في الكتابة، تنصح الروائية مارقريت آتوود الكاتب المبتدئ بالتخلص من الصفحات الزائدة والمملة أو الكتابات التي لافائدة منها بقولها:
”The wastepaper basket is your friend. It was invented for you by God”
”سلة المهملات صديقتك. لقد خلقها الرب من أجلك“
في العاشرة من عمري، زارنا خالي الأكبر المدينة قادمًا من جدة. بعد مدة ليست بطويلة من دخوله المنزل، قدّمت إليه ال”اوتوقراف” الخاص بي من أجل أن يدوّن عليه شيئًا من مشاعره الإيجابية نحوي. كنت أطمح إلى تجميع أكبر عدد من الأشخاص ليكتبوا لي حتى لا يُبقوا لي صفحة فاستطيع بذلك التفاخر أمام صديقاتي عن العدد الكبير من الناس الذين أعرفهم، تمامًا مثل عدد الأصدقاء في فيسبوك.
”هذا كتابك الذي كتبتيه؟“ قال خالي ممازحًا، أو افترضت أنه كان كذلك.
”لا! هذا اوتوقراف.. تعرف اش يعني اوتوقراف؟“ وشرحت له ماذا يعني، وماذا يجب عليه أن يفعل.
سطّر بضعة كلمات في دفتري الصغير، ثم قال ”لو كتبتِ كتابًا فإنني سأنشره لكِ“
لمعت عيناي. كانت الفكرة تبدو جديدة وجذابة .. أنا أكتب كتابًا؟
جلستُ على طاولتي الحمراء أعصف ذهني، وأفكر ما الذي يمكنني كتابته؟ كل كاتب هو خبير في موضوع كتابه. في أي مجال تقع خبرتي؟
فكرتُ قليلًا، واستنتجتُ أنني خبيرة في طرح ”الفوازير“ على صديقاتي. فليكن كتابًا ممتعًا عن الألغاز.
بدأت بكتابة الألغاز التي أعرفها وحفظتها من مجلات ميكي، لكنها نفدت بسرعة. احتجت إلى فوازير كثيرة. التجأت إلى كتب سين جيم لشريف العلمي من مكتبة والدي، لكنها كانت ألغازًا علمية صعبة. ففكرت في النكت، نعم .. ستكون إضافة مميزة!
هكذا اكتملت فكرة الكتاب، صفحة للفزورة والحل بالخلف، وبعد كل فزورة استراحة للقارئ -المُرهق الذي فكّر بالحل- مع نكتة. قصصتُ الأوراق من الدفاتر وشرعتُ في كتابة كتابي الذي انتهى ب١٠٠ صفحة تقريبًا. كانت كل صفحة مذيّلة برقم. كنت أكتب كتابي وأنا أتخيل أنه سيساعد الكثير من الناس في تقضية أوقات فراغهم بالفوازير. بكم سيكون سعره؟ لمعت عيناي بشكل أكبر. لكن المال لايهمني فهذا كتابي الأول، ومشواري مازال طويلا. انتهيت من الكتابة، وزيّنت الكتاب بالألوان التي ستُبهج خالي والناشر. للأسف، لم يعد هناك أي دبابيس في الدبّاسة من أجل تثبيت الأوراق، فعمدتُ إلى ثنيها من الطرف الأعلى.
أخذت الكتاب معي في إجازة الصيف إلى جدة وحرصتُ على بقاء الأوراق مرتبة برقم الصفحات في شنطتي. ومن أجل منع المتطفلين من سرقة الأفكار أو إبداء آرائهم السخيفة، وضعته فوق الدولاب. جاء خالي أخيرًا وجريت إلى الدولاب وسلّمته كتابي. ما الذي حصل؟
تصفّح خالي الكتاب وأبدى إعجابه، لم يقل شيئًا بخصوص النشر.
مرت أيام عديدة وكتابي مازال فوق الدولاب. نسيته تمامًا. جاء اليوم الذي قررت فيه أمي تنظيف الغرفة بشكل عميق. ارتفع صوت أمي بغضب ”ماهذه الأوراق المتناثرة فوق الدولاب؟“
يبدو أن هواء التكييف قد نثر الأوراق.
وجدت أمي اسمي كمؤلفة على الأوراق. يبدو أنني لم أرغب في أن يسرق شخص ما فوازيري.
سألتني أمي بسرعة ” يبدو أنها تعود إليكِ .. هل مازلتِ تحتاجينها؟“
أجبت ” لا خلاص.. ارميهم“
ونادت ”يا رسول -اسم العاملة-.. جيبي الزبالة“
وهكذا انتهى كتابي الأول إلى الزبالة.
لا اتذكر انني قد قرأت لك من قبل ولكن متاكد ان هذا اول تعليق لي في مدونتك
اسلوبك السردي جميل جدا واعجبني واتمنى ان ارى كتابك الاول ان لم يظهر للوجود بعد
ما قدرت امنع نفسي من الابتسام وأنا أقرأ هذه التدوينة الظريفة، شكرًا نجلاء
ههههههه قصة محفزة ،حسيت اني عشت الجو فعلا