ذات يوم جميل من أيام الطفولة، اقترحت أمي علينا أنا وأختي بفكرة المراسلة البريدية وتبادلها مع بنات خالاتي. كنا نشتاق كثيرًا إليهن لأنهن كن يسكن في مدينتين مختلفة من المملكة ولم نستطع رؤيتهن إلا في إجازة الصيف، فكانت فكرة رائعة.
بدأنا أنا وأختي بكتابة الرسائل الكثيرة، رسالة لكل واحدة منهن. كانت الرسالة رسمية تبدأ بالتسمية والسلام ثم نعرج فيها إلى السؤال عن الأحوال، ثم نكتب سطرًا أو سطرين فيهما بعض الأخبار. نستخدم أجود أنواع الورق الملون عندنا ونجود بالملصقات المتنوعة والكروت الملونة التي لدينا ونضع آخر الصور الفوتوغرافية لنا فنكتب ورائها قصة الصورة وتاريخ إلتقاطها. ثم نرسل الرسائل بالبريد. قد يمر أكثر من شهر دون أن تصل الرسائل إليهن (حال البريد السعودي) فنتصل عليهن هاتفيًا ونسألهن ”ها وصلت لكم الرسائل؟“
كان يوم استلام الرسائل منهن جميلًا للغاية. نقرأ الرسالة الواحدة مرات كثيرة، ونحكي لأمي ثم لصديقاتنا في المدرسة عنها. ثم نخطط متى نكتب إليهن مرة أخرى.
أعجبتنا الفكرة كثيرًا، لدرجة أننا تطورنا وبدأنا نسجّل أشرطة ال”كاسيت“ بالإضافة إلى الرسائل. فكنت أضع برنامجًا كاملًا مدته كامل الشريط أو نصفه، فابدأ مع أختي بسرد أخبارنا، ثم أنشّد آخر الأناشيد التي حفظتها من المدرسة، بل وأضفت فقرة ”توب ٢٠“ للأغاني المحببة إلى نفسي فابدأ من الأغنية العشرين وأغنّيها ثم الأغنية الحاصلة على المركز ال١٩ لديّ وأغنّيها وهكذا حتى أصل إلى الأغنية رقم واحد. أخبرتني ابنة خالتي في وقت قريب أنها كانت تؤخر هذه الفقرة بلف الشريط حتى تصل إلى نهايتها 😐
أما في المدرسة، وبالإضافة إلى الكتابة في الأوتوغرافات، فكنت أتبادل مع صديقاتي الرسائل. أكتب رسالة أو أكثر في منزلي ثم أعطيها في الغد لإحدى صديقاتي اللواتي كن يحرصن على كتابة الرسائل لي، وأجد في ذلك متعة كبيرة. كانت الملصقات ”الستيكرز“بأنواعها والأوراق الجميلة الملونة لها قيمة عالية لدينا، وكنا نكتب على كل شيء، على المناديل، وعلى البطاقات، وحتى على أظرف الرسائل. تكوّنت لدي مجموعة ضخمة من الرسائل على مدى سنوات المدرسة.
كانت لدي صديقتان أحبتا مثلي هواية تبادل الرسائل فكانت أكثر رسائلي منهن وإليهن، إحداهن تدعى هنادي في السنة الخامسة-السادسة الإبتدائية. كانت فتاة مرحة وظريفة، لكنها تركتنا فيما بعد وسافرت إلى تبوك ثم انقطعت أخبارها عنا. ولذلك كانت رسائلها تتحدث فيها عن الوداع.
هنا رسالة منها تعاتبني فيها، فلقد “صال” لها يومين تتصل على هاتف المنزل ولا أجيب. وللأسف لعبن من دوني في يوم غيابي.
ويظهر أنها من معجبين كاظم الساهر، فقد كتبت لي إحدى أغانيه، بل ورسمته شخصيًا.
