في فن الإستمتاع

عندما كنت أشاهد أحد المسلسلات القصيرة “كرانفورد”- 7 حلقات- من إنتاج قناة البي بي سي البريطانية، وهو مسلسل في العهد الفكتوري يحكي قصص متعددة عن أشخاص من هذه المنطقة خطرت في بالي بعض الأفكار. أنا استمتع بمشاهدة هذا المسلسل، لكن استمتاعي هو استمتاع كسول وسلبي لحدِ ما. بمعنى أنني أبذل من وقتي الثمين من أجل متابعة بعض القصص التي لا علاقة لي بها، وليست من التاريخ ولا أستطيع أن أُساهم بشكل ما في هذه القصص إلا مساهمات غير فعّالة من مشاعري، كالضحك والبكاء. بل وهناك العديد من الأفلام التي قد شاهدتها ونسيت الكثير من أحداثها لأنني لم أتفاعل معها تفاعلاً إيجابياً. ولذلك فإن قراءة القصة تختلف اختلافاً كبيراً عن مشاهدة الفيلم أو المسلسل، أنا أساهم مع الكاتب في بناء القصة، أنسج وبمساعدة خيالي أشكال أبطال القصة، مكان الأحداث، وأيضاً إنفعالاتهم بشكل مفرط أو مُخفف مثلما أريد حتى أشارك إنفعالاتي الشخصية أو أحجمها عن المشاركة. إذن لا بد لي أن أتفاعل.

كيف نستطيع أن نتفاعل مع مانستمتع به في أمورنا اليومية؟ هنا بعض المقترحات:

عندما تشاهد أحد الأفلام تحدّث عنه مع أصدقائك. تستطيع أن تتعلم الإنجليزية أو أن تطوّرها من خلال مشاهدتك للأفلام، أحدهم صنع برنامجاً على اليوتوب يُعلّم فيه الإنجليزية بمساعدة الأفلام. تستطيع أيضاً أن تتعلم الكثير من المواضيع التي تحدث عنها الفيلم، أو عن معالم المدينة التي صًوّر فيها هذا الفيلم.. ها أنا أحاول أن أجعل من مشاهدتي لمسلسل “كرانفورد” أمراً إيجابياً بكتابتي لهذه التدوينة.

اقرأ كتاباً ثم تناقش عنه مع أصدقاءك، بإمكانك أن تشارك بمتقطفات من الكتاب معنا عبر وسائل التواصل الإجتماعية المختلفة. اكتب الإقتباسات التي أحببتها من هذا الكتاب في مفكرتك الخاصة لعلّك تعود إليها بين حين وآخر. لا تجعل هذا الكتاب يقفز إلى اللاوعي فقط دون أن يؤثر على وعيك. إذا قرات كتاباً لأحد الكتاب المشهورين ولم يعجبك، من حقك أن تبدي رأيك فيه بكل صراحة.

هل تتناول إفطارك باستمتاع؟ جرب أن تتذوق الطعام الذي تأكله بإخلاص.. انظر إلى شكل الطعام بتركيز، إلى لونه، المسه إن كان باستطاعتك ذلك، واشعر بملمسه بيدك، استنشق رائحته، ثم تذوقه.. حاول ان تشعر به داخل فمك وأنت تمضغ، هل تستخدم أضراسك اليمنى أم اليسرى في طحن الطعام أم الجهتين معاً؟ ثم جرّب أن تربط بين شكل الطعام وبين مذاقه. إن استطعت أن تجد شراباً يصبح لذيذاً بصحبة هذا الطعام، فأنت محظوظ. أنا أحب الشاي بالنعناع مع الجبنة “البلدي”البيضاء.. هذا الخليط من الإفطار شهي جداً.

في السيارة تأمل الطرق التي حولك، انظر إلى أسماء المحلات، إلى أشكال المباني، إلى أنواع السيارات. هل هناك غيمة في السماء؟ هل هناك أشخاص يمشون في الشارع تحت أشعة الشمس؟ هل تستطيع تخمين أعمارهم؟ ماذا عن إشارة المرور.. لماذا تبدو هكذا؟ لماذا الدائرة الحمراء تُصّر أن تبقى صامدة لأطول وقت ممكن؟ لماذا شكل المباني رتيب؟ لماذا لا نهتم بالفن المعماري في بيوتنا ومبانينا؟ لماذا لا نستخدم خطوطاً جميلة في ألواح المتاجر؟ هل مقعد السيارة مريح؟ هل أستطيع الإحساس بظهري وهو على المقعد؟ ماذا عن قدماي؟ هل أستطيع الشعور بقدميّ وهما بداخل الجوربين؟

احرص أن تُبقي جهازك في جيبك|حقيبتك عندما تجتمع بأصدقائك، اصغ إلى مايقولون وتفكّر به، هذه لحظات لن تتكرر، قد تُفوّت زلة من أحدهم تستخدمها ضده لاحقاً. هل أحتاج إلى أن أقول بأنني كنت أمزح فيما يتعلق بالتهديد؟

إذا أعجبتك هذه التدوينة فتفاعل معها وقم بنشرها 🙂