“لو أن مولودًا صغيرًا عرف أن يتكلم، لكان عبّر بالتأكيد عن دهشته من الوقوع في عالم غريب.. ولكنه قبل أن يصبح قادرًا على التكلم بشكل صحيح، يكون الكون بالنسبة له قد أصبح عادة”.
هل تعوّدت على العالم وأصبح كل شيء بالنسبة لك عاديًا؟ أغرقت في الروتين اليومي لدرجة أنه من الصعب أن يدهشك أي شيء؟ تفكّر قليلًا في التالي:
كانت احتمالية التقاء أمك بأبيك هي 1 من 20 ألفًا، ثم عندما غمرهما الحب كانت فرصتهما في إنجابك كطفل لهما -باعتبار أن الرجل ينتج 4 تريليون من الحيوانات المنوية خلال حياته والمرأة تُنتج 100 ألف من البويضات خلال حياتها، واحتمال إلتقاء حيوان منوي واحد ببويضة واحدة هو عبارة عن 1 من 400 كوادريليون (18 صفرًا)! ثم لو عدنا إلى الوراء، وكيف أن كل جدّ من أجدادك التقى بامرأة (إحدى جداتك) إلى أن وُجد أبويك.. سوف تجد في النهاية أن احتمالية وجودك على هذا الكون تساوي…الصفر!
هل أنت معجزة؟
ثم امتلاكك -أنت أيها المعجزة- لهذا الجهاز الذي تقرأ منه تدوينتي، ماهذه الفرصة التي جعلتك تضغط على رابط التدوينة وجمعتني بك كقارئ؟ أليس هذا كله مثير للدهشة؟
نحن اعتدنا الحياة حتى اعتقدنا أن كل شيء حولنا رتيب وممل، ورفعنا سقف الدهشة عاليًا فلا نتعجب إلا عندما نرى ماهو غير مألوف، وقد تكون الأمور المألوفة هي الأحق بالدهشة.
هناك أمثلة على كثير من الأمورة اليومية التي قد تجعلك تتأملها فتُصيبك بالدهشة..ملابسك القطنية على سبيل المثال: فلّاح استخدم آلة لحصاد القطن، ثم فرز المحصول باستخدام المحلج، وخزّنه ثم شحنه أو قامت شركة ما بهذه المهمة عنه وشحنت المحصول إلى الشركات التي استخدمت هذا القطن في تصنيع وإنتاج الملابس، ثم هناك المصمم الذي وضع تصميم قميص قطني وبعده العامل الذي قام بحياكة هذا القميص تحت الآلة، ثم صاحب المحل الذي أمل بأن يجني رزقه من وراء هذه القطعة فعرضها في دكانه للناس، ورأيته أنت في أحد نزهاتك في السوق ونال على إعجابك بدرجة كافية لأن تشتريه. ياترى كم من الوقت وماهي الحكايات التي صارت خلال هذه الفترة حتى وصل إليك هذا القميص شخصيًا؟
ومثل ذلك القهوة أو الشاي، فهناك الفلّاحة في مزارع سيرلانكا تعمل على قطف الشاي منذ الصباح أو الفلّاح في مزارع كولومبيا يحصد بُن القهوة بيديه، ياترى كيف كان شكل أياديهم المتعبة؟
الكثير من القصص حصلت في هذه المزارع بالطبع، فهذه الفلّاحة تريد أن تؤمن معيشة هانئة لأطفالها وتتكفّل بمصاريف دراستهم، وهناك صاحب المزارع الذي لا يُعوض الفلاحين نظير عملهم بشكل عادل، وقد تكون هناك تدخلات من الطبيعة ككمية المطر أو الحشرات فتُقلق هؤلاء… ثم أنت ومزاجك، ما هو الموقف الذي جعلك تجرب الشاي أو القهوة ثم تقع في غرام أحدهما فتداوم على شربه؟
عندما تسير في مكان ما على قدميك، ياترى مَن مِن الأشخاص قد حطّت قدماه على هذه البقعة من الأرض، كم عددهم؟ هل هم سعداء؟ هل كُسرت قلوبهم يومًا؟ هل هناك شخصًا ذكره التاريخ قد مشي في هذا الموضع من الأرض أم هو مغمور يشبهنا؟ قد يكون هناك شخص ما تُوفي على هذه البقعة وقد يكون هذا قبره في أحد الأزمنة، وقد تكون هناك حرب ما قد اندلعت في هذا المكان..