يُرجى ملاحظة مكان الدموع في الرسالة*
هنا إحدى وصاياها لي بعدم النسيان:
أما صديقتي شهد، فقد غمرتني بالرسائل أيضًا، وبرسوماتها وأعمالها الفنية-مازالت صديقتي إلى الآن وتحب الرسم-. هنا بطاقة صنعتها على شكل شمس ملتهبة، وبجانبها تعليقة بلاستيك وكتبت عليه حرفها:
أما هنا فرسالة منها بعد أن أعرتها إحدى الكتب المدرسية لتنقل منه حسبما فهمت، وتعتذر كثيرًا لأن أختها قد فعلت شيئًا بالكتاب وعوضتني بملصق لشيطان جميل:
أما رسائلي اليوم فلم أجدها إلا عند شهد، فبنات خالاتي اعترفن لي أنهن تخلصن منها 🙂 ! وهنادي انقطعت أخبارها تمامًا. فلم أحصل على صورة من رسائلي القديمة إلا عن طريق شهد. هنا رسمة لزميلات الفصل الخامس الإبتدائي:
وهنا رسالة تهنئة بمناسبة السنة الهجرية الجديدة:
أما هذه الورقة فورقة مليئة بالشم:
ليست شهد فقط هي الكريمة بالستيكرز، فقد أهديتها بطاقة تخفيض من تيفال:
ثم واكبت التكنولوجيا فيما بعد واستخدمت ال”فلوبي ديسك” في تحميل البطاقات الإلكترونية لشهد:
بعد ذلك، تعرفت في عام ٢٠٠١ في منتدى لفرقة أجنبية مشهورة على فتاة ماليزية. تبادلنا البريد الإلكتروني واتفقنا على كتابة الرسائل الإلكترونية باللغة الإنجليزية. وهكذا أصبحت الماليزية بالنسبة إلي كما يقولون:
my pen pal
أو صديقة القلم، فكنا نتبادل قصصنا في المدرسة ودرجاتنا المدرسية وأيام الإجازات وصورنا وأخبار الفرق الموسيقية التي نحبها، وأيضًا أخبار كأس العالم في عام ٢٠٠٢.
خلال فترة غربتي خارج المملكة، تعرفت على صديقات وزميلات من دول مختلفة. اتفقنا على مراسلة بعضنا البعض عن طريق البطاقة البريدية. بطاقة من الورق المقوى غير مكلفة على الإطلاق وكذلك إرسالها بالبريد غير مكلف.
هنا بطاقات “بوست كاردز” من المكسيك، وألمانيا، اسكتلندا-بريطانيا، وتايلندهنا آخر بطاقة بريدية استلمتها من صديقتي غادة في نيويورك- الولايات المتحدة:
مخرج:
بمناسبة موضوع التدوينة، هناك فيلمين لطيفين اقترحهما عليكم
Mary and Max
فيلم “ستوب موشن” عن فتاة استرالية فقيرة ووحيدة تتعرف على شخص في نيويورك تختار اسمه من دليل الهاتف وتقرر أن تراسله، ويصبحان صديقان بالمراسلة. الفيلم لطيف للغاية، من النوع الكوميدي-الدرامي
You’ve Got Mail
فيلم رومانسي كوميدي من بطولة ميق رايان وتوم هانكس يقعان في الحب عن طريق المراسلة بالبريد الإلكتروني.
وأنتم ماذا عنكم؟ هل كانت لكم تجارب مع المراسلات البريدية أو الرسائل اليومية؟
أراكم في تدوينة قادمة !
تدوينة مليئة بالشجن ، دوما احب الرسائل والجوابات
أتذكر في طفولتي كنا أنا واخواتي نسجل شرائط كاسيت مليئة بأخبارنا واغاني الطفولة والالقاء ونرسلها الى جدتي والاهل 😍
أجل فانتي تفهميني وتعرفين جيدّا معنى الرسائل المصحوبة بأشرطة الكاسيت ومتعة الإستماع إليها، أمر جميل للغاية
شكرًا لك على القراءة ميمونة وعلى مرورك هنا
تدوينة رائعة للغاية .. كنت أفعل الشيء ذاته مع بعض الزملاء أيام الطفولة، وللأسف فلم تكن أمي برحمة والدتك وقضت على كل رسائل أصدقائي بسبب كونها (قمامة ورقية لا فائدة منها 😢) ..
للأسف فقد افترقت أنا وهؤلاء الزملاء منذ فترة طويلة للغاية، ولهذا فلا أعرف ما إذا كانوا يملكون وسائلي لهم بعد أم لا ..
هذه العادة الجميلة لا زلت أمارسها حتى اليوم (وإن كان ذلك أقل بكثير مما اعتدت عليه في السابق)، فالخطابات المليئة بالكلمات الجميلة هي ذكريات رائعة تبقى في قلب من استلمها إلى الأبد ..
تدوينة مذهلة يا نجمة .. 🌺
خسارة الرسائل 🙁
أتوقع أن زملاؤك نفس الشيء، الكثير من الأمهات يرين أن هذه الرسائل مكانها القمامة ولا ألومهن فهي تسبب فوضى كبيرة إلا إذا أنت تداركت الوضع واحتفظت بها بعيدًا
شكرًا لك على القراءة
من يوم كنت صغيرة، كان أبوي يعودنا على الكتابة بما أنه أديب وكاتب، وكان مايستجيب لأي طلب من طلباتنا إلا إذا كتبنا له رسالة وحطيناها في جزمته عشان يشوفها غصب، حتى طلبات المدرسة الصغيرة وكان إذا جاء يطلع العصر لمكتبه نترقبه من بعيد نشوف أخذ الرسالة ولا لا وإذا رجع المساء يجيب معه طلباتنا أو يعطينا الإجابة بالرفض أو القبول للطلب اللي بالرسالة، طبعاً كبرنا واخترنا المحادثة المباشرة إلا بالأمور الكبيرة جداً، وكنت حسب كلامه “شيطانية” لأني اقتبس من قصائده أو كتاباته لمحاولة استعطافه واجباره على الموافقة 😬
وحالياً أنتج كتاب تحت النشر مجمع فيها رسائل وصلته على مدى سنواات كثيرة وإذا صدر راح أهديك نسخة منه.
