمير آندريه فوق أرض المعركة يصوب نظره إلى السماء المرصعة بالنجوم“. سوف تُدرك جيدًا كيف أن النفس البشرية لديها دوافع غير عقلانية في اتخاذ القرارات سواء كان ذلك في الحرب أو السلام.


٤– لأنك سوف تعيد قراءة الكثير من النصوص والحوارات من أجل تأملها لجماليتها وواقعيتها
انظر إلى الحوار الذي دار بين بيير والرجل الفرنسي عن موسكو وباريس ليوضح مدى غطرسة الفرنسيين وثقتهم بنابليون:
الرجل الفرنسي: لماذا الروسيات غادرن موسكو؟ يا لها من فكرة مضحكة! ماذا كان يخيفهن؟
فرد بيير: أمَا كانت النساء الفرنسيات يغادرن باريس لو احتلها الفرنسيون؟
فيجيب الفرنسي ”آه آه!! إن هذه قوية جدًا! باريس؟ ولكن باريس!! باريس ..“
فأعقب بيير ”باريس، عاصمة العالم..“



٥– لأنها للباحثين عن المعنى

من خلال يومياته، كان تولستوي يبحث عن المعنى طيلة حياته. ولذلك نجد أن الغني بيير وهو الشخصية الأقرب لتولستوي يائس يبحث عن السعادة رغم امتلاكه الأموال والأراضي ولديه زوجة في غاية الجمال. يفكر بيير كثيرًا أن زواجه الفاشل هو السبب الأساسي لتعاسته، ثم يعتنق الماسونية للبحث عن المعنى، ويذهب إلى الحرب لأنه يظن أن المعنى ينتظره هناك، ويرغب في قتل نابليون لأنه هو السبب الرئيسي لكل المشاكل. ولكنه يجد المعنى في النهاية بعد مروره بجميع هذه التجارب وبالمصائب التي واجهها في الحرب، ويُدرك أن السعادة هي أمر داخلي. وكذلك بقية الشخصيات في الرواية، يجدون المعنى بعد مرورهم بالكثير من المعاناة.


٦– لأنها عن الحرب وتجربة الاقتراب من الموت
في هذه الملحمة يمنحكم تولستوي رائحة الحرب ومذاقه. يصف تولستوي البيئة الفوضوية للحرب وكذلك الحرب من وجهة نظر نابليون. ويقص علينا بطريقة عظيمة شعور اقتراب الموت من الإنسان، خاصة عندما نجد آندريه الجريح في الحرب ممدًا على الأرض مستحقرًا الحياة حوله ولا يأبه بمرور نابليون جانبه، وكذلك عندما يصطف بيير في الطابور للإعدام ويموت زميله في السجن. أما ناتاشا فتتغير شخصيتها وتصبح أكثر نضوجًا. كما في العنوان ”الحرب والسلم“ نصفها يدور حول الحرب والنصف الآخر حول أبطال الحرب في فترة السلام، لذلك لا يصح أن تقرأ فترة السلام دون أن تقرأ فترة الحرب.


٧-آخر فصل في الرواية عظيم
أغلب القصص تحتوي على نهايات سعيدة -ما عدا دراميات شكسبير التي تنتهي بالموت بشكل عجيب- ويتزوج الحبيبان ويعيشان في سعادة وهناء. أما الرواية هنا؟ أخبرتكم في البداية أن الشخصيات واقعية للغاية، لكنها تظل كذلك حتى النهاية، ويخبرنا تولستوي أن الحبيبين قد تزوجا وأصبحت الزوجة ربة منزل وتعيش مع زوجها حياة هادئة وعادية جدًا “خبئتُ الأسماء عن قصد”. في آخر فصل من الرواية، يحلل تولستوي -المؤمن- الحرب اللي قادها نابليون لروسيا من خلال الإرادة والسلطة فيقول ”لانستطيع أن نعتبر السلطة سببًا للأحداث دون التسليم بالتدخل الإلهي في شؤون البشر“. وقوله هذا يشبه قول فيكتور هوغو عندما نسب خسارة نابليون في معركة واترلو إلى إرادة الله تعالى:
”أكان من الممكن أن يكسب نابليون هذه المعركة؟
لا.
لماذا؟ هل بسبب ولينغتون أو بلوخر؟
لا. بسبب من الله“
بيير بوزخوف هو ليو تولستوي نفسه، فرأي بيير هو رأي تولستوي، وهذا يعني أن تولستوي كان يمقت نابليون. كان يسخر من المؤرخين الذين يُرجعون سبب هزيمة نابليون في بوردينو إلى زكامه، ”وليس نابليون الذي كان يقود المعركة، إذ لم تُنفذ أي خطة من ترتيبه القتالي، ولم يكن يعلم أثناء المعركة ماكان يجري أمامه. فكون هؤلاء الناس قد اقتتلوا لم تحدده مشيئة نابليون، وإنما جرى خارج عنه، بإرادة آلاف الرجال الذين شاركوا في المعركة.

اترككم مع مقطع لنجيب الزامل رحمه الله وهو يقول أن الحرب والسلم “شيخ الكتب، وأعظم الكتب الغربية.. ويتصدر زعيمًا لكل ما كتبه الغرب في أدب الرواية..”

 

 

 

 

 

تجارب ومباهج – ديسمبر ٢٠٢٢

 

m5

Marcella Cooper


هذه التدوينة الخفيفة هي من سلسلة تجارب والتي أعرفكم فيها على بعض تجاربي في الأسابيع الماضية في أمور شتى كقراءة الكتب، واستخدام برامج الآيفون، ومشاهدة البرامج والأفلام والمسلسلات، وشراء المنتجات عن طريق الإنترنت وغيرها من التجارب والمباهج الصغيرة.

كيف حالكم يا أصدقاء؟ أدرك أنني تأخرت في التدوين لذلك عدتُ بهذه التدوينة الخفيفة (تجارب ومباهج)، وسبب الانشغال عن التدوين هو أول مبهجة في هذه التدوينة:

مباريات كأس العالم:
هذه النسخة من كأس العالم كانت مختلفة تماما وغير عادية، ابتداء من فوز المنتخب السعودي على بطل كأس العالم، ومرورًا بانتصارات المغرب المتتالية حتى أصبح في المركز الرابع، وانتهاء بالمباراة العظيمة التي شدت أنفاسنا بين الأرجنتين وفرنسا وحصول ميسي أخيرًا على المجد الذي يستحقه. بالطبع كانت مواكبة تيك توك بفيديوهاته لكأس العالم رائعة للغاية، والآن أشعر بفراغ كبير خاصة أنني لا أتابع مباريات دوريات كرة القدم.

  • عصر العلم – السيرة الذاتية لأحمد زويل
    قضيتُ أيامًا لطيفة بصحبة هذه السيرة المُثرية. دائمًا تتكرر على أذهاننا الأمثلة التي على شاكلة من جد وجد ومن زرع حصد وأن لكل مجتهد نصيب دون أن ندرك معناها بحق، لكن هذا ما يؤكده زويل عندما سرد عن اجتهاداته ولياليه التي كان يسهرها حتى حصل على جائزة نوبل. السيرة لطيفة أيضًا لأنها تتحدث عن المواقف التي واجهها كعربي في أمريكا أثناء غربته الطويلة.

    سابع جار
    at_5e29bfa02f

    تأخرتُ كثيرًا عن الحديث عن هذا المسلسل الذي أنهيته منذ أكثر من ٥ أشهر. المسلسل عظيم يتحدث عن جيران في عمارة واحدة. الحوارات عادية وتكاد لا توجد أحداث مميزة خاصة في بداية المسلسل، فقط يوميات طبيعية أشخاص عاديون وبوجوه خالية من المكياج والملابس المبهرجة. تستمر الحلقات في الاعتيادية حتى تتعلق أنت بالشخصيات العادية ثم تبدأ الأحداث. دور دلال عبدالعزيز رحمها الله كان رائعًا. أنصحكم بمتابعته وكذلك بالصبر في بداية الحلقات.

    مسلسل The Gilded Age

    إذا أحببتم مسلسل داونتون آبي، فقد يعجبكم هذا المسلسل لأنه على نفس النمط- نفس المؤلف وكذلك المخرج- لكن الأحداث تحصل في نيويورك. المسلسل جديد ولم يصدر منه إلا الموسم الأول فقط.

    حلقات جديدة من ماروكو الصغيرة
    أسعدني خبر دبلجة حلقات لم نشاهدها من ماروكو الصغيرة ونشرها على قناة مجلة ماجد بصوت إيمان هايل (هل تتذكرون هذا الاسم جيدًا؟). تابعت إلى الآن بعض الحلقات مع سوسو وأنوي مشاهدة الحلقات معها جميعًا إن شاء الله خاصة أنها بالفصحى.

    فيلم The Duke

    فيلم لطيف عن قصة حقيقية لشخص سرق لوحة The Duke دوق ولنجتون الشهيرة لفرانسسكو دي قويا من المتحف الوطني في لندن.

    فيلم Mrs Harris Goes to Paris
    فيلم لطيف أيضًا عن عاملة التنظيف التي تجمع المال من أجل الذهاب إلى باريس حتى تشتري فستانًا من كريستيان ديور.

    تجربة Paragliding في انترلاكن-سويسرا

    لطالما حلمتُ بالتحليق منذ طفولتي، وكنت محظوظة إذ جربت التحليق فوق قرية انترلاكن السويسرية. كانت تجربة عظيمة لا تُنسى خاصة بدايتها: عندما قفزتُ من الجبل إلى الهواء لتسحبني المظلة فأطير.

    كيف تنجح العلاقات؟ حلقة ياسر الحزيمي في بودكاست فنجان
    الحلقة مثرية وإن اختلفتم معها، اسمعوها

    مشتريات خفيفة:
    صابونين من مسترال Mistral برائحة الغاردينيا، وكذلك برائحة البيوني.

    طعام:
    – كنت أحب تشبس Kettle بالملح والخل الذي أشتريه من آيهرب، كان سعره ١١ ريالًا ثم زاد إلى ١٣ ريالًا ثم توقفت عن شرائه عندما أصبح سعره ٢٣ ريالًا، والآن ٣١ ريال! وجدتُ بديلا لذيذًا، تشيبس Hectare’s بالملح والخل. شكرًا سلطانة!
    – دونت كريم بروليه من Doughnut Plant لذيذ، بتوصية من الصديقة شهد.
    – بهار طاجين Tajin أضيفه مع قطع المانجا
    – ليز بنكهة المانجا والبهارات – إصدار محدود
    تين غنام
    – لازانيا على طريقة رنين جودة لذيذة جدًا
    – حلى المانجا اللذيذ من سيسر

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هل تحلمون من خلال النظر إلى خارج النافذة؟ – تدوينة عن الشبابيك 

Monica Garwood

كانت العرب تُرسل أبنائها إلى البادية، وقد اختلفت الآراء حول سبب إرسالهم بعيدًا عن أمهاتهم، فمنهم من يقول حتى يستقيم لسان الطفل ويصبح فصيح اللسان، وهذا يبدو غير صحيحًا لأن قريش هي أفصح العرب بنزول القرآن على لهجتهم. ومنهم من يقول حتى ينشئ الأطفال على الشجاعة والنشاط والقوة البدنية خارج المدن وأمراضها. تعددت الآراء، أما الرأي الذي توقفتُ عنده طويلًا فهو أن البادية ليست مكتظة بالعمار، وهي صحراء ممتدة تجعل المرء ينظر بعيدًا حتى تتسع مداركه دون أن يتوقف نظره عند جدران المباني، وأنّى للأفكار أن تُستلهم بالنظر إلى الجدران؟

كانت غرفتي في المدينة تُطل على شارع الملك عبدالعزيز ذو عرض ٦٠ مترًا، فنشئت نجلاء الصغيرة على أصوات الحركة المرورية المستمرة حتى ظنت أن هذا هو الأصل عند النوافذ.


وعندما سافرتُ إلى الخارج، كنتُ محظوظة إذ كان مطل منزلي في شيكاغو على وسط المدينة وبرج سيرز تاور، وفي مونتريال كانت الشبابيك الواسعة تطل على جبل مونت رويال.

انتقلتُ بعد سنوات إلى الرياض، وحرصتُ على أن تكون الشبابيك كبيرة وذات مطل أتأمل فيه كما تتأمل روبنزل من نافذتها منتظرة الإنقاذ. دخلتُ بيوتًا كثيرة معروضة للإيجار من أجل اختيار البيت ”الأكثر مثالية“ وكان بعضها مرتبًا لكني كنت أرفضها رفضًا قاطعًا من أول نظرة على الشبابيك، لأن بعضها كان إما صغيرًا مُهملًا أو مُطلًا على ”المنور“. كنتُ أحس بالضيق -وأنا مجرد زائرة- وكأني بداخل علبة تونة، كما أحس بالضيق عندما أركب سيارة ذات نوافذ مظللة بالسواد. توفقتُ بعدها في الحصول على شقة تطل على دوّار تفحط فيه السيارات وكأنني استعدتُ شيئًا من ذكريات الطفولة.


إذا كانت غرفة واحدة قادرة على تغيير مشاعرنا، وإذا كان ممكنا أن تتوقف سعادتنا على لون الجدران أو شكل الأرض، فماذا يحدث لنا في أكثر الأماكن التي نجد أنفسنا مضطرين إلى الإقامة فيها أو النظر إليها؟ وما الذي نعيشه في بيت له نوافذ أشبه بنوافذ سجن وأرض مبقعة وستائر بلاستيكية؟ – الآن دو بوتون، عمارة السعادة

وكما أحب تأمل الأبواب، أحب أيضًا تأمل نوافذ البيوت. وأجد نفسي أشفق على أهل بيت ذو شبابيك ضئيلة. يقولُ جفري كبنس وهو ناقد معماري كان أستاذًا في هارفرد، وله مادة في برنستون يُدرّس فيها عن النوافذ ”إن النوافذ تحمل فلسفة وجودية وليست مجرد وظيفة معمارية.. هل تعلم لماذا تكون النوافذ والأبواب ضخمة في الكاتدرائيات؟ أنت تترك العالم الاعتيادي وتدخل عالم الرب، فتشعر بأنك صغير للغاية، وهذا هو سبب ضخامتها“. هل هذا يعني أن الشبابيك الضخمة في غير الكاتدرائيات قد تُشعرنا بأننا في عالم الرب ولذلك نشعر بالراحة؟

إذن للنوافذ فلسفة وجودية كما لها وظيفة معمارية، هي تسمح للهواء وضوء الشمس بدخول المنزل، كذلك هي نافذة لنا للعالم الخارجي كما كانت تعتمد عليها ”أمينة“ في ثلاثية نجيب محفوظ، إذ أنها لا تخرج إلى الشارع، ولا تعرف ما يجول فيه إلا من خلال النظر إلى نافذتها. وقد تكون النافذة منفذًا للأحزان كما فعل أدهم في أولاد حارتنا عندما ”حوّل رأسه إلى النافذة فخيّل إليه أن سكان ذلك النجم اللامع سعداء لبُعدهم عن هذا البيت“. أو قد تكون النافذة منفذًا للعشاق، كما في ”جولييت“ شكسبير أو ”إما“ مدام بوفاري، أو ”ماريوس“ في البؤساء عندما كان يقرأ متكئًا إلى النافذة المفتوحة. وكما يقول العشاق في الفلكلور اللبناني”ومن الشباك لرميك حالي”.

وبذكر الأدباء، فقد تأثر فلوبير حتمًا بالنوافذ، إذ كانت غرفته التي يكتب فيها رواياته لديها ٦ نوافذ تطل على الحديقة وعلى نهر السين! وكانت فرجينيا وولف تكتب بجانب نافذة كبيرة مطلة على الحديقة. أما رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم فكان يتعبدُ في غار حراء وهو مكان مرتفع – ٦٣٦ مترًا!- بعيد عن الناس له فتحة كالنافذة تُطل على الكعبة. 

”إن الفائدة من التحديق خارج النافذة لا تكمنُ في اكتشاف ما يحدث بالخارج، ولكن بالأحرى لاكتشاف محتويات أذهاننا. من السهل أن نتخيل أننا نعرف ما نفكر به وأننا ندرك ما نشعر به وما يدور في أذهاننا، لكننا نادرًا ما نعرف ذلك. هناك مقدار ضخم من الأمور التي تجعلنا ما نحنُ عليه والذي يمتد بشكل غير مُكتشف وغير مستخدم وتكون إمكانياته غير مستغلة. هذا المقدار الضخم خجول ولا يظهر تحت ضغط الاستطلاع المباشر. إن التحديق خارج النافذة يقدم لنا طريقة لأن نكون متيقظين إلى الإيحاءات والانطباعات الأكثر هدوءًا لذواتنا العميقة. قدّم أفلاطون استعارة للعقل: إن أفكارنا مثل الطيور التي ترفرف في أقفاص عقولنا، ومن أجل أن تستقر هذه الطيور، فهم أفلاطون أننا بحاجة إلى أوقات فراغ هادئة. والتحديق خارج النافذة يقدّم هذه الفرصة“.

