بالأمس ذهبت أنا وصديقاتي إلى إحدى المطاعم في مونتريال من أجل قضاء ليلة فنية: رسم لوحة “ليلة مضيئة بالنجوم” للفنان الهولندي فان جوخ، بمساعدة فنانة قامت بإعطاءنا خطوات الرسمة.
وضعت رسمتي -مع إحتقاري لها- في حساباتي في الشبكات الإجتماعية، لأتفاجئ بأن لها معجبين! بل أن أحدهم سألني مشككاً “من جد رسمتيها بنفسك؟”، لا أعلم هل كان كل هذا الإعجاب حقيقياً أم لا- مع ثقتي التامة بأن اللوحة ليست بجميلة- لكنه بلا شك وهبني موضوعاً لأتحدث عنه الآن: زراعة الثقة بالنفس.
كما ترون أعزائي، أن من أهم أسباب زراعة الثقة بالنفس هم الآخرين. نعم الثقة بالنفس تُزرع، ولا تُوّرث. اسأل نفسك، كم من الأمور الغير اعتيادية -كالمهارات- التي تستطيع القيام بها بكل ثقة أمام الناس؟ ثم كيف استطعت أن تفعلها؟
ثم عد مرة أخرى واسأل نفسك، فيم تتعلق الثقة التي يزرعها محيط الشخص غالباً؟ إذا كان ذو وجه جميل! فالكثير من الأهالي لا يزرعون الثقة في الطفل غالباً إلا إذا كان ذو وجه جميل، فيكبر ويكبر رأسه معه، حتى لا يصبح واثقاً إلا بوجهه ويُهمل تطوير جوانب كثيرة من شخصيته. ولذلك، فإن أغلب أصحاب الوجوه الحسناء من الثقلاء. انظر إلى بيكاسو عندما قال عن أمه “عندما كنتُ صغيراً، كانت أمي تقول لي (إذا صرت جندياً فسوف ينتهي بك الأمر لأن تصبح جنرالاً، وإذا صرت قسيساً فسوف تكون البابا) وأنا صرت رساماّ وأصبحتُ بيكاسو!”
والأمر عظيم لدى النساء، وخاصة في مجتمعنا. إذ أن المرأة لدينا ناقصة عقل ودين، وتحتاج دوماً إلى ولي أمر زُرِعت ثقته بنفسه من قبل مجتمعه ليحميها من نقصان عقلها وليتم عليها دينها. لكن، نستطيع أن نعوّض شيئاً من ذلك، و نبدأ في زراعة الثقة بأنفسنا..كيف؟
ابدأ بزراعة الثقة في من حولك بنفسك، ازرعها في أهلك وأصدقاءك. إذا رأيت شيئاً أعجبك فامدحه، للجمال و إن كان بسيطاً حق عليك بأن تعبّر عنه لمن يحمله: فستان جميل، قصة شعر رائعة، طبخة لذيذة، مقالة ممتعة… إحدى صديقاتي أخبرتني بأنها تخاف فعل ذلك لأنه لو حدث مكروه بالصدفة فسوف تُلام لاحقاً بأنها مصدر “العين”. لا أدري بالضبط ما المفترض فعله مع محاور الكون الذين يؤمنون بأن الناس لا يتحدثون إلا عنهم ولا ينظرون إلا لما لديهم.
لكن “ لكي يزدهر الإنسان يحتاج عادة إلى ثلاثة ردود إيجابية لتعويض كل قول سلبي على أفعاله: في المنزل يحتاج إلى ثلاثة ردود إيجابية مقابل كل رد سلبي، في العمل يحتاج إلى 5 ردود إيجابية مقابل كل قول سلبي، وفي بيئة جديدة يحتاج إلى 9 ردود إيجابية لكي يتخطى رد سلبي واحد!” هل تتخيلون مقدار الإيجابية التي يحتاجها الإنسان في حياته؟ والدنيا “دوّارة”..
أيضاً، إن لم تجد الدعم الكافي من محيطك، قم بنشر إنجازاتك بعيداً عنهم بواسطة الشبكات الإجتماعية-على سبيل المثال- فأحياناً “مغنية الحي لا تُطرب”. ستجد من يقدر مواهبك، وإن كانت ضئيلة، ويرعاها إلى أن تكبر أو إلى أن تصبح جيدة. انظر مثلاً إلى أصحاب البرامج اليوتوبية أو الكثير من المغردين، قد تختلف معهم تماماً وقد لا يحصلون على إعجابك، ولكنهم شقوا طريقاً يحبوه ووجدوا فيه من يدعمهم.
اترككم مع دعوة أمي لي “اللهم اجعلها في عينيها صغيرة، وفي أعين الناس كبيرة” وياليتها تكتفي بالشطر الثاني من الدعاء.