حدثتني جدتي عن قصةٍ لملك في قديم الزمان بنى له قصرًا عظيمًا بلغ الكمال وتحدى الجميع أن يبحثوا عن النقص الذي فيه، فكان الناس يلِجون القصر ويبحثون فيه عن الأخطاء فيتعجبون لكماله دون أي نقصان. حتى دخله درويش من الدراويش وأخبر الجميع أن به بالفعل عيبًا واحدًا..
فأحضره الملك فسأله: هل تعلم لقصري عيبًا؟
قال: نعم
قال: وما هو؟
أجاب “يموت صاحبُ الدار ويفنى الدار”
كان منزلنا في المدينة يفيض جمالًا وحبًا، وكنتُ أراه من أجمل البيوت ليس به عيبًا واحدًا، أجد فيه صوت أبي ورائحة أمي. أمرٌ اعتدت عليه واعتقدتُ بخلوده إلى أن توفي والدي رحمه الله وغادر صوته منزلنا وأصبح مُوحشًا كما قلبي.
توفيت جدتي في عام كورونا، بكيت عليها كثيرًا وكأن الجرح انفتق من جديد، بكيتُ كذلك على خبر وفاة والدة صديقتي، وما انفك الجرحُ غائرًا يتكشّف مع كل حديثٍ بوفاة:
إن الشجا يبعثُ الشجا… فدعني، فهذا كلهُ قبر مالكٍ
نعم هذا كله قبرُ أبي.
ومن نكد الدنيا أن يصادف تاريخ وفاة والدي بالميلادي يوم عيد الفطر ، وكأنه يُذكّرني بالرأس الكريمة التي كنتُ أقبّلها في كل عيد وغير عيد:
سأذكرهُ ولو غطاهُ قبرٌ .. وأهمِسُ عيده عيد سعيدُ
وإني لستُ أنسى حين كنا .. نقبّل رأسهُ في كلِّ عيدُ