مخرج:
أغنية شبابيك لفايا يونان
تدوينةالأبواب

وما الخوفُ إلا ما تخوّفه الفتى: تدوينة عن الخوف

 

The Scream by Edvard Munch


يقال أن الإنسان يُولد ولديه خوف من أمرين فقط: الخوف من الصوت العالي، والخوف من السقوط، وكل خوفٍ بعد ذلك مُكتسب من بيئته.

في طفولتي كنت أخافُ من الظلام كثيرًا، لا أعلم كيف تكوّن هذا الخوف لديّ لكن من المؤكد أن القصص التي كنا نسمعها أو نرويها لبعضنا كأطفال في آخر الليل عن الجن والكائنات غير المرئية هي التي زرعت هذا الخوف في قلبي. كنت أعتقد دائمًا بأن هناك كائن ما ينتظرني في الظلام بتعابير وجهه المخيفة. أذكر جيدًا الأيام التي هربت فيها من سريري متجهة نحو أمي التي اعتادت أن تجدني نائمة تحتها عندما تستيقظ فجرًا. لكن نجلاء الصغيرة أيقنت بطريقة ما أن التغلب على الخوف يكمُن في مواجهته. فماذا فَعلَت؟ 
ذات يوم، وعندما استيقظَت هلعًا من النوم في منتصف الليل نزلت بمفردها إلى الدور السُفلي حيث الصوالين الواسعة الغارقة في الظلام الدامس. كانت تجربة رهيبة، دارت على الدور كله وهي تُضيء الأنوار لتُؤكد لنفسها أن لا أحد هناك. كررَت هذه التجربة يومًا بعد يوم حتى تلاشى خوفها من الظلام. أصبحت نجلاء الصغيرة أكثر حكمة، ألم يقل برتراند رسل ”بداية الحكمة أن تهزم الخوف“؟



الخوف تجربة نفسية أليمة، لذلك أهل الجنة (لا خوفٌ عليهم..)

كبرتُ قليلًا، وعندما حان الوقت لمشاركة المناسبات التي يجتمع فيها الكبار كنت دائمًا فيها الشخص الأصغر. وبما أن أصغر القوم خادمهم، ومبادرة مني تكريمًا للمديح الذي وصلني من أول القادمين بقولهم ”آه كم كبرتِ“، تطوعتُ للمرة الأولى لصب القهوة وليتني لم أفعل. كانت دلة أهلي المُذهّبة ثقيلة للغاية، ومن أجل أن أصب القهوة كان عليّ أن أرفع الغطاء قليلًا بالضغط على قطعة خلف الغطاء باصبعي أثناء الصب لترتفع إلى أعلى وبالتالي تُفتح كالفم – وليس بضغطة زر كما هو حال الدلال اليوم أو بإدارة الغطاء قليلًا لفتحه-، وبالتالي نتج عن ذلك سكب القهوة على يدي. 
اعتذرتُ بأن الدلة بها عيب ولم تكن حرارة القهوة بأشد من حرارة الخجل التي كنتُ أشعر به. حاولتُ للمرة الثانية أن أصب القهوة لكن النتيجة أيضًا باءت بالفشل. وهكذا أصبح لديّ خوف جديد: صب القهوة أمام الناس.
 أصبحتُ لا أحب الولائم أو التجمعات التي كانوا يُقيموها أهلي في منزلنا لأنني كنتُ الفرد الأصغر، وهذا يعني أنه يتحتم عليّ أن أساعد أمي في خدمة الجميع واضطر إلى تقديم القهوة. ومع حبي للناس، كنتُ أشعر بالضيق في اليوم الذي يُعلن فيه عن قدوم ضيفٍ جديد، ولكنني أشعر بالخفة عندما ننتقل إلى تقديم طعام العشاء ثم الشاي. إلى أن جاء اليوم الذي قررت فيه نجلاء المراهقة تقليد نجلاء الصغيرة بتجربة الحل الوحيد: مواجهة الخوف.

عندما قرر والدايّ إقامة طعام العشاء، ذهبتُ يومها إلى مطبخ الضيوف وتفحصتُ جميع الدلال الموجودة لأول مرة بعيدًا عن الدلة المشؤومة. هذه دلة جميلة فيها زر دائري كبير اضغط عليه ثم تخرج القهوة ..ببساطة. هكذا إذن! يا الله .. الدنيا بها حلول كثيرة لم نكن نتخيل بوجودها.. بالطبع لم أكن سأعرف هذا الحل لولا أنني لم أواجه المشكلة التي أجهل تفاصيلها، والإنسان دائمًا عدو ما يجهل.

كيف هي تجاربكم مع الخوف؟ يُقال أنكم تستطيعون التعرف على ذواتكم من خلال معرفة ما يخفيكم في هذه الحياة. أغلب الأمور التي نخافها نُدرك لاحقًا أو في مرحلة متأخرة مع الأسف أننا عظّمنا من شأنها.

”كانت لديّ الكثير من المخاوف في حياتي، معظمها لم تحدث“ -مارك توين 


هل واجهتهم مخاوفكم؟ وجدتُ بعض النصائح العملية من تيم فيريس قد تساعدكم في مواجهة الخوف خاصة في اتخاذ القرارات:

١- حدد كابوسك: حدد أسوأ أمر قد يحصل لك عندما تفعل ما تخافه. ما هي الشكوك والمخاوف والأمور التي ”قد“ تحدث عندما ترغب في اتخاذ قرار ما أو تغيير كبير؟ تصوّر ذلك في تفاصيل دقيقة ومؤلمة.
هل سيكون ذلك نهاية حياتك؟ 
ترى ما هو التغير الدائم الذي سيحدث، إذا كان هناك تغير أصلًا، على مقياس من ١ على ١٠؟

هل هذه الأمور المتغيرة هي حقًا دائمة؟
ما هي احتمالية حدوثها في نظرك؟

٢- ما هي الخطوات التي من الممكن أن تتخذها لإصلاح الضرر أو لإرجاع الأمور إلى نصابها حتى ولو كان ذلك بشكل مؤقت؟ 
إن الفرص أسهل مما تتوقع. كيف تستطيع أن تُعيد الأمور لتكون تحت السيطرة مرة أخرى؟

٣- ما هي النتائج أو الفوائد الدائمة والمؤقتة من السيناريوهات المتوقعة؟ أنت الآن قد حدّدت الكابوس، فما هي النتائج الإيجابية التي تحمل احتمالية عالية لوقوعها؟ سواء كانت النتائج داخلية (الثقة، أو تقدير الذات..الخ) أو خارجية. ما هو التأثير المتوقع الذي يمكن أن يحدث على مقياس من ١ على ١٠؟ كم هي احتمالية إنتاجك لنتيجة إيجابية؟ هل استطاع الآخرون الأقل ذكاء منك أن يفعلوه وينجحوا في ذلك؟

٤- إذا طُردت من عملك اليوم، ما الذي تستطيع أن تفعله لتجعل الأمور تحت السيطرة المادية؟ تخيّل هذا السيناريو واطّلع على الأسئلة الثلاثة السابقة. إذا استقلت من عملك لاختبار الخيارات الأخرى، كيف ستعود إلى طريقك المهني إذا وجب عليك ذلك؟

٥- ما الذي تؤجله بسبب الخوف؟ في العادة، الأمور التي نخاف أن نفعلها هي الأمور التي نحتاج أن نفعلها. تلك المكالمة الهاتفية، أو ذلك الحوار، أو غيرها من الأمور. إن الخوف من النتائج المجهولة هو ما يمنعنا من فعل ما نحتاج أن نفعله. حدد أسوأ حالة من الممكن أن تحدث لك وتقبّلها ثم افعلها. سوف أكرر عليك أمرًا تحتاج أن تُوشمه على جبينك: 
ما نخاف أن نفعله هو في العادة ما نحتاج أن نفعله.

وكما قيل إن نجاح المرء في الحياة يمكن أن يُقاس بعدد الحوارات غير المريحة التي يرغب في إجرائها. خطط في كل يوم أن تجرب أمرًا واحدًا تهابه. اكتسبتُ هذه العادة من خلال محاولتي في التواصل مع المشهورين في الأعمال وغيرهم لأجل أن اسألهم عن نصيحة يقدموها إليّ.

٦- ما الذي سيكلفك – ماديًا وعاطفيًا وجسديًا- إذا أجّلت العمل؟ لا تُقيّم الجانب السيء من العمل فقط. من المهم أن تقيس الثمن السيء لعدم العمل. إذا لم تُكمل الأمور التي تُثيرك، فأين ستكون بعد سنة، أو ٥ سنوات، أو ١٠ سنوات؟ كيف ستشعر لأنك سمحت للظروف أن تسيطر عليك ولأنك سمحت لعشر سنوات من حياتك أن تمر وأنت تفعل أمرًا تعلم جيدًا أنه لن يحقق لك شيئًا؟ إذا نظرت إلى ١٠ سنوات من خلال التيليسكوب وتأكدت ١٠٠٪ بأن هذا الطريق هو طريقٌ للخيبة والندم، وإذا عرّفنا الخطر بأنه ”احتمالية حدوث نتائج سلبية لا رجعة فيها“، فإنه يمكننا القول بأن ”عدم الفعل“ هو الخطر الأعظم على الإطلاق.

٧- ما الذي تنتظره؟ إذا لم تستطع إجابة هذه السؤال فإن الإجابة هي بسيطة: أنت خائف، مثل بقية الأشخاص في العالم. قِس تكلفة عدم العمل، وحاول أن تستوعب عدم احتمالية وقابلية إصلاح الخطوات المتعثرة، وطوّر العادة الأكثر أهمية لهؤلاء الذي ينجحون ويستمتعون بالنجاح: الفعل.

مخرج:
الهلع من إغلاق البوابة: كلمة ألمانية، وتعني  الخوف الذي يشعر به المرء عندما يتقدم بالسن، عندما يشعر أن الوقت يمضي بسرعة وبالتالي تفوته فرص كثيرة.
– رواية الخوف لستيفان زفايغ
– تدوينة: الخوف من الجراثيم
– تدوينة: الخوف من أن لايحتاجنا أحد

 

 

 

 

 

 

 

 

الأبواب المفتوحة

Salvador Dalí

قرأتُ تعليقًا لمهتمة بالتصميم الداخلي اشترت بابًا خشبيًا فخمًا لأنها ترغب في تعليقه من باب الزينة في وسط صالون المنزل ليكون بديلًا عن ألواح الرخام واللوح الفنية. كنت أفكر ”وهل سيظل الباب مغلقًا للأبد؟ ألم تُوضع الأبواب لكي تُفتح؟“.

أحب تأمل الأبواب، وأستطيع أن أميز الأبواب القديمة في المدينة المنورة وجدة من مقابضها المائلة وطريقة تصميمها. لكن اهتمامنا بالأبواب المنزلية ضئيل مقارنة بالأبواب التي أشاهدها في الخارج، أبواب خشبية مزخرفة وقد تكون ملونة ومُطعمة بالزجاج وتبدو غاية في الجمال. والأبواب من متاع الحياة الدنيا التي ذكرها الله تعالى ”وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا.. وَإِن كُلُّ ذَٰلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا“.

يصنع الباب خصوصية وعزلة خاصة للمنزل عن بقية المنازل، أو عزلة للغرفة عن بقية الغرف. ففي مسخ كافكا، يُقفل على غريغور الباب ليجعله في عزلة فعلية عن أهله وعن الناس، كما فعلت إلسا في فيلم فروزن عندما اعتزلت مَن حولها حتى أختها التي كانت تطرق الباب مرارًا وتكرارًا ليعطي لنا مشهدًا حزينًا عن علاقة الأختين. أما امرأةُ العزيز فقد (غَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ) لتختلي بيوسف عليه السلام، ويُلاحظ أن بيتها كان فيه أبوابًا وليس بابًا أو اثنين مما يعني أنه كان قصرًا. وقد يرمز الخروج من الباب إلى الانتقال من حال إلى حال، كما شربت أليس في بلاد العجائب الإكسير السحري حتى تصغر وتخرج من الباب المتضائل الحجم، فتنتقل من حال الواقع إلى حال الخيال، على العكس من ترومان (جيم كاري في فيلم The Trueman Show) الذي خرج من الباب في آخر الفيلم لينتقل من الخيال إلى الواقع. وفي علم النفس، هناك مصطلح يُدعى بتأثير الباب، ويعني أن ذاكرة الشخص تقل عند خروجه من الباب عندما ينتقل من مكان إلى آخر، وهذا مايجعلنا أحيانًا نقف فجأة أثناء مشينا في المنزل وننسى أننا أردنا شرب كوب من الماء، لنتسائل: لماذا نحن هنا؟ 

أما فتح الباب فهو دائمًا ما يكون كناية عن الخير والرزق كقوله تعالى ”فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ“. وفي دعاية افتحوا الأبواب الكئيبة إعلان بانتهاء مرحلة كورونا والرجوع إلى الحياة العادية. وفي فتح الباب قال شاعر تويتر:

سيفتح اللهُ بابًا كنت تحسبه .. من شدة اليأس لم يُخلق بمفتاحِ 

ولذلك نقول عن شخص لا نعرفه أنه خلوق إذا كان أمامنا وأمسك لنا الباب ليظل مفتوحًا. أما في غلق الأبواب غلق للشر، ففي الحديث (إن الشيطان لا يفتحُ بابًا مغلقًا)، وهذا يذكرني بالحوار الذي دار مع شيطان فاوست لغوته:

– الشيطان مفستوفليس: أتسمح لي هذه المرة بالذهاب؟
– فاوست: هذا هو الشباك، وهذا هو الباب.
– مفستوفليس: يمنعني من الخروج عقبة صغيرة. هذه النجمة المخمسة على عتبتك. (تستخدم في التعوذ من السحر والجنيات) 
ـ فاوست: إذن قد صرت سجينًا عندي؟ هذه فرصة طيبة!

ـ مفستوفليس: إن الشيطان لا يستطيع أن يخرج من البيت.
ـ فاوست: لكن لماذا لاتخرج من الشباك؟
-مفستوفليس: إنه لقانون عند الشياطين والأشباح يقضي عليهم بأنهم من حيث دخلوا، فعليهم بالضرورة أن يخرجوا. لقد دخلتُ من الباب، ولابد أن أخرج من الباب.

 

وكانت المرأة في الجاهلية إذا أرادت تطليق زوجها غيّرت باب منزلها للجهة المقابلة، فإذا أتى زوجها ورأى الباب وقد تغيّر مكانه أدرك أنها قد طلقته. وللعرب أخلاقهم، فلا يدخل الشخص على آخر قبل طرق الباب والاستئذان وإن كانت أمه، وقد زجر أبو جهل من اقترح عليه أن يكسر باب الرسول صلى الله عليه وسلم عنوة فقال ”والله إنها لسُبة في العرب..“، ويسمون صوت الباب صريرًا.

أما الباب الأشهر فهو باب الكعبة المشرفة والذي يقع في الجزء الشرقي منها. وهذا ما يذكرني بقول إحداهن إن واجهة المنزل-والذي فيه بابه- ينبغي أن تكون شرقية!  

هل تذكرون جيدًا كيف كان شكل باب منزلكم في الطفولة؟ أو أبواب الغرف؟ هذا باب غرفتي يشبه الباب الذي رسمه سلفادور دالي والذي وضعته في بداية التدوينة:

 

مخرج:
– أغنية أحبها لفايزة أحمد – يامّه القمر على الباب 🎶
ما أحلى الرجوع إليه – تدوينة 

تجارب ومباهج – يونيو ٢٠٢٢

Roeqiya Fris


تكاسلتُ عن كتابة تدوينة جديدة لهذا الأسبوع، لذلك اخترت تدوينة تجارب ومباهج ذات النَفَس الخفيف إلى أن أستعيد شيئًا من لياقتي الكتابية. 

الكتب:

مذكرات فتاة ملتزمة لسيمون دو بوفوار: أحب السير الذاتية بشكل عام خاصة السير الأجنبية لأنها تتكلم بصراحة ووضوح عن الأحداث والأمور الشخصية، وهنا سيرة ذاتية صريحة لسيمون دو بوفوار عن طفولتها ثم مراهقتها بشكل خاص. تستطيعون فهم سبب تشكل شخصية سيمون دوبوفوار عندما تحدثت عن صراعاتها النفسية خلال الطفولة والمواقف التي تعرضت لها.

الصوتيات:

بودكاست مع هبة حريري: اكتشفت بودكاست مع هبة حريري مؤخرًا. وسمعت الكثير من الحلقات التي تناقش أمور عديدة تمس صحة الأسرة النفسية خاصة الأطفال. أنصحكم بها.

 أشياء غيرتنا النسخة الرمضانية: نعم، لم أكتب في هذه السلسلة منذ أكثر من ٤ أشهر، لكن أعجبتني هذه الحلقات الخفيفة والتي تتكلم عن عادات وتقاليد شهر رمضان في الماضي.