هل لديك حساب في تويتر؟ أليس غريبًا أن يكون لك متابعين؟ تخيّل أنك أردت أن تعبّر عن رأيك في شركة الإتصالات قبل عشرة أعوام، كنت ستصبح سعيدًا لو أن هناك 10 أشخاص فقط توقّفوا عن مشاغلهم اليومية من أجل سماع رأيك بالكامل ثم انصرفوا، أليس هذا عظيمًا؟
عندما تضغط على مفتاح النور في غرفتك المظلمة، وفي جزء من الثانية تصير مضيئة تستطيع أن ترى كل شيء فيها، إنتقالك من الظلام إلى النور.. عندما تنظر إلى البدر بإعجاب وهو مكتمل وهناك أشخاص في هذا العالم ينظرون إليه في نفس اللحظة.. عندما تفتح الصنبور ويهل الماء على يديك.. عندما تدوس على حشرة من بين ملايين الحشرات (يالحظها التعس).. عندما تخلط اللون الأصفر مع الأزرق فيُنتج لك اللون الأخضر..
هذا وثائقي عظيم من إنتاج بي بي سي متوفر على نت فليكس سيُصيبك بالدهشة حتمًا طوال فترة مشاهدتك له، عن كوكبنا الأرض، بُذل فيه مجهود عظيم – 5 سنوات- من أجل إنتاجه.
هذا الوثائقي الرائع هو سلسلة جميلة من 11 حلقة، عن الصحاري والمحيطات والغابات والجبال وغيرها. أنصحكم بمشاهدته.
أترككم مع بعض الأمور التي أدهشتني وتأملتها طويلًا:
هذا المخلوق الجميل يُصيبك بالدهشة والإعجاب، ويجعلك تظن بأنه يراقبك خاصة مع الأعين الصغيرة المُوزّعة على أجنحته
وردات خرجن من فتحة في البالوعة!
قد تكون رسمة طينية وقد يكون هناك سلطعون بالفعل يقبع تحتها قبل زفلتة الشارع
هل هناك أليس في الجوار في حفلة شاي؟ أم هذا جندي من جنود ملكة القلوب؟
بطاقة دعوة لاحتضان شخص ما تحتضن الأرض
بطاطا بالثوم تبادلني الإعجاب كما أبادلها وتُعبّر عنه برسمة القلب على سطحها اللذيذ
كنت أظن أن الدجاج والديك من الحيوانات الداجنة حتى رأيت هذه العائلة في الطريق
هيكل عظمي أجده دائمًا في شوارع المدن الأمريكية
رواية أحدب نوتردام مُهملة على الأرض، ياترى هل ارتاع القارئ من بشاعة كوازميدو للدرجة التي جعلته يرمي الكتاب هكذا؟
وأنتم.. ما الذي يُدهشكم؟
توفت الوالدة عندما كان عمري ١١ سنة. معدل الثانوي بعدها كان منخفض مما اثر على اختياري للتخصص الجامعي. رسبت في مادة الرياضيات في الجامعة مما أثر على المعدل الدراسي أيضا بشكل كبير.
