كنتُ أعدّ ثلاثية نجيب محفوظ (بين القصرين، قصر الشوق، السكرية) من الكلاسيكيات العربية، حتى سألتني زميلة لي عن سبب إدراجي لها تحت قائمة الكلاسيكيات. آنذاك لم يكن جوابي كافيًا إذ قلت ”لأنها يجب أن تُقرأ“. ما زلتُ حتى الآن أؤمن بأنها يجب أن تُقرأ، لكن تعريفي للكلاسيكيات تغير قليلًا مع قراءتي لما كتبه ”ايتالو كالفينو“ عن تعريفه للكتب الكلاسيكية.
كيف يُعرّف كالفينو الكتب الكلاسيكية؟
١- قراءة الكتاب العظيم لأول مرة بعد نضوجك تُشعرك ببهجة استثنائية مختلفة عن البهجة التي ستشعر بها عند قراءتك للكتاب في أول شبابك.
٢- نحن نستخدم مفردة ”كلاسيكية“ للكتب التي أحبها الآخرون، لكن المفردة يجب أن تُستخدم بالأحرى للتعبير عن حظ هؤلاء الذين استطاعوا أن يقرأوها في الظروف المناسبة ليستمتعوا بها.
٣- يجب أن يكون هناك وقت مستقطع في حياة المرء ليعيد قراءة أهم الكتب.
٤- كل إعادة قراءة لكتاب كلاسيكي هي رحلة استكشاف كما القراءة الأولى.
٥- كل قراءة لكتاب كلاسيكي تُشعرك بأنها إعادة قراءة.
٦- الكلاسيكي من الكتب هو الكتاب الذي لم يستنفد كل ما يود أن يقوله.
٧- الكلاسيكات هي الكتب التي تحمل آثار القراءات السابقة، وتجلب في أعقابها الآثار التي تركتها على الثقافات التي مرت بها.
٨- الكتاب الكلاسيكي لا يعلمنا بالضرورة أي شيء لم نعلمه مسبقًا.
٩- الكلاسيكيات هي الكتب التي نجدها عند القراءة متجددة، فكلما ظننا أننا نعلم شيئًا منها وجدناها عند قراءتنا أكثر إبداعًا وابتكارًا.
١٠- نستخدم مفردة كلاسيك في الكتب عن الكتاب الذي يمثّل الكون بأكمله.
١١- مؤلف الكتاب الكلاسيكي هو الشخص الذي لا تشعر أنه مختلفًا عنك، ويربطك به حتى وإن كنت تختلف معه.
١٢- الكلاسيكيات هي الكتب التي وُجدت قبل الكلاسيكيات الأخرى.. وفي النهاية كل شخص سيكتشف أنها من نفس العائلة.
١٣- الكتاب الكلاسيكي لا يبالي بالاهتمامات الحالية ويجعلها ضوضاءً في الخلفية.
١٤- الكتاب الكلاسيكي يصر أن يكون هو الضوضاء حتى وإن كانت اهتماماتك الأخرى هي المسيطرة على الموقف.
يعلّق عبدالفتاح كيليطو في كتابه الأخير “جو من الندم الفكري” عن الكتب الكلاسيكية:
“ينبغي أن نقرأها، لكننا لا نفعل، يظل الأمر أمنية غامضة … والغريب على أننا لا نقرؤها، نتصرف كأننا قرأناها وندّعي معرفتها. شخصيًا لم أقرأ الإلياذة، لكنني أعرف محتواها.. وبالمناسبة من يقرأ دون كيخوته؟ أغلبية الناس لا يعرفونه إلا من خلال رسوم الفنان غوستاف دوري، أو عبر ذكرى صفحات من كتاب مدرسي”.
هذا بالنسبة للكتب الكلاسيكية الأجنبية، فماذا عن العربية؟ ما هي الكلاسيكيات العربية؟
يقرّر ابن خلدون في مقدمته أن الكتب الكلاسيكية العربية هي “أدب الكُتّاب لابن قتيبية، وكتاب الكامل للمبرّد، وكتاب البيان والتبيين للجاحظ، وكتاب النوادر لأبي علي القالي البغدادي، وما سوى هذه الأربعة فتبع لها وفروع عنها”. لم اقرأ سوى الكامل للمبرّد، وأتمنى أن أقرأ البقية، لكنني ككيليطو، أتسائل، من يقرأ كتاب النوادر كاملًا؟
إنه من المريح أن نعرف أن ابن خلدون لا يصنّف شعر المتنبي والمعري ضمن الشعر العربي لأنهما تجاوزا التقاليد الشعرية العربية! إذن آن لنجلاء أن تمد رجليها وتقرر أن ثلاثية نجيب محفوظ هي من الكلاسيكيات العربية.
ماذا عنكم؟ ما هي برأيكم الكتب العربية الكلاسيكية في الأدب؟
من المؤكد أن قائمتكم تشمل ألف ليلة وليلة، رسالة الغفران، وحي بن يقظان.. وماذا أيضًا؟
مراجع:
في جو من الندم الفكري: عبدالفتاح كليطيو