كتاب الدحيح ماوراء الكواليس: صادفتُ تغريدة لإحسان تُبدي إعجابها بهذا الكتاب الصوتي، وفعلًا وجدتُ الكتاب ظريفًا إذ يتحدث عن السيرة الذاتية للدحيح ”أحمد الغندور“ بقلم طاهر المعتز بالله، ويُلقيه الدحيح بصوته باللهجة المصرية. فإذا كنتم تحبون مشاهدة برنامج الدحيح فهذا الكتاب اللطيف قد يعجبكم خاصة عندما يتحدث عن بداياته.

 كيف تتعرفين على الخياطة الجيدة؟
فيديو وجدته على انستقرام وجدته مفيدًا، من الفيديوهات التوعوية التي تساعدكم في اختيار الملابس عند التسوق خاصة إذا كنتم تبحثون عن الجودة. 

المسلسلات: 

الكبير أوي: منذ سنوات وأنا أحب مشاهدة مسلسل الكبير أوي كثيرًا ودائمًا ما أوصي بمشاهدته، وسعدتُ للغاية عندما طُرح الجزء السادس منه في رمضان. كنت متخوفة من استبدال شخصية ”هدية“ أو دنيا سمير غانم بشخص آخر، لكن مربوحة فازت بقلوب الجماهير.

الطعام:

مطعم مومو Momo: مطعم آسيوي في الرياض متخصص بتقديم الدمبلنج والجيوزا، وكل الأطباق لذيذة! توصية من الصديقة لبنى.

تاكومينيا Tacomania: تعودنا على تناول التاكو المالح، لكن هنا فكرة جديدة تاكو حالي بنكهات لذيذة مثل التفاح والكراميل، والتورتيا تأتيكم طازجة وساخنة. توصية من الصديقة ذكرى. 

توست البريوش من لوزين: لذيذ! مناسب جدًا للفرنش توست وكذلك مع البيض بمختلف أنواعه.

كريم كراميل على طريقة أروى الضلعان: لذيذة وخفيفة لفصل الصيف، جربوها.

مخبز ايزي بيكري: اشتهيت أن أجرب كروسون اللوز بعد قراءتي لهذه المقالة الممتعة (العيش تحت ظلال اللوز)، وتناولته أخيرًا ولأول مرة من مخبز ايزي بيكري. بالمناسبة دانيش الطماطم والبيستو لديهم لذيذ للغاية!

مباهج أخرى:

  • حفلة محمد عبده العيد جدة ٢٠٢٢: كانت سهرة رائعة مع أغاني عظيمة، وامتدت فيها أغنية صوتك يناديني إلى أكثر من ٣٢ دقيقة! ومن اللافت أن جمهور جدة كان أكثر تفاعلًا وصخبًا من جمهور الرياض.

  • حصاد البطاطس: زرعتُ البطاطا في وقت متأخر، لذلك قررت أن يكون الحصاد مبكرًا قبل العيد. لذلك جاءت قطع البطاطا صغيرة. استخدمتها لعمل تشيبس منزلي لذيذ.
  • جمع الأصداف: متعة جديدة اكتشفتها مع ابنتي وزوجي خلال رحلتنا إلى دبي. جمعنا العديد من الأصداف المختلفة، واستمتعنا بالبحث عنها ثم بمقارنتها ببعضها البعض.
  • عطر من بانثير- كارتييه: هدية فاخرة بدأت في استخدامها خلال فترة العيد.

مشتريات:

  • ماسكرا من لوريال: ممتازة من آيهرب. بتوصية من الصديقة منى.
  • كوب قهوة: من متجر سادة

    أليس جميلًا؟ أفكر في طلب الألوان الأخرى.

    نلقاكم في تدوينة قادمة بإذن الله!

مجلات ميكي وماجد

 

”يمكننا القول إن تزجية أوقات الفراغ في الطفولة السعيدة تتلخص في قراءة مجلات ميكي وماجد، ومشاهدة أفلام الكرتون، وتناول آيسكريم كرز بالفانيليا“. 

مجلة ماجد 

في طفولتي، كانت أمي تبتاع لنا مجلات ميكي المصرية -وأعني بالمصرية، التي تصدر من مصر- وكانت المجلات تُباع بشكل غير منتظم، أي أنك تستطيع أن تشتري مجلدات بتواريخ قديمة وجديدة. وكانت أمي في بعض الأحيان تشتري لنا مجلة ماجد. وعندما علمتُ بأن مجلة ماجد تصدر بانتظام كل يوم أربعاء وسعرها ٤ ريالات، ادّخرت من مصروفي اليومي- ٣ ريالات- ريالًا واحدًا كل يوم حتى أتمكن من شراء المجلة يوم الأربعاء. كنتُ أعطي السائق ٤ ريالات فيذهب إلى بقالة (ميد) ويشتري لي المجلة. كانت فرحة الانتظار جميلة وكأنني أترقّب مسلسلي المفضل. اقرأ المجلة من الغلاف للغلاف، واحرص على قراءة مشاركات الأصدقاء كما القصص. كنت أحب حكايات شمسة ودانة اللتين كانتا تسكنان جزيرة لوحدهما مع السلحفاة سلمى، والصقر منصور. كانت دانة تحب الرسم والفنون:

أما شمسة فكانت تحب الطبخ:

وهنا تتعلم دانة استخدام الكمبيوتر لأنها ستكون في حالة تخلف إذا لم تستعد وتتعلم، تمامًا كما الدعوات إلى تعلم البرمجة في هذا الوقت:

كنت أدخل في تحدي مع نفسي وأنا اقرأ القصص لأبحث عن فضولي، ثم أشارك بقلمي في حل الكلمات المتقاطعة. كانت مجلة ماجد تقطع لنا وقت فراغنا في أيام كانت مسلسلات الكرتون محددة بوقت العصر. 

مع ذلك، كنتُ أفضّل كثيرًا مجلات ميكي المصرية عليها. ففي قصص بطوط وأبناء أخيه الثلاثة والعم دهب وكل عائلة البط من الإبداع والمرح ما يجعلني أقرأ القصة الواحدة مرات عديدة من حين إلى آخر. وكنتُ في طفولتي أتمنى أن أعيش في مدينة البط 🙂
وبينما كان والدي رحمه الله وأمي يجدان في مجلات ميكي وماجد مضيعة للوقت، كنتُ أحاول أن أشرح لهما بأنني بالفعل استفدتُ الكثير من هذه المجلات. ففي سن صغيرة، عرفتُ من خلال هذه القصص وحدها معالم وأماكن حقيقية مثل ماتشو بيتشو والأهرامات الثلاثة وبرج بيزا المايل وبركان فيزوف في إيطاليا -والتي كانت الساحرة سونيا ترغب في رمي قرش الحظ فيه- وتعرفتُ من خلال مغامرات عم دهب والكشّافة على المومياءات المتحنطة وأشخاصًا مثل الكسندر جراهام بل -عندما كان بندق يمثله- ودافنشي وغيرهم، وأمورًا أخرى كثيرة من تجارب الحياة، هذا غير أن مشاركات الأصدقاء كانت تحوي على الكثير من المعلومات التاريخية والعلمية، ثم أنها جعلتني أحب القراءة. 

هنا مثلًا قصة لأنطوان تشيخوف باسم موت موظف (أو الرجل الذي عطس مرتين)

أما هنا فقصة مستوحاة من الليلة الثانية عشر لشكسبير كما أعتقد:

وهنا قصة جميلة عن أهمية القراءة والكتابة:
وقصة حقيقية دارت أحداثها في ليبيا أيام الإحتلال الإيطالي لها:

ثم قصص مثل هذه تجعلك تحرص على إدراك طبيعة الأشخاص من حولك:

ثم انظروا كيف كانت تجعلنا مجلة ماجد على اطلاع مع أخبار العالم، هنا بعض من أخبار مونديال كأس العالم ١٩٩٤:

مجلة ميكي الإماراتية

في يوم من الأيام، دخلت أمي علينا بالعدد الأول أو الثاني من مجلة ميكي قائلة أنها مجلة جديدة الإصدار من الإمارات. كم سعرها؟ ٦ ريالات! كان سعر مجلة ماجد ٤ ريالات فقط. أما القصص فقليلة، وكانت الصفحة الواحدة تحتوي على مربعات كبيرة من الحوارات وبالتالي عددها قليل (بينما الإصدار المصري يحتوي على مربعات أكثر في الصفحة الواحدة). أُعجبت بالمجلة لأن الورق كان فاخرًا وملونًا، بينما الإصدار المصري كان يحتوي على صفحتين ملونة وصفحتين بالأبيض والأسود وهكذا. أما بعض الشخصيات فقد تغيّرت أسمائها، فزيزي أصبحت بطوطة، وسوسو ولولو وتوتو أصبحوا كركور وفرفور وزرزور، وميمي أصبحت ميني. لا بأس. صرتُ اقرأ المجلة من الغلاف للغلاف، حتى كلمة مديرة التحرير نجوى آل رحمة.

مع مرور الأيام أصبحت المجلة ب٧ ريالات، ومع النجاح الذي حققته هذه المجلة في الخليج، أصبحت هناك إصدارات عديدة مثل إجازة مع ميكي، ومدينة البط (التي كانت تحتوي فقط على قصص البط مثل بطوط والعم دهب مع عصابة القناع وزيزي ومحظوظ وعبقرينو)، والتي كانت ب٢٠ ريالًا! يُرجى الملاحظة أن المجلات مثل سيدتي في ذلك الوقت كان سعرها ١٠ ريالات فقط، وكانت مجلة “هي” والتي تُعتبر مجلة تتحدث عن آخر أخبار الأزياء الفاخرة تصدر مرة في الشهر ب٣٠ ريالًا. 

مجلة ميكي المصرية

أحببتُ الإصدارات القديمة من مجلة ميكي المصرية، والتي كانت تحتوي على قصص مطولة. أما قصصها فالكثير منها كان الحوار فيه يدور بالفصحى مع إدخال اللهجة المصرية أحيانًا، فكانت الحوارات “خفيفة دم” للغاية.

هنا بطوط مع جاره:

 وهنا مع زيزي:


مع زيزي مرة أخرى:

ومن خلال القصص كانت تُغنّى الأغاني المصرية مثل يا ليلة العيد آنستينا لأم كلثوم:

غني لي شوية شوية لأم كلثوم، وزوروني في السنة المرة لفيروز: 
 

وهنا أبو حنفي يُغني أهواك وأتمنى لو أنساك لعبدالحليم حافظ

ياوردة الحب الصافي لمحمد عبدالوهاب:

أثّرت هذه القصص على نجلاء الصغيرة بالطبع، هنا تدوينة (مذكراتي العزيزة..) والتي أقتبستها من زيزي عندما كانت تكتب يومياتها:

كنت أتأمل صور اللوحات الفنية الموجودة في صفحات مجلات ميكي وماجد، ولم أدرك أنني سوف أشاهد بعضها على الطبيعة يومًا، هنا مثال للوحة أوجست رينوار:


 

وهنا اللوحة الأصلية في متحف الفن في شيكاغو:

وأنتم.. هل كنتم محظوظون وقرأتم مجلات ميكي وماجد؟ حدثوني في التعليقات عن شخصياتكم وقصصكم المفضلة.

مخرج – تدوينات سابقة تتحدث عن مجلات ميكي وماجد وتأثيرها على نجلاء الصغيرة:
كتابي الأول
كم بيضًا للحمام؟
ما الذي تريد أن تراه في منامك؟ 
لستُ صغيرة 

 

 

فنظر نظرة في النجوم

The Starry Night by Vincent van Gogh – لوحة ليلة النجوم، فان جوخ

في طفولتي، وبعد أن يعتريني التعب من اللعب في حوش المنزل أثناء المساء، كنت أتمدد على ظهري فوق الأرجوحة الطويلة، وأتأمل السماء. كان منظر النجوم اللامعة القليلة يبهرني. وكنت أجد هذا التأمل مشهدًا مقدسًا، حتى شاهدت تيمون وبومبا في فيلم الأسد الملك وهما يتأملان السماء المرصعة بالنجوم مع سيمبا:

– تيمون؟
– ايوا؟
– عمرك في مرة فكرت النقط المنورة اللي فوق دي تطلع إيه؟
– بومبا، أنا مابفكرش .. أنا عارف!
– طيب يطلعوا إيه؟

– دبان منور! دبان منور لازق في السجادة الزرقا اللي فوق ديه!
– عجبي .. دانا كنت زي انا ماحسبها كور غاز مولعة على بعد بلاييين الأميال!

كنت أتمنى أن أشاهد نجومًا كثيرة مثل تيمون وبومبا. لكنني تعلمتُ لاحقًا أن العيش في المدينة يحجب نور النجوم عنّا. سافرتُ بعد سنوات طويلة إلى إحدى جزر هاواي، وفي طريق السيارة في المساء في العتمة، نظرت إلى السماء فتعجبت من المنظر المهيب للسماء المتزينة بالنجوم.. سجادة زرقاء وكور غاز مولعة.

ما زلت أجدُ ذلك المنظر في ذاكرتي مهيبًا، ومع أنني سكنتُ الرياض منذ أكثر من ٣ سنوات إلا أنه لم تواتني فرصة الذهاب إلى البر بعيدًا عن أضواء المدينة حتى أشاهد النجوم الكثيرة مرة أخرى. 

نجد أن تأمل النجوم في السماء هو أمر شائع في الروايات العظيمة. وأنا هنا بصدد الحديث عن روايتين، البؤساء والحرب والسلم. ففي رواية البؤساء، نلاحظ أن جان فالجان قد رافقته النجوم منذ بداية البؤساء إلى نهايتها. وفي الحرب والسلم، نجد أن النجوم كثيرًا ما تطل علينا في أرض المعركة.

 لكن متى استخدم كلا من فيكتور هوغو وتولستوي مشهد التأمل في السماء والنجوم؟ 

١- كدليل على الحكمة من خلال التعبد لله والتأمل في ملكوته: انظروا كيف وصف فيكتور هوغو تأمل الأسقف في السماء بكلماته البديعة:
كان يجلس على مقعد خشبي مسند إلى عريشة مكسورة، وينظر إلى النجوم من خلال أشباح شجراته المثمرة.. وأي شيء أكثر من هذا كان يحتاج إليه ذلك الرجل العجوز الذي وزع ساعات فراغه بين البستنة في النهار، والتأمل في الليل؟ ألم تكن هذه الحظيرة الضيقة التي تؤلف السماوات سمكها، كافية لأن تمكنه من عبادة الله بالتناوب في مبتدعاته الأكثر جمالا وفي مخلوقاته الأكثر سموًا؟ أليس هذا كل شيء في الواقع؟ وأي شيء يُبتغى وراء ذلك؟ جُنينة يتمشى خلالها، وفضاء يتأمل فيه. فعند قدميه شيء يمكن أن يُزرع ويُجنى وفوق رأسه شيء يمكن أن يُدرس ويُطلق سرح التأمل فيه، بضع زهرات على الأرض، وجميع الكواكب في السماء.

وعندما أصبح ماريوس رجلًا، تأمل السماء:
”إنه يتأمل السماء، والمدى، والنجوم..“.

٢- عند التشاؤم والخوف والصراع مع الأفكار: خاصة في البؤساء، فعندما كانت الشخصية تنظر إلى السماء ولا تجد النجوم فهذا نذير شؤم. انظروا إلى جان فالجان كيف كانت نفسه مضطربة عندما كانت تغيب النجوم عنه. طرق في بداية الرواية باب الأسقف ليسأله المبيت قائلًا له:
ثم مضيتُ إلى الحقول كي أنام تحت النجوم، فلم يكن ثمة نجوم.

وعندما كان جان فالجان يتصارع مع أفكاره:
“كان دماغه يغلي. لقد مضى إلى النافذة، ففتحها على مصراعيها، لم يكن ثمة نجم واحد في السماء“.

وفي فصل آخر يليه ”ونهض، ومضى إلى النافذة، كانت السماء لا تزال عاطلة عن النجوم“.

وعندما غابت النجوم من سماء باريس قال فيكتور هوغو:
”لقد حجب النجوم سقف من السحب، ولم تكن السماء غير عمق مشؤوم“.

وفي فصل ”نظرة بوم على باريس“ تختفي النجوم:

كانت النجوم قد اختفت، وكانت سحب ثقيلة قد ملأت الأفق كله بطياتها الكئيبة.

٣- عند الحب! يتأمل المُحب السماء كثيرًا. ففي رواية الحرب والسلم، وبعد أن خرج بيير من عند ناتاشا، تأمل السماء في لحظة وجود مذنب ١٨١٢:

 كان الجو جميلا وبارداً. ومن فوق الشوارع القذرة العاتمة، انبسطت سماء مزدانة بالنجوم. لم يكن بيير يحس بالدناءة المخزية للأمور الأرضية بالقياس إلى الأعالي التي كانت ترفرف فيها روحه إلا حين ينظر إلى هذه السماء. وبينما كان يدلف إلى ساحات الأربات، انكشفت لعينيه مساحة عريضة من السماء المنجمة..