حاليا ادرس في الماجستير في كندا. وبينما كنت اتحدث مع شخص مدهش أخبرته أن الحياة مدهشة فلولا هذه الحوادث الصغيرة في الماضي لما التقينا الْيَوْمَ. فعندما توفت والدتي لم أجبر على الدراسة ولَم يكن هناك حد يستطيع أن يدفعني للحصول على درجات عالية. وغالبا لما رسبت في مادة الرياضيات في الجامعة ولربما توظفت مباشرة بعد تخرجي وتزوجت. كل لحظات حياتي ربما تكون مختلفة كلياً عن هذه اللحظة في حال نجاحي في تلك المادة. وما يجعل الامر مثيرا جدا هي فرصة التقائي بهذا الشخص. كل تفاصيل حياته الصغيرة والكبيرة أدت إلى أن نلتقي في هذا البلد.
لحظات وتفاصيل دقيقة تغير مجرى حياتنا بالكامل … وعندما نلتقي بأفراد مثيرين للاهتمام نتسأل هل هو الحظ والمصادفة أم القدر..
الله يرحم والدتك ويسكنها فسيح جناته
موقفك اللي كتبته يجعلنا نكرر القول إن الحياة مدهشة بالفعل ومليئة بالصدف الجميلة رغم وجود المآسي
شكرًا لك على قراءتك للتدوينة وعلى مرورك اللطيف
تعليقك وداني عالم ثاني فعلاً دايماً اتفكر في هذا الشيء اسباب واحداث غريبه توصلنا لاشياء جميله جداً طبعاً مااقدر ما احكيك مع قصت رسوبك في اني رسبت في الانقلش 3 مرات وبعدها اتقنت اللغه بالمقابل لو اني نجحت كان اكتفيت بدرجه النجاح وبس
قبل عامين سرقت كتاب من مكتبة جدي المتوفى منذ ٨ سنوات
قررت بالأمس قراءته
كنت أفكر في فكرة أن جدي قرأ هذا الكتاب في مكانٍ ما، في زمانٍ ما، أدهشه سطرٌ ما!
ما الذي دفعه لقراءته؟ هل هو هدية؟ إذاً من من؟
في حال اشتراه، من اي مكتبة؟ في أي عام؟
لمس هذه الأوراق وأنا ألمسها الآن ايضاً..
هل كان يفكر من سيقراءه بعدي؟
هذه الأفكار ادهشتني واصابتني بالرعب هل ياترى سيتسائل أحد بعدي بنفس هذه التساؤلات؟ ومن سيكون؟
اين سيصل هذا الكتاب المسروق؟
رحم الله جدك يا أرجوان، نفس الأفكار التي أصابتني عندما قرأت كتابًا لأبي ووجدت بداخله ورقة قديمة من تقويم أم القرى كان قد وضعها عند قراءته للكتاب
شكرًا لك على قراءة التدوينة وعلى الموقف الذي سردتيه وأثار دهشتك
تدوينة مدهشة لأبدأ يومي بها
و بدأت أقتنع أن الإعتياد يُفسد الدهشات
بالنسبة لي ، جُمانا تجعلني أعيش معها دهشتها الأولى
فرحها و حماستها للأشياء التي اعتدنا عليها
و اسئلتها التي لا تتوقف
حتماً أنا الآن أعيش دهشة الصِغار
أسعد بمرورك كثيرًا هنا يازينب، أرجو أن تكون أيامك مليئة بالمفاجئات الجميلة والمدهشة
شكرًا على قراءة التدوينة وعلى تعليقك
يا للروعة نجلاء مازال هناك من يحمل مشاعر لطيفة في هذه الحياة
دائماً ما اتفكرحول كيف هي الحياة مدهشة حتى في تفاصيلها الدقيقة
لكني متى ما حاولت أن اشارك شعوري واعبر عن اندهاشي لمن حولي
ينعتوني بالفضاوة 🙂
أما انا مستمتعة جداً وأكثر ما يلهمني تأمل القمر
أول شيء يخطر ببالي أن جميع الشخصيات المخلدة في التاريخ والتي نالت اعجابي كانت تنظر لنفس القمر، ف أنا وهم ننظر للشيء ذاته مع فرق في التاريخ
لاتقلقي بشأن الناس، هناك من نعتني بالفضاوة عندما بدأت بالتدوين!
