نفهم لمَ يقلد الطفل أبويه: شخصين يثق بهما جيداً، يشعر بالأمان من خلالهما، ويرى من إلتصاقه بهما كل الوجود. أما إذا كان له أخ أكبر مقارب له في السن، أصبح أخوه مثالاً يحتذي به، فهو يتكلم مثله، ويردد العبارات ذاتها، ويفعل مايفعله. وينتقل إلى المدرسة، فتصير معلمته نموذجاً آخر يُقتدى به. اسأل طفلاً ماذا تريد أن تصبح عندما تكبر؟ ولمَ تريد ذلك؟ ودع الإجابة تُخبرك عن التقليد.
ويكبر الطفل، ويتعلم الكثير من هذه الحياة، ويظل هناك طفلاً صغيراً بداخله يريد أن يُقلد شخصاً ما. ويتكرر المشهد، ويكثر هؤلاء الأطفال الكبار المُقلدون لبعضهم البعض، وينتج المجتمع لنا أشخاصاً مكررين تتفق ذواتهم وتختلف صورهم، فالتخصصات الدراسية تم اختيارها بناءاً على تقليد من حولهم في الحياة. وعندما يظهر التقليد، يختفي الشغف، ويُدفن الإبداع.
نقلد الآخرين لأننا لا نفهم أنفسنا جيداً، لا ندرك أن بدواخلنا طاقات هائلة تنتظر منا الإذن بخروجها فنصبح مميزين مُستغنين عن تقليد غيرنا. ولأننا أيضاً كسالى نرفض الخروج من قوقعاتنا ونريد توفير الجهد والوقت، بل ونتوقع الخسارة إن سلكنا طريقنا الخاص، لذلك من الأسهل لنا والأضمن أن نقلد الآخرين.
لكن لماذا لا نجرب؟ التجربة تمدك بالحكمة، إن نجحت في مسعاك ظفرت بالهدف وفخرت بإنتاجك الشخصي الذي صنعته بنفسك. وإن أخفقت تعرفت على نفسك أكثر.. وهذا عز المطلوب.
“بإمكاني أن أفعل عكس ما يفعلونه وما يخبروني به؟”
لا تكن أحمقاً، يظل هذا تقليداً طالما أن الأشخاص هم محور اهتمامك وتفكيرك.
افعل ما تراه مناسباً لك.. قلل من ترديد الإقتباسات لغيرك، واصنع اقتباسك بنفسك، قل ما تريد قوله، واستغل الفرص المتوفرة لديك والمخفية عنك لأنك ترى فقط الفرص المتوفرة عند هؤلاء الأشخاص الذين تقلدهم.