وكذلك ماريوس في البؤساء:
وذات ليلة، كان وحده في غرفته الصغيرة القائمة تحت السطح.. وكان يقرأ متكئًا على طاولته إلى جانب النافذة المفتوحة. أي مشهد هو الليل! نحن نسمع أصواتًا مبهمة لسنا ندري من أين تقبل. نحن نرى جوبيتير وهو أكبر من الأرض ألفا ومئتي مرة يتلمع مثل جمرة. القبة السماوية زرقاء، النجوم تتلألأ، ذلك شيء مخيف!

وفي موضع آخر:
”لم تكن السماء في أيما وقت مضى أحفل بالنجوم ولا أكثر فتنة“.

٤- مع الأمل. فالأمل كالنجوم في الأدب، وعند فيكتور هوغو أيضًا:

”كانت هذه النجوم قد أحدثت تألقات صغيرة لا سبيل إلى إدراكها في الفضاء الرحب. كان المساء ينشر فوق رأس جان فالجان جميع ملاطفات اللانهاية“.

وعند تولستوي، عندما تأمل نابليون السماء في أرض المعركة على هضبة بولكونايا:

 ”وتصبح الليالي أكثر دفئًا، وتهوي من المساء في هذه الليالي الحالكة الدافئة، النجوم الذهبية التي تبعث الخوف والفرح“.

وعندما دخل بيير السجن “التمعت في السماء نجوم مضيئة..“

وعندما كان بيتيا في أرض المعركة:
”نظر إلى السماء. كانت السماء أيضًا مسحورة كالأرض، وقد أخذت تنجلي. وكانت الغيوم أيضًا تركض مسرعة كأنها تريد أن تكشف عن النجوم..“.

وكذلك ”كانت النجوم ترتع في السماء كأنها علمت أن لن يراها أحد، وكانت وهي تبرق حينًا وتخبو حينًا آخر وتتلألأ في كثير من الأحيان، إنما تتحدث فيما بينها هامسة بشدة عن أمر مفرح لكنه خفي“.

٥- عند الموت. فكما قلنا قبل ذلك، أن جان فالجان رافقته النجوم منذ بداية الرواية، وحتى نهايتها. فعندما مات كتب فيكتور هوغو:

”كان الليل عاطلًا من النجوم، وكان دامسًا..“.

مخرج:
– وأنتم هل تتأملون السماء المزينة بالنجوم؟ يقول ماركوس أوريليوس في التأملات: ”تأمل مسارات النجوم كما لو أنك تسير معها حيث تسير، وتأمل دومًا تحولات العناصر بعضها إلى بعض. جديرة هذه التأملات أن تغسل عنك أدران الحياة الأرضية“.

ـ توصية: رواية الأمير الصغير لأنطوان دو سان إكزوبيري “النجوم.. هذه الأشياء الصغيرة المذهبة التي تُغري الكسالى بالأحلام!”. 

قولي لي ما الذي بداخل حقيبتكِ أقول لكِ من أنتِ

 

@EMMAKISSTINA

كنتُ أتملل لصديقتي من الثقل الذي أحمله على ظهري بسبب حقيبتي الممتلئة، حتى سألتني: لِم علينا أن نحمل الحقائب مع وجود الجيوب في الملابس؟ لا أدري لكنني أحتاج حقًا إلى كل هذا الذي وضعته في الحقيبة. 

تاريخ:

بحثتُ عن تاريخ الحقائب فوجدتُ أنه لم يكن هناك أي جيوب في الملابس، وأنها ظهرت للرجال أولًا وقد توافقت مع تصميم ملابسهم. أما النساء فقد كانت الجيوب مخفية بداخل التنانير المنتفخة والفساتين إلى أن ظهرت الحقائب اليدوية.

أصبحت الحقائب من الاكسسوارات النسائية المهمة والتي تُضيف بعض الجمال أو الكثير منه إلى منظر حاملتها، وقد تعدُ غرضًا يُستدل به على الحالة المادية لصاحبتها، أو قد تكون أيقونة للسلطة مثل مارجريت ثاتشر التي أصبحت كلمة حقيبة اليد فِعلًا في اللغة الإنجليزية to handbag وأُضيفت إلى قاموس أكسفورد، وتعني الجدال بقوة حتى يفعل الشخص الذي أمامك ما تريده. وقد قالت ثاتشر ذات مرة ”أنا عنيدة في حماية حرياتنا وسلطتنا، ولذلك أحمل حقيبة كبيرة“. 

وفي ذات البلد، تحمل الملكة إليزابيث حقائبها من ماركة لونر البريطانية Launer منذ سنوات طويلة والتي قيل أنها تستخدمها لإرسال إشارات سرية إلى من حولها لمعاونتها، فإذا كانت تتناول العشاء ووضعت الحقيبة على الطاولة، فهذا يعني أنها تريد الإنتهاء من الحدث أو الحفلة في أقرب وقت. يُقال أنها تمتلك أكثر من ٢٠٠ حقيبة من لونر، وقيمة الحقيبة الواحدة تتجاوز ٨٦٠٠ ريال سعودي.

وبالحديث عن الحقائب، فإن الحقيبة النسائية الأشهر حول العالم صُممت عندما التقى الرئيس التنفيذي لشركة إرميز جان دوماس بالممثلة الفرنسية جين بيركن بجانبه في الطائرة في الثمانينات الميلادية حيث كانت تحمل سلة قش ووقعت منها فتناثرت أغراضها الكثيرة. تذمرت جين واشتكت لجان أنها لم تجد للآن حقيبة كبيرة ملائمة لها، ومنها بدأت حكاية بيركن Birkin من إرميز الفرنسية Hermes. ولم تكن بيركن هي الحقيبة الوحيدة التي سُميت تيمنًا باسم سيدة، بل كان هناك أيضًا ليدي ديور والتي سُميت على الليدي ديانا سبنسر التي كانت تحملها بشكل دائم. وأما حقائب شانيل Flap Bag الشهيرة والتي أتت قبل بيركن ب٣٠ عامًا، فقد صممتها كوكو شانيل لأنها كانت ترى معاناة النساء في حمل الحقائب بأيديهن، فصممت الحقيبة بحيث تكون لها سلسلة طويلة تحملها النساء على أكتافهن، وكانت هذه السلسلة مطلية بالذهب عيار ٢٤ حتى ٢٠٠٨، وكان قفل الشنطة مربع الشكل إلى أن جاء المصمم الشهير كارل لاغرفيلد ووضع حرفي سي CC عكس بعضهما (من اسم كوكو شانيل Coco Chanel) على قفل الشنطة فأصبحت أيقونة. 

ماذا تحملن بداخل حقائبكن؟

أما زميلتي فقد كانت ممتنة للغاية للمصمم الذي نشر ثقافة الجيوب في العبائات النسائية، لأنها قد تخلت عن حمل الحقيبة على حد كلامها ”أحتاج إلى جوالي فقط وكم بطاقة“. لا أدري إن كانت قد تخلت عن البطاقات أيضًا بعد أن أصبحت الكترونية. جوال وبطاقات، وأنتن، ماذا تحملن في حقائبكن؟

هنا قائمة بالأغراض الأكثر شيوعًا والتي تحملها النساء في حقائبهن، وقد وضعتُ أمام كل غرض التفسير الخاص به. تجدر الإشارة أن هذه القائمة صُممت لغرض المرح والتسلية وليست مبنية على دراسات أو حقائق:

مساحيق التجميل – كريم يدين – مرطب شفاه- عطر- مشط:
تهتمين بجمالك وتقدرين مظهرك أمام الناس

Photo credit: James Whatling 

قارورة ماء – كريم واقٍ من الشمس – نظارة شمسية- فرشاة ومعجون أسنان:
تهتمين بصحتك فهي من الأولويات لديكِ.

شاحن جوال – شاحن متنقل:
قد تكونين أمًا مهتمة بتتبع أحوال أطفالها وهي خارج المنزل، أو قد يتطلب عملك ساعات طويلة تقضينها بالخارج، أو قد تكونين من الأشخاص المصابين بالفومو (أو حالة الخوف من فوات الشيء). أو بعيدًا عن كل هذه الأسباب، جوالك مستهلك تنفد بطاريته بسرعة. 

علكة أو حلاوة نعناع – عطر- سماعات جوال:
شخص يهتم بالآخرين من حوله، شكرًا لكِ.

دفتر وقلم أو ألوان- كاميرا احترافية:
هناك فنان (كاتب، مصمم، رسام، مصور..الخ) بداخلك، فتحرصين على التقاط الفن أو تدوينه كلما سنحت لك الفرصة.

مروحة يدوية أو الكترونية – بخاخ ماء- نظارة شمسية- كريم واقٍِِ من الشمس:
تكرهين الحر وتشعرين بآثاره على وجهك ونفسيتك أولًا.

بخاخ كحولي معقم – مناديل معقمة- ملعقة أو شوكة بلاستيكية أو ورقية:
تهتمين بالنظافة للغاية. قد تكونين موسوسة، أو مازلتِ تعانين من الآثار النفسية لكورونا إلى الآن.

كتاب – سماعات الجوال:
تفكرين دائمًا في أوقات الفراغ أو الملل وكيف تستغلينها بشكل جيد.

نظارات قراءة: 
سيدة جميلة تجاوزتِ ال٤٠ وأنتِ هنا تقرأين تدوينتي، ممتنة لكِ للغاية.

كاتشاب- ملح:
متذوقة جيدة للطعام ولا تريدين أن يُنغص عليكِ نقصان مكون ما في الطبق. هنا خلود عولقي وهي تستعرض الملح الذي تحمله معها في حقيبتها بشكل دائم:

جميع ما سبق: 
شخص منظم للغاية ولكن دائم التوتر بسبب التنظيم، لذلك أنتِ قلقة من أن تحتاجي إلى شيء ما في وقت ما ولا تجدينه.

حقائب الأديبات:

بحثتُ في قوقل عن الشنط التي تحملها بعض الكاتبات ولاحظتُ أن أغلبهن يقتنين الشنط السوداء، هنا بعضها:

مارقريت آتوود، الأديبة الكندية صاحبة رواية The Handmaid’s Tale أو حكاية الأمة التي أصبحت مسلسلًا: قرأتُ أنها تحمل حقيبتها معها دائمًا حتى وإن ارتقت منصات التكريم لأنها فقدت جواز سفرها (أو قد سُرقت) من حقيبتها ذات مرة.

جي كي رولينغ، مؤلفة سلسلة هاري بوتر: مرة أخرى، حقيبة سوداء كبيرة. لدى رولينغ حقائب كثيرة (بالطبع ثروتها أكبر من الملكة إليزابيث) لكنني اخترت هذه الحقيبة السوداء.

سيمون دو بوفوار- الكاتبة الفيلسوفة الفرنسية الوجودية: مرة أخرى، شنطة سوداء كبيرة. 

إلف شفق المؤلفة التركية صاحبة قواعد العشق الأربعون: كما تلاحظون، شنطة سوداء كبيرة.

أليس مونرو- الكندية كاتبة القصص القصيرة، والحائزة على جائزة نوبل في الأدب: يظهر أنها تحمل حقيبة سوداء، تقف بجانب مارقريت آتوود التي تحمل حقيبة سهرة نصف سوداء. 

Mandatory Credit: Photo by Diane Bondareff

سوزان سونتاغ- المصورة والكاتبة الأمريكية مع ابنها: تحمل حقيبة جلدية سوداء وكبيرة. 

(Photo By: Bill Meurer/NY Daily News via Getty Images)

هل هناك حقيبة تنصحن بها؟
تختلف حقائبنا بسبب اختلاف الأذواق والاحتياجات التفضيلات الشخصية وكذلك حسب إمكانياتنا المادية والأمكنة التي نرتادها بشكل دائم. إلا أن هناك شنطة عملية -لغير المناسبات- أنصح الجميع باقتنائها، وهي شنطة لوبلياج من لونق شامب الفرنسية Le Pliage/ Longchamp. لماذا؟ كبيرة وواسعة، هذا يعني أنها تحمل جميع احتياجاتك كطالبة تحمل اللاب توب، أو موظفة أو أم تحمل أغراض طفلها، أو مُسافرة، وتستطعين استخدام المنظم بداخلها. مقاومة للماء، تستطيعين اصطحابها معكِ في يوم ماطر-وكأننا نشتكي من كثرة الأمطار-، أو عند الشاطئ. خفيفة لا تشعرين بها. وسهلة التخزين لأنها قابلة للطي كالورقة (هذا معنى اسمها بالفرنسية). تصميمها كلاسيكي يدوم، ظهرت الشنطة في التسعينات الميلادية، وألوانها متعددة. فرنسية الصنع كما الاسم، أي أنها لاتُصنّع خارج البلد في تركيا وغيرها مثل بعض شنط ميوميو وبرادا وملبري وأغلب الماركات الأمريكية مثل كوتش. والأهم من ذلك سعرها الذي يتراوح ما بين ٣٠٠-٤٠٠ ريال فقط. هنا تظهر كيت مدلتون وهي تحمل لونق شامب- لديها أنواع مختلفة منها. 

 

 

 

 

 

لماذا يجب عليك أن تقرأ البؤساء؟

طالما لم تُحلّ مشكلات العصر الثلاث: الحطّ من قدر الرجل باستغلال جهده، وتحطيم كرامة المرأة بالجوع، وتقزيم الطفل بالجهل، وما دام الاختناق الاجتماعي لا يزال موجودًا في بعض البقاع ، وبكلمة أعم، ما دام على ظهر الأرض جهل وبؤس، تكون هناك حاجة إلى كتب من هذا النوع.  – فيكتور هوغو عن البؤساء

تأخرتُ كثيرًا في كتابة هذه التدوينة، وبقيت لفترة طويلة في المسودة. ترددتُ لأنني قد لا أُعطي أسبابًا منطقية لأكتب تدوينة مناسبة تُلائم عظمة رواية البؤساء. لاحظت أن قليلًا من الناس قد قرأوا الرواية كاملة بأجزائها الخمسة مقارنة بمن قرأ الحرب والسلم أو الروايات الروسية الأخرى، وأنا هنا لأشجعكم على قراءة الرواية. أُهدي هذه التدوينة للصديقة لمياء والتي تشاركني حب البؤساء. 

لماذا يجب عليك أن تقرأ البؤساء؟ هنا ٦ أسباب من وجهة نظر شخصية:

١- لأنها أعظم رواية قرأتها في حياتي:
رواية البؤساء أعظم رواية قرأتها حتى الآن، بل أعتقد جازمة أنني لن أقرأ رواية مستقبلًا ستنافسها في العظمة. حتى الحرب والسلم التي يتغنى بها كثيرون ليست كالبؤساء. تولستوي نفسه تأثر بفيكتور هوغو خاصة فيما يتعلق بجزئية الحرب مع نابليون، وقد وضع رواية البؤساء في قائمة الكتب التي يجب أن تُقرأ في حياة المرء وعدّها رواية ”هائلة“.

٢- لأنها تجعلك تُدرك أن هناك منطقة رمادية في الحياة:

تعلمنا في الصغر أن مفاهيم الحياة تقع فقط في منطقة واحدة، إما سوداء أو بيضاء. لها تصنيف واحد إما مقبول أو مرفوض. لها جانب واحد إما خير أو شر. لكن بعد أن تقرأ البؤساء ستدرك جيدًا أن هناك منطقة في المنتصف يصعب عليك تصنيفها لأننا في الأصل كائنات معقدة، بالكاد نفهم أنفسنا، فكيف نفهم غيرنا وندرك شخصياتهم التي تشكلت بسبب المواقف التي تعرضوا لها. لم يُدرك المفتش جافير وجود هذه المنطقة إلا في النهاية، وإدراكه لها جعلته في صراع لم يستطع بعدها أن يسّلم بوجودها فاختار نهايته.

٣- حتى تشعر بالبؤساء: 

هناك العديد من المشاعر التي لا نستطيع اختبارها وتجربتها خاصة في سن صغيرة وبالتالي لا نستطيع أن نتعاطف مع من يحملها أو قد نستخف بهم لجهلنا بها. وفي عالم تحكمه علوم المادة تقدم لنا الروايات الممتازة حلّا لذلك. إذا قرأت هذه الرواية ستخرج من ذاتك الأنانية وستتعرض لأفكار غير مريحة وسترتحل مع البؤساء لتغوص في أعماقهم وسوف تصبح حتمًا أكثر تعاطفًا مع الآخرين. ستتعرف في البؤساء ما الذي يعنيه أن تكون فقيرًا ومنبوذًا، أو فاقدًا للحرية، وستدرك معاني البطولة والحرية وتضحية الأمومة والحب والجشع والتسامح مع الآخرين.

٤- لأن جان فالجان هو البطل:

إن قدرة فيكتور هوغو على تصوير شخصية البطل – الأكثر بؤسًا في هذه الرواية- ورحلته والأخطاء التي ارتكبها والتغييرات التي طرأت عليه وصراعاته الداخلية بين حين وآخر بشكل تستطيع أن تشعر به وكأنه أمامك من خلال الكلمات فقط هي قدرة عظيمة ما يُلقّاها إلا راوٍ عظيم. تدور شخصية جان فالجان بشكل أساسي حول الحب والغفران والتضحية، وهذه مقومات تجعل من بطل الرواية شخصية لا تُنسى. كلنا نخطئ في البدايات، لكن هل نكفر عن أخطاءنا ونغفر لمن أساء لنا ونعيش بالحب والتضحية؟ هناك عدد من الشخصيات الجميلة في هذه الرواية، لكن شخصية جان فالجان هي التي تطغى عليهم وستتذكرها عندما تقرأ روايات أخرى. يختصر جان فالجان حياته وهو يحتضر فيقول ”الموتُ ليس شيئًا، الشيء الرهيب هو أن تعيش“.