الدهشة الناتجة عن التأمل جميلة، وأعجبني ماقلتيه عن القمر
شكرًا لك على قراءتك للتدوينة وعلى مرورك اللطيف
لعل أكثر ما يدهشني هو انتقاؤك لمواضيعك التي تتحدثين عنها نجلاء، أعني أي سهولة وعذوبة تحتشدان في كلماتك ، لا أجد وصفًا أليق من اللطف، لطافة تحملك على الابتسام وتُسكن قلبك.. لا أخفي عليكِ كم أطلاتُ التفكير في الرحلات اللا نهائية والحكايا الغامضة التي تحدث وراء البحار لكل المنتوجات التي تصل أخيرًا بين أيدينا ، بُنّ القهوة والشال الصوفي وفستان طفلتي الصغير المنفوش وكل ما تعبث به يداي.
صحيح كم من أمور عظيمة تمر بنا نحملها محمل العادة ولعل أولها كما ذكرتِ بانعطافة فكرية رائعة في أول حديثكِ هم كم المصادفات والتحولات والحوادث التي أنتجت الخلية الأولى منا وكانت أسبابًا ساقها الله لنوجد ..
شكرًا لكِ نجلاء أقرأ لكِ لأبتسم وأزاور أماكن وأفكارًا وروائحًا وحنينًا وحكايا وكلها دائمًا تدهشني بجمالها.
بل الشكر لكِ رقية عل كلامك الراقي ومرورك الدائم اللطيف والعذب .. أحب تعليقاتك كثيرًا وإن كنتُ لا أحظى بالوقت الكافي للرد عليها في وقتها
تحياتي لكِ ودمتِ بخير
نعم الحياة مدهشة !! ومدهشة جدا …
أنا الآن صديقة عدوي اللدود في الماضي …
الآن أنا مؤمنة بأنه يمكن لمشاعر الكره أن تتغير !!
ماذا عن مشاعر الحب أيمكن أن تتغير ؟؟
تذكّرت مقولة “أحبب حبيبك هونًا ما عسى أن يكون بغيضك يومًا ما، وأبفض بغيضك هونًا ما عسى أن يكون حبيبك يومًا ما”.
كل الشكر على مرورك حنان
-الإنسان-
يدهشني فيه تغيّره كل يوم و هو لا يشعر ..
لا يدرك انه و مثل الاخرين يتغيرون كل لحظة ..
دهشة اليوم ليست كدهشة الأمس ..
فكل دهشة نكهتها مختلفة ..
طفل يندهش من الملعقة .. كيف هي ملساء .. كيف هي مقعرة .. كيف أمسكها .. كيف استخدمها .. مدهشة حقا ..
المعرفة .. تذهب الدهشة
بعد أن ظن الطفل أنه تعلم ما يكفيه عن الملعقة .. ذهبت الدهشة ،،
هكذا نحن مع الحياة ،، نظن أننا نعلم ما يكفينا عن ما حولنا ، فلم يعد يُدهشنا
و لم نعد نحاول ..
والله ماا قدرت اعدي قبل لا اعلق هنا من قووة الدهشة والمشاعر العجييبة الي صابتني، احبك والله رغم اني ما أعرفك ونفسي اقابلك بيوم، ياربي شقد انتي شخص لططيف! قاعدة امشي بمدونتك بالترتيب وكل مقالة تلهمني وتفتحلي ابوااب لدرجة قمت اكتب في دفتري حتى عنها! الله يسعدك سعادة ما بعدها شقاء يا ملهمتي .
الله يسعدك أسعدني كلامك حقًا.. شكرًا لكِ على مرورك الكريم وعلى قراءتك وعلى كلماتك الطيبة