وبالمناسبة قرأت كتاب أدب الصداقة لعبدالرحمن منيف جميل جداً
ياجمال والدك! نقدر نقول إنكم صرتوا أدباء بشكل ما بسبب هذه الطلبات
الله يعطيه الصحة والعافية ويرزقه بركم فيه
شكرًا مليحة على لطفك الله يسعدك 3> ا
وشكرًا على القراءة وعلى مرورك هنا
الطف تدوينه مرت علي استمتعت جداً وانا اقرأها..
ماقد جربت اكتب رسالة ابداً، وجداً تحمست اجرب
ارسلت لصديقاتي التدوينة عشان يتحمسون ونبدا نجرب المراسلة
استمتعت بالتدوينة بشكل .. من انا صغيرة احب اكتب غالبا كان لصديقاتي ويغلبها الستيكرز.. بفترة المتوسط كنا انا وبنات خالتي نكتب بطريقة قصصية ف كل مرة وحدة تكمل حسب خيالها وشعورهاا نظرتها للواقع من الفترات اللطيفة جدا ..ورجعت ثاني بتبادل الرسائل الورقية مع احدى الصديقات وغيرهم لفترات متباعدة .. اشتقت لشعور تلقي رسالة ورقية وشكرا لانك شاركتينا نجلاء.
الله يانجلاء تدوينتك ذكرتني بشغفي القديم بكتابة الرسائل منذ سنوات طفولتي المبكرة …قبل سنوات كتبت تدوينة حولها ….”يرجع الولع بتلقى الرسائل ربما الى فترات مبكرة فى سنوات طفولتى عندما كانت والدتى تترك لنا هامش لنكتب عليه تعليق ما نرسله لجدتى او واحدة من الخالات او العمات ، ثم اصبحت لنا رسائلنا المستقلة ، وكانت أعداد هائلة من الرسائل يتم تحريرها ، لا فيما يخص الاحداث الهامة واخبار الوفيات والزيجات والولادات ، بل تتعدها الى اختيار اسم مولود ، وطلب وصفة طبية ، او مقاديرلطبق ما ، وانحسر الشغف عند اشقائى ليقتصر على وحدى ، فصرت اكتب عنى وعن اشقائى رسائل تفصيلية بكل اخبارنا واحداثنا الكبيرة الى التفاصيل الصغيرة ، لتنحصر فى مرحلة لاحقة من حياتى وتقتصر على اصحاب واصدقاء طفولة عشنا متعة السفر والاغتراب والاكتشاف ثم توزعنا على قارات العالم ، فصار للبريد ورجل البريد مكانة مميزة فى حياتى ، ومشوار المرور على صندوق البريد من الاولويات فى برنامجى الاسبوعى فنمت علاقة بينى وبين من يعمل فى مكاتب البريد اينما حللت .http://almuheet.blogspot.com/2009/06/blog-post_15.html
تدوينة مليئة بالحنين والابتسامات 🙂
أحببت هذه التدوينة كثيرًا والآن أنا بصدد تحميل فيلم الانيميشن لمشاهدته 😀
شكرًا لك
الرسائل الرسائل
أتذكر أننا كنا نتبادل الرسائل مع خالتي التّي تسكن في الخارج، كنا نكتبُ الرسائل معًا ونتنافس أينا يصنعُ ظرفًا أو يختار أوراقًا أفضل .
لا أزال أحتفظ برسالتها الوحيدة والطويلة إلي . وأتذكر كيف قامتْ برسم صورة لطيفة وصغيرة في نهاية الرسالة جمعتني فيها معها وحولنا قلب .
هذه ذكرى قديمة للغاية لكنني أتذكرها وكأنها بالأمس . وهيَ التبادل الوحيد الحقيقي عبر المسافات والبريد .
ما عدا ذلك فقد كانت رسائل إلى ابنة خالتي أو والدتي إما بخصوص خطأ ما وأردت الاعتذار أو للتعبير عن حبي وامتناني .
مؤ خرًا وبسبب الحياة وبعدنا تدريجيًا عن اللقاء او اجتماعات الاصدقاء . صرنا نكتب لبعضنا . نكتب الكثير من الرسائل والبطاقات البريدية والأظرف والتغليفات حتى إذا ما التقينا كان لكل واحدة نصيبُ من ظرفٍ كبير يحوي رسائل تعود لعدة أشهر .
أستمتع في الكاتبة إليهن ويسعدني أنهن يقدرن حبي لذلك ويبادلنني إياه .
كانت تدوينة مليئة بالحنين، شكرًا لكِ .