٥- لأن الرواية أفضل من الفيلم بمراحل:

شاهدتُ فيلم البؤساء المُوسيقي من بطولة هيو جاكمان وآنا هاثواي ورسل كرو، وشاهدتُ المسلسل الجميل الذي أنتجته البي بي سي. وقرأتُ قبل ذلك الرواية في صغري لكن مقصوصة بترجمة غير كاملة، أي أنني أعرف القصة جيدًا، لكن مع ذلك عندما قرأتها كاملة ذُهلت من عظمتها وكيف أنها هي ”الرواية“ وما سواها قصص وحكايات. 

٦- لأن الرواية تدور حول الحب:

موضوع الرواية الأساسي يدور حول الحب والإحسان إلى الغير، وكيف أنهما يغيران كثيرًا من حياة الناس ويقلبان الأعداء إلى أصدقاء وأولياء.
(ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)
يخرج البطل من الظلمات إلى النور بسبب فِعل الأسقف المُحب. ويرتد كلا من جافير وتينيارديه إلى الظلمات بسبب امتناعهما عن الحب والغفران. 

قرأتُ الرواية بترجمة منير بعلبكي، وهي ترجمة عظيمة وكاملة. أنوي قراءتها مستقبلًا بترجمة زياد العودة إذا انتهى من ترجمتها (ترجم للآن ٤ أجزاء من ٥). اقرؤوها! 

تدوينة مشابهة:
لماذا يجب عليك أن تقرأ دون كيخوته؟

كيفن كيلي في عمر السبعين: نصائح وددتُ لو أنني أعرفها عندما كنت صغيرًا

By Jeffrey Phillips

كيفن كيلي

اليوم هو عيد ميلادي. بلغتُ السبعين عامًا. تعلمتُ حتى الآن أمورًا قليلة من الممكن أن تكون مفيدة للبعض. وعلى مدار الأعوام الأخيرة، وضعتُ عددًا من النصائح في كل عام، ولكني فوجئت أنني أضفت المزيد منها لهذا العام. هذه هدية عيد ميلادي لكم جميعًا: ١٠٣ جزءًا من الحكمة وددتُ لو أنني أعرفها عندما كنت صغيرًا: 

١- نحو ٩٩٪ من الوقت، يكون الوقت المناسب هو الآن. 

٢- ليس هناك شخص معجب بممتلكاتك مثلك. 

٣- لا تعمل عند شخص لا ترغب في أن تكون مثله. 

٤- ارع ١٢ شخصًا يحبونك، لأنهم يساوون أكثر من ١٢ مليون شخصًا معجبًا بك.

٥- انتبه من تكرار نفس الأخطاء، وارتكب أخطاء جديدة.

٦- إذا توقفت للاستماع إلى مُوسيقي أو عازف في الشارع لأكثر من دقيقة، فأنت مدين لهم بدولار. 

٧- أي جملة تقولها قبل كلمة ”لكن“ لا تُحتسب.

٨- عندما تسامح الآخرين قد لا يلاحظون ذلك، لكنك سوف تتشافى. إن الغفران ليس أمرًا نفعله من أجل الآخرين، وإنما هو بالأحرى هدية لأنفسنا.

٩- لا تكلف المجاملة شيئًا. أرخِ غطاء المرحاض بعد الإستخدام. دع الناس في المصعد يخرجون قبل أن تدخل. أرجِع عربة التسوق إلى مكانها. وعندما تستعير شيئًا، أعده بشكل أفضل مما كان عندما حصلت عليه، ممتلئًا ونظيفًا.

١٠- عندما تجد نفسك في جدالٍ بين طرفين، فكن الطرف الثالث. 

١١- الكفاءة  أمر مبالغ فيه، أما الإهمال فهو أمر مستخف به. إن الإجازات والعطل وأيام نهاية الأسبوع والمشي بلا هدف والفراغ كلها مهمة لتحقيق أفضل أداء في أي نوع كان. تتطلب أفضل أخلاقيات العمل آداب راحة جيدة.

١٢- عندما تصبح قائدًا، فإن مهمتك الحقيقية هي أن تخلق المزيد من القادة، لا المزيد من الأتباع. 

١٣- انتقد في السر، وامدح في العلانية.

١٤- ستُعرض عليك دروس الحياة بالترتيب المطلوب. كل ما تحتاجه هو أنك تتُقن الدرس الذي بداخلك. عندما تتعلم الدرس بصدق، سيُعرض عليك درسًا آخر. إذا كنت حيًا فهذا يعني أن هناك المزيد من الدروس لتتعلمها.

١٥- إنه واجب على التلميذ أن يستخرج كل شيء من المعلم، وعلى المعلم أن يستخرج كل شيء من الطالب. 

١٦- إذا كان الفوز مهمًا للغاية في لعبة ما، فغيّر القوانين حتى تصبح اللعبة أكثر مرحًا. قد تتغير اللعبة بتغيير القوانين.

١٧- اطلب المال من الممولين وسوف يقدمون لك نصيحة، لكن اطلب النصيحة وسيقدمون لك المال. 

١٨-  إن الإنتاجية قد تكون مشتتة، فلا تسعَ نحو الطرق الأسرع لإنهاء مهامك، ولكن اسع نحو المهام الأفضل التي لا ترغب في إنهائها. 

١٩- ادفع ما تُدين به فورًا للباعة والعاملين والمقاولين وسوف يبذلون قصارى جهدهم للعمل معك في المرة القادمة. 

٢٠- إن أكبر كذبة نقولها لأنفسنا هي ”لا أحتاج أن أكتب هذا لأنني سأتذكره“.

٢١- إن ازدهارك ككائن مُدرِك يُقاس بعدد الحوارات غير المريحة التي ترغب في إجرائها. 

٢٢- تكلم بثقة وكأنك مُحق، ولكن أنصت بحذر وكأنك مُخطئ. 

٢٣- قياس سهل: إن المسافة بين أطراف أصابعك من ذراعيك الممدوتين عند مستوى الكتف هي طولك. 

٢٤- إن اتساق محاولاتك في التمرين والرفقة والعمل هو أمر أكثر أهمية من الكمية. لا شيء يتفوق على الأمور الصغيرة التي تُنجز كل يوم، والتي هي أكثر أهمية من الأمور التي تنجزها بين حين وآخر.

٢٥-  إن صناعة الفن ليس أمرًا أنانيًا، لأنه لنا نحن البقية. إذا لم تصنع فنك، فأنت تخدعنا. 

٢٦- لا تسأل امرأة مطلقًا عما إذا كانت حامل. دعها تخبرك إذا كانت كذلك. 

٢٧- هناك ثلاثة أشياء تحتاجها: القدرة على عدم التخلي عن شيء ما حتى ينجح، والقدرة على التخلي عن شيء لا ينجح، والثقة في الآخرين الذين يساعدونك على التفريق بين القدرتين. 

٢٨- عندما تتحدث للجمهور، توقف بين الحين والآخر. توقف قبل أن تقول شيئًا بأسلوب جديد، وتوقف بعد أن تقول شيئًا تعتقد أنه مهم، وتوقف للراحة حتى يستوعب المستمعون التفاصيل. 

٢٩- ليس هناك شيء مثل أن تكون ”على الوقت المحدد“. أنت بالأحرى إما أن تكون متأخرًا أو مُبكرًا. القرار بيدك. 

٣٠- اسأل أي شخص تحبه ستجد أن ضربة الحظ حدثت لهم أثناء انعطافهم عن الهدف الأساسي. لذلك اغتنم المنعطفات. إن الحياة ليست خطًا مستقيمًا لكل شخص. 

٣١- أفضل طريقة للحصول على جواب صحيح على الإنترنت هي أن تضع الجواب الخاطئ وتنتظر شخصًا ما أن يصححه لك. 

٣٢- سوف تحصل على نتائج أفضل بعشر مرات إذا عززت السلوك الجيد بدلًا من أن تعاقب السلوك السيء، خاصة في الأطفال والحيوانات. 

٣٣- استغرق وقتًا في صياغة عنوان الإيميل كما تستغرق وقتك في كتابة الإيميل ذاته، لأن العنوان هو السطر الوحيد الذي يقرأه الناس غالبًا.

٣٤-  لا تتنظر هدوء العاصفة، وارقص تحت المطر.

٣٥- عندما ترغب في التحقق من مراجع أحد المتقدمين للوظيفة، قد يتردد أصحاب العمل  أو يحظر عليهم إخبارك بأي شيء سلبي بشأنهم، لذلك اكتب لهم رسالة تقول فيها ”تواصل معي إذا كنت تعتقد أن المتقدم للوظيفة هو شخص رائع للغاية“، إذا لم يتواصلوا معك فاعتبر أن هناك شيء سلبي. 

٣٦- استخدم البرامج التي تُدير كلمات المرور: لأنها أفضل وأكثر أمانًا وسهولة. 

٣٧- نصف مهارة التعليم هي أن تتعلم ما يمكنك تجاهله.

٣٨- إن فائدة الهدف الطموح الباعث على السخرية هو أنه يضع معايير مرتفعة للغاية حتى إذا فشلت في تحقيقه قد يكون نجاحًا بالمعايير الاعتيادية.

٣٩- إن الطريقة المثلى لفهم نفسك هو أن تتفكر بجدية في الأمور التي تزعجك في الآخرين.

٤٠- اجعل أغراضك في غرفة الفندق واضحة أمامك، ولا تضعها في الأدراج، لكن في مكان واحد. بهذه الطريقة لن تنسى غرضًا واحدًا. إذا احتجت أن تستخدم شاحنًا لجهازك في أحد زوايا الغرفة، فضع بجانبه غرضين كبيرين. لأن احتمالية نسيانك ل٣ أغراض هي احتمالية ضئيلة.

٤١- إنكار المجاملة أو تجاهلها هو أمر قبيح. اقبلها مع الشكر حتى وإن كنت تعتقد أنك لا تستحقها. 

٤٢- اقرأ دائمًا اللوحة المعلقة بجانب النصب التذكاري. 

٤٣- عندما تنجح في بعض الأمور، فإن الشعور بأنك دجّال قد يكون حقيقيًا. ”من أخدع؟“ ولكن عندما تصنع أمورًا بمواهبك الفريدة وبخبرتك ولا يستطيع أحد غيرك صنعها، عندها لن تكون دجالًا على الإطلاق، بل شخص قد ترقى ترقية كهنوتية. إنه من واجبك أن تعمل على أمور لا يستطيع فعلها إلا أنت.

٤٤- ما تفعله في أيامك السيئة مهم أكثر مما تفعله في أيامك الجيدة. 

٤٥-  اصنع أشياء تصبح جيدة لأن يمتلكها الناس. 

٤٦- عندما تفتح علبة طلاء حتى وإن كانت فتحة صغيرة، فسوف تجد طريقها إلى ملابسك. لذلك ارتدِ ملابس مخصصة لها.

٤٧- لتجعل أطفالك مهذبين في رحلة بالسيارة، احمل معك كيسًا به مفضلاتهم من الحلويات، وارمِ قطعة من الحلوى من النافذة في كل مرة يسيئون التصرف. 

٤٨- لا تستطيع أن تجعل من الأشخاص الأذكياء يعملون بجد من أجل المال فقط.

٤٩- عندما لا تعرف كم تدفع أجرًا لمهمة فعلها شخص ما، اسأله ”كم من المُنصف أن أعطيك؟“ وسوف يجاوبك. 

٥٠- ٩٠٪ من كل شيء هو هراء. إذا ظننت أنك لا تحب الأوبرا، أو الروايات العاطفية، أو التيك توك، أو الأغاني الريفية، أو الأطعمة النباتية، أو NFT، فحاول أن تجد فيها ال١٠٪ والتي ليست هراءً.

٥١- سوف يُحكم عليك من حسن تعاملك مع الأشخاص الذين لا يستطيعون فعل شيء لك. 

٥٢- في العادة نميل إلى تضخيم الشؤون التي نستطيع فعلها في يوم واحد، والاستخفاف بالشؤون التي نستطيع أن نحققها خلال عقد من الزمان. تُنجز الأمور العظيمة إذا بذلت لها ١٠ سنوات. إن اللعبة طويلة الأجل تحتوي على مكاسب صغيرة تتغلب حتى على الأخطاء الكبيرة.

٥٣- اشكر معلمًا غيّر حياتك. 

٥٤- لا تستطيع أن تجعل شخصًا يستنتج فكرة لا يستطيع أن يستنتجها بنفسه. 

٥٥-  أن أفضل وظيفة هي التي لا تكون مؤهلًا لها لأنها سوف ”تمطك“. لذلك قدّم على الوظائف التي لا تكون مؤهلًا لها. 

٥٦- اشترِ كتبًا مستخدمة فهي تحتوي على نفس الكلمات الموجودة في الكتب الجديدة. كذلك هناك المكتبات العامة. 

٥٧- تستطيع أن تكون أي شخص تريده، لذلك كن الشخص الذي يُنهي الاجتماعات مبكرًا.

٥٨- هناك رجل حكيم قال ذات مرة ”قبل أن تتحدث، دع الكلمات تمر عبر ثلاث بوابات. في البوابة الأولى اسأل نفسك ”هل هذا صحيح؟“ وفي البوابة الثانية اسأل نفسك ”هل هذا ضروري؟“ وفي البوابة الثالثة اسأل نفسك ”هل هذا لطيف؟“.

٥٩- اصعد الدرج.

٦٠- ما تدفعه مقابل شيء ما هو أكثر بمرتين من السعر الحقيقي على الأقل، وذلك بسبب المجهود والوقت والمال اللازم لإعداده وكذلك التعلم والصيانة والإصلاح والنشر في النهاية. لا تظهر كل الأسعار على الملصقات. إن التكاليف الفعلية هي أكثر بمرتين من الأسعار المسجلة.

٦١- عندما تصل إلى غرفتك في الفندق، ابحث عن مخرج الطوارئ. لا يستغرق الأمر أكثر من دقيقة. 

٦٢- إن الطريقة المثمرة للإجابة على سؤال ”ما يجب أن أفعله الآن؟“ هو أن تعالج سؤال ” من يجب أن أكون؟“.

٦٣- إن متوسط العوائد على فترة زمنية أعلى من المتوسط تُثمر عن نتائج غير اعتيادية. اشتر وأمسِك. 

٦٤- من المثير أن تكون خلوقًا للغاية مع الغرباء الوقحين.

٦٥- يستطيع الشخص ذو الذكاء المتوسط، والذي يستطيع أن يتواصل مع الناس بشكل جيد، أن ينجز أفضل من الشخص الذكي والذي لا يستطيع أن يتواصل مع الناس. وهذا خبر جيد لأنه من الأسهل بكثير أن تحسّن من مهارات التواصل على أن تحسّن ذكائك.

٦٦-  لا بأس أن تُخدَع من الآخرين من حين إلى آخر، وهذا سعر زهيد مقابل الثقة بأفضل ما في الجميع، لأنك عندما تثق بأفضل ما لديهم فإنهم يعاملونك بشكل أفضل. 

٦٧- الفن هو كل ما يمكنك الإفلات به.

٦٨- من أجل الحصول على أفضل النتائج مع أطفالك، ابذل نصف المال الذي تعتقد أنك يجب أن تصرفه، لكن ابذل ضعف الوقت معهم. 

٦٩- اشتر آخر دليل للسُياح لمدينتك أو منطقتك. سوف تتعلم الكثير من خلال لعب دور السائح مرة في السنة. 

٧٠- لا تنتظر في الطابور لتتناول طبق مشهور، من النادر أن يستحق انتظارك. 

٧١- حتى تكشف بسرعة عن الشخصية الحقيقية لشخص ما قابلته للتو، انقله إلى شبكة إنترنت بطيئة للغاية، ثم راقب. 

٧٢- وصفة شعبية للنجاح: افعل شيئًا غريبًا. اجعل لك عادة من غرائبك. 

٧٣- كن محترفًا. انسخ نسخة احتياطية واحدة على الأقل من النسخة الاحتياطية الخاصة بك. احصل على نسخة احتياطية من كل نسخة احتياطية. كم ستدفع من أجل استعادة كل بياناتك وصورك وملاحظاتك إذا فقدتهم؟ إن النسخ الاحتياطية رخيصة مقارنة بالندم.

٧٤- لا تصدق أي شيء تعتقد أنك تؤمن به. 

٧٥-  من أجل إرسال إشارة طوارئ، استخدم القاعدة الثلاثية: اصرخ ثلاثًا، انفخ في البوق ثلاثًا 3 horn blasts، أو صفّر ثلاثًا. 

٧٦- في المطعم: هل تطلب طبقًا تعلم أنه لذيذ أو تجرب شيئًا جديدًا؟ هل تصنع شيئًا تُدرك جيدًا أنه سيُباع أم تجرب صنع شيء جديد؟ هل تواعد أشخاصًا جدد أم تلتزم بمواعدة شخص تعرفه؟ إن التوازن الأمثل لاستكشاف أمور جديدة مقابل استغلالها بمجرد العثور عليها هو 1/3 هذا يعني:

اقضِ ثلث وقتك في الاستكشاف، وثلثي الوقت في التعمق. إنه من الصعب أن تُكرس وقتك لاستكشاف أمور جديدة مع التقدم في العمر لأنه يبدو أمرًا غير مثمر، لذلك اجعل هدفك هو الثلث. 

٧٧- إن الفرص العظيمة بحق لا تحمل عنوانًا يقول عنها إنها ”فرص عظيمة“.

٧٨- عندما تُقدم إلى شخص ما انظر إلى عينيه وعد إلى ٤، كلاكما سيتذكر الآخر. 

٧٩-  انتبه إذا وجدت نفسك تتسائل ”أين السكين الجيد؟ أو أين قلمي الممتاز؟“ هذا يعني أن لديك سكاكين وأقلام غير جيدة، تخلص منها. 

٨٠- عندما تكون عالقًا، اشرح مشكلتك للآخرين. شرح المشكلة في الغالب سوف يؤدي إلى استعراض الحل. اجعل من ”شرح المشكلة“ جزءًا من نظامك لعملية استشكاف الأخطاء وإصلاحها.

٨١- عندما تشتري خرطوم للحديقة، أو سلك تمديد، أو سلم، فاشتر واحدًا أطول مما تحتاج. سيكون هو الحجم المناسب. 

٨٢- لا تزعج نفسك بمحاربة القديم، ابنِ الجديد. 

٨٣- يستطيع فريقك أن ينجز أمورًا عظيمة تتجاوز إمكانياتك، وهذا ببساطة يكون من خلال إظهار التقدير لمن يستحقه.

٨٤- عندما يخبرك شخص ما عن سنة الذروة في تاريخ البشرية والتي كان كل شيء فيها عظيمًا قبل الانحطاط، سيكون هذا دائمًا في السنوات التي كان فيها عمره ١٠ سنوات- والتي هي ذروة وجود كل بشري.

٨٥- أنت كبير مثلما الأمور التي تجعلك تغضب. 

٨٦- عندما تتحدث إلى الجمهور من الأفضل أن تركز بصرك على مجموعة من الناس بدلًا من أن توزعه على جميع من في الغرفة. إن عينيك سوف تنقل إلى الآخرين ما إذا كنت تؤمن حقًا بما تخبرهم به. 

٨٧- إن العادة هي معتمدة أكثر بكثير من الإلهام. أحرز تقدماتك عن طريق العادات ولا تركز في أن تصبح قويًا. انصب تركيزك على أن تصبح ذلك الشخص الذي لا يفوت أي تمرين. 

٨٨- عندما تتفاوض، لا تستهدف القطعة الأكبر من الكعكة، بل اجعل هدفك أن تخبز كعكة أكبر. 

٨٩-  إذا كررت ما قمت به اليوم ٣٥٦ مرة أخرى، فهل ستكون في المكان الذي ترغب أن تكون فيه العام المقبل؟

٩٠- أنت ترى فقط ٢٪ مما يراه الشخص الآخر، وهو يرى فقط ٢٪ مما تراه أنت. فلتتناغم أنفسكما على ال٩٨٪ المخفية. 

٩١- إن وقتك ومساحتك محدودين. تخلص من الأشياء الموجودة في حياتك والتي لم تعد تثير البهجة حتى تفسح المجال للأشياء المبهجة. 

٩٢- سيحقق أحفادنا أمور مذهلة، ومع ذلك فإن جزء من الذي سيصنعوه كان بالإمكان صنعه بالأدوات والمواد المتاحة اليوم إذا كان لدينا الخيال. فكر بشكل أكبر. 

٩٣- للحصول على عائد كبير، كن فضوليًا بشأن الأمور التي لا تهمك. 

٩٤- فليكن تركيزك على الاتجهات أكثر من تركيزك على الوجهات. من يعرف وجهته؟ لكن حافظ على الاتجاه الصحيح وسوف تصل إلى المكان الذي ترغب في الوصول إليه. 

٩٥- كل فتح علمي في البداية يكون مضحكًا وسخيفًا. إذا لم يبدو مضحكًا وسخيفًا في البداية فلن يكون فتحًا علميًا. 

٩٦- إذا أقرضت شخصُا ٢٠ دولارًا ولم تره مرة أخرى مطلقًا لأنه يتجنب سدادها، فإن ال٢٠ دولارًا التي دفعتها تستحق قيمتها.

٩٧-   تقليد الآخرين هي طريقة جيدة للبدء. لكن تقليد نفسك هي طريقة مخيبة للآمال. 

٩٨- إن أفضل طريقة للتفاوض على الراتب في وظيفة جديدة تكون ((بعد)) أن يقابلوك وليس قبل ذلك. بعدها سيكون التحدي من الطرفين لتقديم مبلغ في البداية، لكن الأمر في صالحك أن تجعلهم يقترحون مبلغًا قبل أن تخبرهم. 

٩٩- بدلًا من أن تقود حياتك متجنبًا المفاجآت، استهدفها بشكل مباشر.

١٠٠- لا تشتر تأمينًا إضافيًا إذا كنت تستأجر سيارة ببطاقة ائتمانية.

١٠١- إذا كانت أفكارك حول موضوع معين سهلة التنبؤ من خلال أفكارك حول موضوع آخر، فقد تكون مُسيطَرًا أيدولوجيًا. عندما تفكر حقًا بنفسك لن تكون استنتاجاتك متوقعة. 

١٠٢- اجعل هدفك أن تموت مُفلسًا. أعطِ للمستفيدين قبل أن تموت لأن ذلك أكثر متعة وفائدة. أنفق كل شيء. يجب أن يذهب آخر شيك لك إلى الجنازة ويرتد. 

١٠٣- أهم وقاية من التقدم في العمر هي أن تظل مندهشًا.


كيفن كيلي: مصوّر وصحفي متخصص في الكتابة عن التكنولوجيا وتأثيرها على الثقافة والسياسة والإقتصاد. مؤسس مشارك لمجلة WIRED. مؤلف كتاب The Inevitable. ترجمتُ مقالته من هنا

تدوينات مُقترحة:

برتراند رسل – كيف (لا) تتقدم في السن
أوليفر ساكس – متعة الشيخوخة

فن التظاهر بالانشغال

في إحدى المحاضرات، وبينما كان الأستاذ يقرأ بدون شرح من الشرائح الماثلة أمامه على الشاشة، فوجئت بأن الجميع يتظاهرون بالانشغال، فإما أن يهزون رؤوسهم وأعينهم تسرح في مكان آخر، أو يتظاهرون بتدوين مايقوله الأستاذ وهم يلعبون بأجهزتهم الالكترونية. أما أنا فقد لاحظت أنني أتظاهر بالكتابة بينما كنت أخربش في مفكرتي وأرسم. 

نحن نكذب لأن الآخرين يجبرونا على الكذب، ونتظاهر بالانشغال لأننا لا نرغب في إحراجهم. لم نكن بالطبع نرغب في الصراخ في وجه الأستاذ بأن محاضرته مملة للغاية وأننا مُجبرون على الحضور. 

يسألك شخص عن حسابك الشخصي في إحدى الشبكات الإجتماعية، فتجيب أنك مشغول لدرجة أنك بالكاد تستخدمه هربًا من سؤاله. ويسألك آخر الخروج معه فتخبره بانشغالك طيلة الأسبوع. تتظاهر بالانشغال بالعمل حتى لا يعتقد مديرك بأن لديك وقت شاغر فيكلفك بأعمال ليست من مهامك. وجدتُ مقاطع انتشرت في تيك توك تُظهر بعض ربات البيوت الأجنبيات متكئات على الآرائك فما إن تسمع إحداهن صوت مفاتيح الباب تعلن عن وصول زوجها من العمل حتى تقفز من مكانها ممسكة بالمكنسة متظاهرة بانشغالها بالمهام المنزلية. فوجئت بالتعليقات مدافعة عن تصرفها بأنها لا تريد إشعار زوجها الذي ”يكرف“ بأنها منعمة في هذه اللحظة حتى لا تعطي انطباعًا بأنها كانت كذلك طوال اليوم مراعاة له. وكأن الانشغال فضيلة؟ نعم هو فضيلة عندما تهمك مشاعر الآخرين. أذكر أنني عندما نشرت أول تدوينات لي في عام ٢٠١١ قالت لي إحدى الزميلات ”ماشاء الله عليكِ فاضية!“ وفاضية هنا تعني أنه لدي فراغ من الوقت -بخلافها الغارقة في أشغالها- جعلني أدوّن وأنشر، وهي إذن تؤكد بقولها ضمنيًا أن الانشغال فضيلة حقًا. 

لكن هل نحن حقًا مشغولون؟ مع التقدم في العمر وتعدد المسؤوليات وتكاثر مشاغل الحياة تقوم أدمغتنا بتصفية الأشخاص حسب أهميتهم لتصبح لدينا قائمة غير مرئية بالأشخاص المهمين في حياتنا. وعندما تحين أوقات الفراغ، قد ترجح كفة وقتنا الخاص على الوقت الذي سنمضيه مع شخص آخر ليس موجودًا ضمن القائمة. نحب الآخرين ونتمنى الخير لهم، لكن حتى أكثر الناس حبًا للاجتماعات وللاختلاط بالآخرين قد يتظاهرون أحيانًا بالانشغال رغبة في العزلة أو لأجل أولويات لديهم. وإذا كان أبو تمام يقول بأن سيد القوم هو المتغابي، فقد يتسنى لنا في هذه الحياة العصرية أن نقول بأن سيد القوم هو المتشاغل.

المازني في الكتابة

قضيتُ ساعات ممتعة بين صفحات كتاب ”العم الذاهب“ والذي ابتعته من معرض الكتاب الدولي في الرياض. يستعرض الكتاب رحلة ابراهيم المازني المعرفية من القراءة إلى الكتابة بمقالات كتبها في هذين الموضوعين. ومن اللافت أن أسلوب المازني ساخر ممتع، فعلى سبيل المثال عندما تحدث عن فرانسيس بيكون قال ”وكان بيكون رحمه الله أو صنع به ما شاء“! قيل أنه ترجم بيتين عن الألمانية، وأوصى أن يُكتبا على قبره:

أيها الزائر قبري .. اتل ما خُط أمامك
ها هنا فاعلم عظامي .. ليتها كانت عظامك! 

نقلت لهذه التدوينة بعض الأمور التي تحدث عنها المازني في الكتابة لعلها تفيدكم:

١- الخطوة الأولى هي العسيرة: امسك قلمك واكتب، لأن ”الكلام يفتح بعضه بعضًا“. وكما أن الصعوبة في ممارسة الرياضة تكمن في الذهاب للنادي، يقول المازني إن الصعوبة ”هي أن أبدأ.. والخطوة الأولى هي العسيرة والتي يكثر قبلها التردد، حتى إذا خطاها الإنسان صار ما بعدها سهلًا“. 

٢- التعود على مكان معين للكتابة: كأن تجعل لك ركنًا في المنزل تلتزم بالجلوس عليه والكتابة فيه، حتى إذا ما جلست عليه تجهزت نفسيًا للكتابة. يقول المازني في هذا الشأن ”وقد تعودت أن لا أكتب إلا على مكتبي في الجريدة.. كل ما هنالك أنني حين أعزم على كتابة قصة أجلس إلى مكتبي وأنا خالي الذهن إلا من هذا العزم، فإذا كتبت السطر الأول منها انحلت أمامي كل مشكلة“.

٣- هل اعتدت الكتابة في ضوضاء أم في مكان ساكن؟ يقول المازني ”يستوي عندي الآن أن تكون الغرفة خالية ساكنة وأن تكون كالسوق القائمة كلها ضوضاء، فإن في وسعي أن أنصرف عن الضجة وأن أحصر التفاتي في عملي بحيث لا أسمع ما يدور حولي من اللغط بالغًا ما بلغت ضجته.. وهذا فعل العادة“.

٤-من أين تستلهم الأفكار؟ يستخدم المازني كلمة ”الوحي“ للدلالة على الإلهام، فيقول إن ”الأديب يستوحي من كل إنسان وكل ما هناك من الفرق بين الأديب وغيره أن الأديب أسرع تلقفًا للوحي واستجابة له“.

٥- اهتم بالفكرة جيدًا: يقول المازني ”والكاتب يُعنى بالفكرة قبل أن يعنى بوقِعها، وهمه الأول جلاؤها وعرضها في أحسن حلاها وأقواها“، وشبه الكاتب بالممثل الذي يجب أن ينتبه جيدًا لتمثيله وأن ينصرف عن التفكير بما يفعله تمثيله على الجمهور.

٦- لا بأس أن تكتب من أجل المال! فالكتابة قد تكون حِرفة ومصدر رزق للبعض، وفي ذلك يقول المازني ”وإني لأكتب، ولكن للخبز لا للأدب.. وهو مُرتزقي وقوتُ عيالي“ ويقصد بذلك كتاباته الصحفية. 

٧- ولا بأس أن يصدر عنك بعض ”السخافات“، فهوّن عليك: يقول المازني في ذلك ”ولست أرى هذا عيبًا.. فليس أحد بمعصوم، وكل إنسان يعتريه الفتور والضعف والكلال، ويصدر عنه الطيب والقبيح.. وليس بإنسان من يسلم من النقص والقصور والضعف“.

٨- سرعته وكسله في الكتابة: كان المازني لا يراجع ما كتبه، ولا يُسود ما كتبه، وفي ذلك قال الطنطاوي ”إن المازني ممن يكتب المقالة في جلسة واحدة لا يعيد النظر في جملة“، وقد يكون هذا سببًا في غزارة مؤلفاته. أما كسله فقد ذكر مرارًا في مقالاته أنه لا يتناول القلم إلا في اللحظة الأخيرة قبل تسليم المقالات ”وأحسب أن عملي في الصحافة وضجري منها عوّداني على ذلك.. وقاعدتي في حياتي هي أن أخالف ما علمني أستاذي في المدرسة، فأنا أرجئ إلى الغد كل ما يسعني إرجاؤه“.

ما أحلى الرجوع إليه

كنت منشغلة خارج البيت طوال اليوم، وفي الطريق انتبهتُ إلى أنني تحسستُ حقيبتي وأخرجت منها مفاتيح المنزل قبل أن أدخل الحارة. راقبتُ مشاعري وأدركت جيدًا أنني بفعلي هذا سعيدة بترقبي العودة إلى المنزل. وكما تقول شانيا توين في أغنيتها Honey I’m home and I had a hard day!

تعجبني فكرة المنزل. أرض في مكان ما بُنيت عليها غرف وجدران وسقف، وعندما يُقفل الباب تُصبح في عزلة عن بقية البشر من حولك الذين لديهم غرف وجدران أيضًا وقصص خاصة بهم. في المنزل أشخاص تحبهم، وأغراض تملكها وتحبها، وهوايات تمارسها، وطعام شهي، وقصص وحكايات، وسرير تهجع إليه في المساء.

( وَاللّهُ جَعَلَ لَكُمْ مّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً )

يقول غاستون باشيلارد في كتابه شاعرية الفضاء أن المنزل هو ”طبوغرافيا -أو علم التضاريس- لذواتنا“. وله فلسفة جميلة عن المنزل إذا يقول ”لو طلب مني أن أحدد المنفعة الرئيسية للمنزل سأقول: إن المنزل هو ملجأ الأحلام، إذ يحمي الحالم ويدعه يحلم في سلام“. 

لا نرتدي الأقنعة في منازلنا، لذلك يُعرف المرء بتعامله في المنزل. ويُقال أن الشخص السعيد هو من يكون سعيدًا في منزله. كلنا نجد السعادة مع الأصدقاء وأحبابنا في المقاهي والمطاعم وأثناء السفر، لكن هل نجدها في منازلنا؟ تنبه الكثير إلى هذه النقطة أثناء الجائحة، ولذلك قرروا إعادة ترتيب منازلهم وتنظيمها، لكن الكثير تجاهلوا إن الفكرة كلها تكمن في إعادة ترتيب وتنظيم أنفسنا أولًا وعلاقاتنا مع من يشاركنا السكن. 

وإن كانت نجاة الصغيرة تتغنى في حبيبها بعد عراك ضده لتُنهي أغنيتها برجوعها إليه وتقول ”ما أحلى الرجوع إليه“ فالمنزل وحده هو الذي يخلق هذا الشعور: نحن نشعر بالسعادة عندما نغادر المنزل، ولكن نشعر بسعادة أكبر عندما نرجع إليه ”ما أحلى الرجوع إليه“. 

لكن تذكر:
وأنت تعود إلى البيت، بيتك.. فكّر بغيرك
لاتنسَ شعب الخيام 

اقتراحات ذات صلة:
– مسلسل سابع جار
– تدوينة غرفة تخص المرء وحده
– تدوينة الحياة الطيبة

عادات الكتابة عند مؤلفي أعظم ١٠ روايات

 

أدرج سومرست موم في كتابه (روائيون عظام ورواياتهم) ١٠ روايات يعتقد بأنها أفضل ١٠ روايات في العالم. ثم كتب نبذة عن حياة كل من المؤلفين العشرة، لكن ”لم نبحث عن حياتهم الشخصية؟“ يؤكد موم أن ”نوع الكتب التي يكتبها الكاتب يعتمد على طبيعته، فإذا كان كاتبًا جيدًا فمن المستحسن أن نعرف ما يمكن معرفته حول تاريخه الشخصي“. 

لاحظت أنهم يتبعون نمطًا متشابهًا في العادات فيما يخص الكتابة، ورأيت أنه من الأفضل أن أنقلها هنا واختصرها لعلها تفيدكم: 

١- الكثير من القراءة: كل هؤلاء الكتاب كانوا يقرأون كثيرًا وبنهم. تولستوي كان يقرأ بشكل يومي وبلغات مختلفة. أما تشارلز ديكنز فقد قرأ في طفولته دون كيخوته، وتوم جونز، وقس ويكفيلد وغيرها وأعاد قراءتها. يقول موم أن جين أوستن كانت مثقفة وقرأت روايات مترجمة عن الفرنسية والألمانية وقد عرفت شكسبير جيدًا. أما ستندال فكان يحرص على قراءة صفحة من القانون المدني قبل أن يشرع في الكتابة حتى يهذب لغته. وقرأت ايميلي برونتي الكلاسيكيات الإنجليزية بشكل ممتاز. أما هيرمان ميلفيل صاحب موبي ديك فقد قرأ الكثير أيضًا كما هو واضح في روايته حيث ينثر الشخصيات فيها نثرًا. 

٢- كثرة الكتابة: كل هؤلاء كانوا يكتبون كثيرًا. جين أوستن بدأت الكتابة في عمر مبكر. أما ايميلي برونتي فقد كانت تكتب كثيرًا للهروب من الواقع. بل كان فلوبير يكرس نفسه للكتابة ”لا نعرف أحدًا من الكتاب كرس نفسه بتلك المثابرة لفن الأدب مثل فلوبير.. فهدف الحياة بالنسبة له هو الكتابة“. وكان ديكنز مجتهدًا في الكتابة بحيث أنه يبدأ بكتابة كتاب جديد قبل أن ينتهي من القديم.

٣- الإصرار: يبدو أن الحياة اقتضت أن لكل مجتهد نصيب، وبالطبع لم تصل لنا هذه الروايات إلا عندما جاهد أصحابها كثيرًا. يقول موم أن جين أوستن عندما كتبت لم تلق استحسانا لدى الجمهور، لأن ”الرأي العام كان كارهًا للتأليف النسائي“. وعندما كتب بلزاك مأساة عن كرومويل اتفقت عائلته والبروفسور الذي أرسل له المسودة أنها رواية لا قيمة لها، لكنه غضب وأصر على العمل وكتب نحو ٥٠ كتابًا ومسرحيات ”بعضها رُفض والبقية فشلت فشلًا ذريعًا“.

٤- تدوين الملاحظات والتأمل: كان فلوبير يعتقد بأنه ”كي يكتب المرء جيدًا، فعليه أن يشعر جيدًا، ويفكر جيدًا ويتكلم جيدًا“. أما جين أوستن فكانت تتمتع بأذن جيدة. أما تشارلز ديكنز فقد كان يتمتع بقوة ملاحظة هائلة. وكان بلزاك يحمل معه دفترًا يدون فيه الملاحظات حيثما ذهب ”وحين يجد شيئًا يراه ذا فائدة، أو يعثر مصادفة على فكرة نابعة منه، أو من شخص آخر يدونها“. وكان يزور الأماكن التي يرغب في وصفها.

٥- يكتبون عن تجاربهم وخبراتهم: كان فلوبير مدركًا أن الكتابة تحتاج إلى خبرة بالعالم من حوله، وأنه لا يستطيع أن يُبدع في الكتابة وهو معتزل عن العالم. لذلك ”قرر أن يذهب إلى باريس حيث يمضي ثلاثة أو أربعة أشهر من كل عام“. لكن ماذا عن جين أوستن؟ لقد كانت سيدة مُعتزلة مقارنة بفلوبير ولكنها كتبت عن تجاربها وخبراتها متمثلة في مجتمعها عن حفلات الرقص والأحاديث النسائية، ولاحظ موم أنها ”لم تحاول أبدًا إعادة خلق محادثة بين الرجال، لأنها لم تسمعها في الواقع“! 

أما ميلفيل فقد كان يكتب عن تجاربه ومغامراته في جنوب الباسيفيك من أجل أن يكسب المال. وكان هنري فيلدينغ يتعلم من الحياة ويكتب عنها في شخصياته.

٦- الكثير من التعديلات: كما تولستوي الذي كان يراجع كتاباته ويحذف الزوائد والمقاطع غير الواضحة، كان فلوبير أيضًا ”يكتب مسودة تقريبية لما يود قوله، ثم يعمل عليها، يطور ويحذف، ويعيد الكتابة إلى أن يحصل على التأثير المطلوب.. كان يخرج إلى التيراس ويقرأ بصوت عال الجمل التي كتبها ليكون على قناعة من أنها إن لم تكن جميلة الجَرس في الأذن أو أن نطقها ليس سهلًا، فلا بد أن هناك شيئًا خاطئًا فيها“. أما بلزاك فقد كان يعدل ويحذف كثيرًا ”إنه لا يضيف كلمات فقط، بل يضيف جملًا وليس فقط جملًا، بل فقرات، وليس فقرات فقط، بل فصولًا“.

تدوينات أخرى تتعلق بالكتابة: 
نصائح تولستوي في الكتابة 
روتين هنري ميللر الإبداعي في الكتابة

تجارب ومباهج – فبراير ٢٠٢٢

Rachel Hillis

هذه التدوينة الخفيفة هي من سلسلة تجارب والتي أعرفكم فيها على بعض تجاربي في الأسابيع الماضية في أمور شتى كقراءة الكتب، واستخدام برامج الآيفون، ومشاهدة البرامج والأفلام والمسلسلات، وشراء المنتجات عن طريق الإنترنت وغيرها من التجارب والمباهج الصغيرة.

كيف حالكم يا أصدقاء؟ قررت أن أكتب هذه التدوينة السريعة عندما تذكرت أن اليوم هو ٢٢-٢-٢٠٢٢ لعلّي أفعل شيئًا مختلفًا عن سائر أعمال الروتين اليومي :]

الكتب:

يوميات تولستوي

بدأتُ في قراءة يوميات تولستوي منذ شهر أكتوبر، وأنهيتها قبل أسبوع تقريبًا. قضيتُ أيامًا جميلة بصحبة تولستوي عندما بدأ بكتابة يومياته في سن ال١٨ وحتى قبل ٥ أيام من وفاته في سن ال٨٢. كانت يومياته في أول الأيام تتسم بالصدق والصراحة، ثم أصبحت في آخر أيامه مع اقترابه من الموت وعظية. من المثير للاهتمام أن تولستوي كان يهتم ويحرص بشدة على الكتابة اليومية (تدوينة: نصائح تولستوي في الكتابة) وكذلك بالقراءة في شتى المواضيع (تدوينة: لماذا يكره تولستوي شكسبير؟)، وكان يحب لعب الشطرنج. أما نظرته إلى النساء  فقد تأثرت بعلاقته السلبية مع زوجته صوفيا والتي كان يذمها وأفعالها بين صفحات يومياته- ولا أجد ذلك مبررًا لهذه النظرة. 
هنا تدوينة جميلة لعبدالله الوهيبي عن يوميات تولستوي بعنوان محراب الاعتراف أنصحكم بقراءتها.

الحرب والسلم

قرأت الحرب والسلم عندما انتصفت في يوميات تولستوي، ووجدتُ أن بيير بزوخوف قد يكون هو نفسه تولستوي في شخصيته أفكاره وطريقة حياته. الرواية من الروائع ويعدّها نجيب الزامل رحمه الله “شيخ الكتب، يتسيد الحائط الغربي من مكتبتي، ويتصدر قائدًا زعيمًا لكل ما كتبه الغرب في الرواية”. 

اقرؤوها!

بعض المباهج والمسرات الأخرى: 

– قطة في حديقة المنزل: كانت هناك قطة ضخمة تحوم حول المنزل، وتنبش كيس النفايات من أجل البحث عن الطعام، ابتعنا لها طعامًا جافًا من السوبرماركت وأصبحت بعدها تأتينا دائمًا من أجل الطعام. في يوم من الأيام اللطيفة، أزحتُ الغطاء عن الكرسي في ساحة المنزل من أجل أن أجلس عليه لاستمتع بالجو اللطيف، وجدت القطة ذاتها وتحتها ٣ قطط صغيرة! كانت ضخامة القطة بسبب أنها حامل! ولدت القطة وأحضرت أطفالها الصغار تحت الغطاء الآمن في البرد وفي منزلنا الذي أحست بالأمان بداخله. والآن أصبحنا نُطعم القطة لأنها في مرحلة النفاس وتُرضع أطفالها الصغار ولتنتظر مرتبة الكرسي التي اتسخت بسببها إلى أن يكبر صغارها ويتركون العش. 
– ليلة المعازيم: كنت محظوظة للغاية لأن أكون معزومة من ضمن المعازيم في حفلة محمد عبده. إذ أنني استمعت إلى أغاني رائعة بصوته مثل (صوتك يناديني، وين أحب الليلة وين، من بادي الوقت، كل مانسنس، المعاناة، أنا وخلّي..). هنا صورة مع القمرا ورا الليل الضرير :]

– زراعة الكيل والكزبرة: أول تجربة لي في استخدام سمارت بوت وهو كيس زراعي ذكي مصنوع من القماش يوفر التهوية اللازمة ويخفض من درجة حرارة التربة، ويعمل على ايقاف نمو الجذور عند وصولها لحافة الكيس. لا ياخذ الكيس حيزًا يُذكر وباستطاعتكم نقله إلى أي مكان حسب احتياجه للشمس.

فادني حساب الزينة البابطين في انستقرام كثيرًا، أنصحكم بمتابعتها.

– مشروب الشوكولاتة الساخنة من نوماد: جربت طرقًا عديدة لتحضير الشوكولاتة الساخنة، واكتشفت أن إضافة القليل من الملح يجعل الطعم مركزًا ولذيذًا. 
– كوب جميل: أحب الشاي كثيرًا، وأشربه بشكل يومي مع طعام الإفطار. وأهدتني الصديقة عهود كوبًا لحزب الشاي

أليس لطيفًا؟ 
تقويم جداري وتقويم مكتبي من سين: أحب منتجات قرطاسية سين، وهذه هي السنة الثالثة التي ابتاع فيها التقاويم منهم. 
– شاي مسالا الهندي: على طريقة رنين جودة. منعش ودافئ لاحتوائه على الزنجبيل الطازج.
– بودكاست هبة حريري: حلقة مفيدة ومثرية عن عناد الأطفال
– مطعم مومو Momo: مطعم في الرياض يُقدم أطباق الدامبلنج اليابانية. نصحتنا به الصديقة لبنى وكانت نصيحتها لذيذة للغاية! 
عطر Don Son من Diptyque 

وأخيرًا هنا قائمة بالمسرات الصغيرة التي ترجمتها وعدلت منها وأضفت إليها، لعلها تبعث السرور فيكم:

  • – قضاء وقت في الطبيعة
  • – وضع طلاء الأظافر
  • – التخطيط ليوم بدون مهام
  • – إبداء رأي إيجابي عن شيء ما (مثلا إعطاء تقييم عن خدمة جيدة)
  • – إطعام الطيور أو القطط 
  • – قضاء أمسية مع الأصدقاء
  • – تحضير مربى أو مخلل
  • – تناول العشاء في مطعم
  • – شراء الهدايا
  • – غسل السيارة 
  • – مشاهدة التلفاز أو الأفلام
  • – إرسال بطاقة إلى شخص أحبه عبر البريد
  • – إعداد المخبوزات ومشاركتها مع الآخرين (الأصدقاء العائلة أو الجيران، زملاء العمل)
  • – حمام بخار
  • – التحدث مع شخص يعيش بعيدًا عبر مكالمة فيديو 
  • – ترتيب دولاب الملابس
  • – عزف آلة موسيقية 
  • – الذهاب إلى أوبرا أو حفلة باليه
  • – إشعال الشموع العطرية أو الزيوت العطرية أو البخور
  • – قضاء بعض الوقت منعزلًا 
  • – ممارسة الرياضة 
  • – ترتيب صورة مبروزة أو عمل فني 
  • – ركوب الدراجة
  • – مراقبة الطيور 
  • – مشروب شوكولاتة ساخن 
  • – تدليك اليدين بكريم اليد 
  • – تخيل المستقبل
  • – مشاهدة مسلسل كوميدي
  • – لعب التنس
  • – حذف الرسائل الالكترونية التي لاتحتاجها 
  • – زراعة الخضروات أو الفواكه
  • – الاستلقاء على العشب
  • – مشاهدة الصور القديمة
  • – الذهاب في رحلة حول المدينة 
  • – المشي أو الهرولة 
  • – الذهاب إلى الشاطئ 
  • – ترتيب الغرفة 
  • – حذف الصور المتراكمة من الجوال
  • – استنشاق اللافندر 
  • – فتح النوافذ والستائر ليدخل نور الشمس 
  • – الذهاب إلى حديقة الحيوان
  • – ترتيب قطع البازل 
  • – التبرع بالملابس القديمة إلى الجمعيات الخيرية 
  • – الاستلقاء تحت أشعة الشمس 
  • – تعلم خدعة سحرية 
  • – الثرثرة على الهاتف مع صديق
  • – الاستماع إلى بودكاست أو مسلسل على الراديو 
  • – التنزه حول المدينة واستطلاع المباني 
  • – التلوين
  • – ركوب الخيل
  • – غسل الصحون 
  • – الجلوس في الخارج والاستماع لزقزقة العصافير
  • – الاستماع إلى محاضرة شيقة 
  • – لعب الورق
  • – وضع الكريم المرطب على الوجه أو الجسم 
  • – التطوع لمساعدة الحيوانات 
  • – إعادة مشاهدة فيلم أو مسلسل مفضل 
  • – لعب الكرة الطائرة
  • – لعب الكلمات المتقاطعة 
  • – حضن الحيوان الأليف
  • – الاستماع إلى صوت الماء أو المطر
  • – إعداد وصفة خاصة 
  • – الانغماس في حمام الفقاعات
  • – يوم عناية في الصالون ( للوجه مثلا)
  • – إسداء معروف لشخص ما
  • – بناء بيت للعصافير
  • – النظر إلى صور مناظر خلابة 
  • – الجلوس مع العائلة 
  • – الاستماع إلى الموسيقى 
  • – تعلم لغة جديدة 
  • – تعلم كورس جديد على الإنترنت
  • – شراء كوب قهوة لصديقك
  • – الاستحمام بشامبو جديد
  • – الغناء بصوت عال في المنزل 
  • – إعادة استخدام الأغراض القديمة 
  • – لعب كرة القدم 
  • – شراء الملابس الجميلة
  • – الاستماع إلى كتاب صوتي
  • – مشاهدة عرض كوميدي
  • – احتضان بطانية ناعمة أثناء الاستلقاء في غرفة الجلوس
  • – كتابة قائمة بالأمور التي أشعر بالامتنان نحوها 
  • – تعليم مهارة معينة لشخص ما (الحياكة، الرسم، اللغة)
  • – لعب الشطرنج 
  • – إرسال رسالة نصية إلى صديق
  • – صيد السمك 
  • – وضع فازة مليئة بالأزهار الجديدة والمُنعشة في المنزل
  • – الذهاب إلى السينما لمشاهدة فيلم 
  • – إعداد خبز منزلي
  • – المشي حافيًا على العشب
  • – النط على الحبل
  • – المشاركة في كاريوكي غنائي
  • – طبخ طعام لتناوله لاحقًا في فترة الغداء
  • – الاستماع إلى موسيقى كلاسيكية 
  • – التصوير
  • – مشاهدة مقاطع فيديو مضحكة على يوتوب
  • – الصلاة 
  • – تجهيز السرير بملاءات نظيفة مُنعشة
  • – رفع الأثقال
  • – شرب القهوة الصباحية وقراءة الجريدة 
  • – التخطيط لحفلة بثيم معين 
  • – ارتداء ملابس مريحة 
  • – السباحة 
  • – التخلص من الأشياء غير المرغوبة أو غير المفيدة في المنزل
  • – التواصل مع صديق قديم 
  • – فن الخط 
  • – شراء الكتب
  • – اللعب مع حيوان أليف
  • – زراعة الأزهار أو الخضروات 
  • – شراء نباتات داخلية
  • – التبرع بالدم 
  • – ممارسة التأمل
  • – التخطيط ليوم جديد
  • – الاستيقاظ مبكرًا 
  • – شراء آيسكريم من سيارة الآيسكريم
  • – ترتيب وتنظيم مكان العمل 
  • – الكتابة (قصائد، مقالات، تدوينة، كتب..)
  • – قراءة الكتب الكلاسيكية 
  • – إرسالة رسالة مكتوبة بخط اليد 
  • – غرس أصابع القدم في الرمل 
  • – مقابلة أشخاص جدد 
  • – ممارسة التنفس العميق لمدة ٥ دقائق
  • – شراء أدوات قرطاسية جديدة 
  • – إغلاق الأجهزة الالكترونية لمدة ساعة (الجوال، التلفاز، الكمبيوتر..)
  • – ألعاب الكمبيوتر
  • – الذهاب لمشاهدة مباراة كرة القدم 
  • – التخطيط لمفاجأة جميلة لشخص ما
  • – بيع الأغراض التي لا تحتاجها أو التصدق بها
  • – قَول ”أحبك“
  • – إنشاء قائمة بالأغاني التي تحبها
  • – تقليم شجرة البونساي
  • – مشاهدة الطائرة وهي تقلع أو تهبط في المطار
  • – كتابة أغنية أو تلحين موسيقى
  • – استعارة الكتب من المكتبة 
  • – إعداد حفلة شواء 
  • – الخياطة 
  • – الرقص
  • – الغداء مع صديق
  • – التحدث مع الجيران أو التعرف عليهم 
  • – الغناء تحت دش الاستحمام
  • – زيارة الجد أو الجدة 
  • – ليلة هادئة 
  • – تصفح الكتب المستعملة 
  • – الكروشيه
  • – إعداد وتغليف هدية لشخص ما
  •   النقاشات مع الأصدقاء
  • – تجربة وصفة طبخ جديدة 
  • – تدليل النفس في المنزل (ماسك للوجه مثلا)
  • – مشاهدة الأطفال وهم يلعبون 
  • – صناعة المجوهرات أو الاكسسوارات
  • – قراءة قصيدة 
  • – تناول الطعام بالخارج خلال فترة الاستراحة 
  • – إعداد دلة قهوة أو ابريق شاي
  • – استخدام الأغراض الثمينة (طقم صيني، مجوهرات، ملابس غالية، كوب ثمين..)
  • – الذهاب للسوق والتفرج على المحلات دون الشراء
  • – الاعتناء بالنباتات
  • – مناقشة الكتب 
  • – الذهاب إلى مكان عام ومراقبة الناس 
  • – الإنصات إلى الآخرين 
  • – إعادة تنظيم الأثاث في المنزل
  • – مشاهدة شروق الشمس أو الغروب
  • – إعادة تدوير الأغراض القديمة 
  • – التنظيف
  • – قطف الفراولة أو التوت من المزرعة 
  • – الحصول على بديكير ومنيكير
  • – تجميع الأشياء (الأكواب، العملات، الأصداف..)
  • – كتابة تعليق إيجابي على مدونة أو تغريدة أو فيديو 
  • – التخطيط لإجازة قادمة
  • – بناء قصر من الرمل 
  • – إعداد بيتزا منزلية 
  • – فعل شيء يجلب الحنين مثل (تناول طعام من الطفولة، أو الاستماع إلى موسيقى قديمة..)
  • – قراءة مجلات ميكي وماجد
  • – تناول القهوة في مقهى جديد
  • – تجربة قصة شعر جديدة 
  • – الذهاب إلى متحف
  • – شراء وجبة من فود ترك
  • – لعب مونوبولي 
  • – شراء وبيع الأسهم 

لماذا يكره تولستوي شكسبير؟

 

 
اقرأ حاليًا يوميات تولستوي، ولاحظت أنه لم يكن مُعجبًا بمسرحيات شكسبير التي بلغت شهرتها الآفاق. وكمعجبة مخلصة لمسرحيات شكسبير – ربما أخصص لها تدوينة يومًا- حرصتُ على البحث عن السبب الذي يجعل تولستوي “يكره” شكسبير. 
 
ففي يومياته كتب تولستوي ”حُظي شكسبير بالتقدير عندما فقدنا معيارنا الأخلاقي“
وكذلك ”ثمة سمعات كثيرة زائفة نال أصحابها المجد مصادفة أمثال شكسبير“. 
وقد كتب في يومياته الأولى أنه قرأ لشكسبير “ولم يروق لي”. 
 
وجدت أن تولستوي كتب مقالة نقدية عن شكسبير والدراما، يقول أنه حاول فيها أن يفهم شكسبير خلال ٥٠ عامًا ومن خلال أفضل أعماله من خلال قراءته للمسرحيات باللغات الروسية والألمانية والإنجليزية: الملك لير، وعطيل، وهاملت لكنها مازالت في نظره ”أعمال وضيعة وغبية“!
 
وقبل أن يكتب مقالته هذه، قرر تولستوي أن يقرأ مرة أخرى أعمال شكسبير كاملة وهو في عمر ال٧٥، ثم كتب ”اليقين التام الذي لا ريب فيه..إن هذا المجد إنما هو شر عظيم“.
حلل تولستوي الملك لير في مقالته ثم عطيل وهاملت واختتمها بقوله ”إن شكسبير لم يكن فنانًا وأعماله ليست فنية“.
 
لكن لماذا ينبهر الناس بمسرحيات شكسبير؟ لدى تولستوي بعض التفسيرات:
  • الإيحاءات الوبائية التي سادت بين الناس بعظمة شكسبير، كالإيمان بالساحرات وحجر الحكمة كلها اعتقادات باطلة لكنها كالوباء سادت بين الناس، وكذلك عظمة شكسبير.
  • الحملات الصليبية، ومن بعدها انتشرت مسرحيات شكسبير. 
  • غوته! من أجل نسف الشعر الفرنسي، مدح غوته الألماني شكسبير وأعلن أنه شاعر عظيم بل وأعظم شاعر عرفته البشرية. ولأن غوته عظيم، فكل مايقوله عظيم ومُصدّق أمام الناس.
لم يكتف تولستوي بسرد رأيه، بل دعا الآخرين إلى قراءة مسرحيات شكسبير ليحكموا بأنفسهم ويقرروا:
”افتحوا أي كتاب من كتب شكسبير وستلاحظون أنكم لن تعثروا على عشرة أسطر متتالية مفهومة وطبيعية تخلق انطباعات فنية خاصة بالشخصية التي تقولها، بإمكان أي واحد منكم القيام بهذه التجربة“.
 
قابل الإيرلندي جورج برنارد شو هذه المقالة النقدية بحماس وصفق لها، وكتب رسالة قائلًا فيها ”لقد سعيت جاهدًا أن أفتح عيون الإنجليز على تفاهة فلسفة شكسبير“، ”سوف تعتبر الصحافة الإنجليزية أن تولستوي يعد أعماله أفضل من شكسبير“. بل إن برنارد شو كتب مسرحية قصيرة (مسرحية دُمى puppet play) أبطالها اثنين: هو نفسه جورج برنارد شو وشكسبير، يتحاوران أيهما أفضل ويفوز شو عليه. 
 
 
أما جورج أوريل فقد كتب مقالة قال فيها أن تولستوي كان حقودًا وأعمى بشكل متعمد ولم يكن محايدًا في نقده لشكسبير، ثم تطرق لشخصية تولستوي، لماذا اختار تولستوي الملك لير؟
”لأنه كان مدركًا بوعي أو غير وعي التشابه بين قصة لير وبين قصته“. انظروا:
– رجل عجوز بشعر أبيض ولحية ومعطف طويل مثل تولستوي.
– تولستوي مثل لير تصرف بناء على دوافع خاطئة وفشل فيها- التخلي عن السلطة والأراضي
– لم يكونا متواضعين.
– وملاحظتهما عن الزواج تتشابه، وكذلك نهايتهما: الموت في كوخ في قرية غريبة.
 
ثم إن ١٢ من مسرحيات شكسبير -والتي كُتبت بعد عام ١٦٠٠- كانت أخلاقية وذات معنى، وهذا عكس مايقوله تولستوي عن المعيار الأخلاقي. في نهاية المقالة استنتج أورويل أن تولستوي لابد وأنه قد فكّر أنه كلما ازداد استمتاع الناس بشكسبير، كلما قل اهتمامهم بتولستوي.. لا أحد سيقرأ هذه المقالة لولا أن تولستوي لم يكن هو مؤلف الحرب والسلام وآنا كارنينا. 
 
في النهاية، لاننس أن تولستوي قد انتقد تشيخوف وعدّ مسرحياته ”أسوأ من شكسبير“ -المسكين تشيخوف!- وأن طه حسين لم يعجبه المتنبي، وأن إدوارد سعيد لم تعجبه أم كلثوم. أظنها أذواق شخصية. 
 
 

نصائح تولستوي في الكتابة



عندما شرعتُ في قراءة يوميات تولستوي، لاحظتُ أنه يولي اهتمامًا بالغًا بشأن الكتابة بشكل يومي. دوّنت هنا بعض الملاحظات عن تولستوي والكتابة قد تُلهمكم أو تضيف إليكم شيئًا:

١- الكثير والكثير من الكتابة!

 يكتب تولستوي بشكل يومي: يومياته وخطابات وروايات، ويقول أنه لا بد من الكتابة اليومية ”حتى لا تفارقني حالة الكتابة“. ويتحسر إن لم يكتب شيئًا خلال اليوم، فيدوّن هكذا في يومياته:
كتبتُ صفحة
كتبتُ صفحتين
لم أستطع كتابة أكثر من ربع صفحة
لابد أن أكتب
كتبتُ قليلًا 
كتبتُ صباحًا ومساءً لكن بكمية قليلة
غدًا سوف أكتب

٢- إن الكتابة عند تولستوي هي وظيفة لابد من ممارستها باستمرار ”فالاستمرارية والحسم هما السمتان اللتان تضمنان النجاح في كل شيء“.

٣- قد تأتيك فكرة تكتب عنها، لكنك ما إن تصل إلى منتصف الموضوع حتى تجد أن هذا الأمر قد صعب عليك، وأن شغفك به قد خف ”من الصعب الاستمرار في الكتابة بنفس الشغف الذي بدأ به المرء ونفس الجودة“.

٤- احرص كل الحرص على الكتابة بوضوح وتناسق وأعد قراءة ماكتبته حتى تتأكد من وضوح أفكارك ”لابد أن أتعود أن أكتب دائمًا بوضوح وتناسق ولكن كثيرًا ما يحدث-دون وعي مني- أن أُخفي الغموض أو الأفكار الخاطئة عن نفسي بمناورات وانعطافات والتواءات“.

٥- عندما تصيبك قفلة الكاتب، لايوجد حل إلا أن تُجبر نفسك على الكتابة أو أن تُهمل المقطع الذي تكتبه وتمضي قدمًا في كتابة مقطع آخر. المهم أن تستمر في الكتابة ”كثيرًا ما يحدث أن أتوقف رغمًا عني عند مقاطع معينة في العمل الأدبي. من الضروري حينها إما أن أجبر نفسي على كتابة هذا المقطع أو مناورته وتنحيته جانبًا، وعدم السماح لنفسي بالتوقف عن الكتابة بدعوى التردد“.

٦- ضرورة المراجعة وحذف الزوائد والمقاطع غير الواضحة ”راجع كل عمل أدبي انتهيت من مسودته الأخيرة، واحذف كل ماتجده زائدًا ولا تضف شيئًا، هذه هي العملية الأهم. عليّ أن أمحو دون أسف كل ما هو غير واضح وممتد وغير مناسب، باختصار كل الأجزاء غير المرضية حتى وإن كانت جيدة في حد ذاتها“. لكن لابد الحذر من كثرة المراجعة لجزئية معينة والتي تؤدي إلى حذف الجيد منها، كالطالب في الاختبار عندما يراجع الحل كثيرًا ويشك فيه فيحذفه ويكتب حلًا آخر ”إن قرأ المرء جزءًا معينًا كثيرًا سيقوم بإصدار أحكام غير سليمة بشأنه وستختفي فتنة الكتابة واهتمامه ومفاجأته بهذه الجزء.

٧- من هم قراء محتواك؟ ”يتخيّل كل كاتب مجموعة معينة من القراء عندما يكتب. عليه أن يحدد بوضوح متطلبات هذه الفئة من القراء، وإن كانت الحقيقة أن العالم كله لا يضم سوى قارئين فقط، فعليه أن يكتب من أجلهما. أغلب القراء لا يألفون وصف الأشخاص أو المناظر الطبيعية، لا تبعدها عن نظرك أبدًا، بل قارن الأنواع المألوفة منها بغير المألوفة وصفها“.

٨- ماهي نقاط الضعف في شخصيات روايتك؟ ”حتى يتعرف القرّاء على البطل، لابد وأن يتعرفوا على مواطن الضعف بداخله، ومواطن الفضيلة، بالنسبة للأخيرة فهي أمر محتمل لكن الأولى أمر ضروري للغاية“.

٩- كيف تحصل على الإلهام؟ من الكتب، والناس! ”كان تشيلر على حق تمامًا عندما أدرك أنه لا يمكن لأي عبقري أن يتطور بينما يعيش في وحدة، فعامل الإثارة الخارجي أو الكتاب الجيد وحتى المحادثة هي الوسائل التي تدفعه إلى التأمل والتفكير أكثر من أعوام من العمل وحيدًا.. لابد أن تولد الفكرة في رحم المجتمع، أما العمل عليها والتعبير عنها فيقوم بها المرء في وحدته“.
كان تولستوي كثير النقاش مع من حوله في أمور شتى ويحب التأمل فيما تناقش به، انظر كيف استلهم فكرة من رواياته من خلال حديثه مع أحد الضباط ”تحدث معي أحد الضباط كبار السن وسألني: هل أنت من أولئك البائسين (الذين يُرسلون إلى الجبهة في القوقاز ليشتركوا في المعركة هناك)؟ لقد أوحى إلي بفكرة أني لابد وأن أقتبس من برنامج المدفعية وكتبها“.

١٠- احتفظ بدفتر ملاحظات بالقرب منك وابدأ في الكتابة فور أن تأتيك الأفكار ”ماتعهدت بفعله لا تؤجله بحجة شرود الذهن أو الرغبة في الترفيه، بل باشر العمل عليه فورًا حتى ولو بصورة ظاهرية. يمكن للأفكار أن تأتي. على سبيل المثال إن تعهدت بكتابة قاعدة، تناول دفتر الملاحظات واجلس على الطاولة ولا تنهض من مكانك عندما تبدأ الكتابة إلا حينما تنتهي منها“. 
كذلك يُفيد دفتر الملاحظات في تدوين الأفكار الخاطفة التي تأتيك بعد قفلة الكاتب ”عند كتابة العمل الأدبي كثيرًا ماتتعطل كتابة فكرة جيدة، لذا ما إن تتشكل هذه الفكرة بصعوبة حتى أدونها في اليوميات دون أن أهتم بالموضع الذي سأضعها فيه تحديدًا، فسوف تجد مكانًا لها بنفسها“.

١١- الترجمة هي الوسيلة المثلى للتدريب على الكتابة بأساليب جديدة، فقد كان تولستوي يترجم بشكل مستمر الكثير من الروايات والمقالات مع زوجته إلى الروسية ”كتابة وترجمة نص ما من لغة أجنبية إلى الروسية من أجل تدريب الذاكرة واكتساب الأسلوب، وبعدها سأنخرط في الكتابة عن اليوم الماضي وعن كافة الانطباعات والأفكار التي مررت بها فيه“.

١٢- اُكتب دون أن تهتم بطريقة الكتابة أو شكلها أو صحة الإملاء والأسلوب، المهم أن تكتب أولًا وبعدها يأتي الترتيب والتعديل والحذف ”لابد أن أكتب الحبر لا بالقلم الرصاص دون التفكير في مكان وصحة التعبير عن الأفكار. عندما أعيد الكتابة ثانية سأستبعد كل ما هو زائد، وأضع كل فكرة في مكانها الصحيح. عند الكتابة للمرة الثالثة سأُعيد العمل على دقة التعبيرات، ولابد أيضًا من تجنب التكرار“.

١٣- اكتب بحيث لو تُرجم ما كتبته إلى لغة أخرى سيبدو رائعًا ”لابد وأن أكتب- أي أعبر عن أفكاري- بحيث تكون جيدة في جميع اللغات. هكذا هو الأمر مع الأناجيل ولاتسو وسقراط، بل إن الأناجيل ولاوتسو تبدو أفضل في اللغات الأخرى“.

١٤- إعادة الكتابة: تحدث تولستوي باستمرار في يومياته عن إعادة كتابته لفصول ومقاطع من رواياته، وكأنه يكتب للمرة الأولى:
أعدتُ كتابة الفصل الأول
سأجبر نفسي على إعادة الكتابة
أعدتُ قراءة وتصحيح..

١٥- الإجبار على الكتابة وبذل المجهود: مرة أخرى، يُجبر تولستوي نفسه على الكتابة ”بالأمس وصلني خطاب من والدة جرينيفتش بشأن التربية الدينية للأطفال. لابد أن أكتب عن الموضوع، على الأقل عليّ أن أبذل كافة قواي من أجل ذلك“.