كانت جدتي تلح على جدي بترك المدينة والسفر إلى الشام خاصة أن والدتها تركت المدينة وسكنت هناك -والظاهر أن أحوال المعيشة في الشام كانت أفضل بكثير من المدينة في ذلك الوقت- وبما أن ظروف السفر في تلك الأيام كانت قاسية للغاية صار طلبها صعبًا. ومازالت جدتي تبكي وتلّح على زوجها بقولها ”ودّيني الشام! ما أبغى المدينة!” حتى رأت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام يقول لها “والمدينة خيرٌ لهم لو كانوا يعلمون”.
كانت لهذه القصة – والتي قصّها عليّ أبي- في طفولتي وقع غريب على نفسي. وتحت تأثيرها، شرعتُ في قراءة كتابٍ من مكتبة أبي كان قد أُهدي إليه بعنوان “كيف ترى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام؟” كان الكتاب يستعرض حكايات لصالحين رأوا الرسول في أحلامهم. يحتوي الكتاب أيضًا على تجاربهم في تلاوة آيات وأدعية مخصوصة قبل النوم مكّنتهم بعد ذلك من الرؤية. أنهيتُ الكتاب بحماس وقرأتُ كل الأدعية والآيات والسور التي فيه- القصيرة بالطبع- ورددتها كثيرًا (كقراءة قل هو الله أحد مائة مرة، والصلاة على الرسول ألف مرة..)، ولم أر النبي في منامي. كررت ذلك في الليلة التي بعدها ولم أره حتى أصابني الملل وفترت عزيمتي فتركتها.
أصبحت الأحلام في طفولتي عالمًا مُشوّقًا للغاية. ولكي أتذكّر أحلامي الجميلة، أقوم بتدوينها فور استيقاظي حتى لا أنساها. تكوّنت لدي أوراق كُتبت بخط رديء مع العجلة حتى لا تطير أحلامي، واحتوت على خربشاتٍ عن الأحلام التي رأيتها. كنتُ أتلذذ بقراءة هذه الأوراق، أما الآن فأجدها سخيفة للغاية.
قرأتُ مرة في صفحة الأصدقاء في مجلة “ميكي” المصرية عن اختراع تسجيل الأحلام يُمكّنك من تسجيلها أثناء نومك ثم مشاهدتها عندما تستيقظ، وكم كان هذا الخبر رائعًا! فقد نشرته بين صديقاتي في المدرسة واتبعته قائلة أن الجهاز قد يأخذ وقتًا كعادة الأجهزة الحديثة في الوصول إلينا، لكن المهم أنهم اخترعوه على أي حال! بالطبع كانت صفحة الأصدقاء هذه كأخبار ال”برودكاست” الآن 🙂
ومع سكرة الأحلام، ابتعتُ من إحدى المكاتب القريبة من الحرم النبوي كتاب تفسير الأحلام لابن سيرين. كان الكتاب قاموسًا يحتوي على كلمات مرتبة ترتيبًا أبجديًا، وكل كلمة لها تفسيرها. أصبحت أتصفحه كلما رأيت حلمًا ما وأقرأه بنهم، بل تطوّعت لتفسير أحلام صديقاتي في المدرسة، فالولادة تعني انفراج هم والخاتم رزق والحمل هم وهكذا. العجيب أن إحدى صديقاتي والتي تتصل بي عند رؤيتها لحلم غريب أخبرتني أن تفسيري لها يتحقق. والأعجب من ذلك أن ابن سيرين لم يُؤلف هذا الكتاب، وإنما جُمع عنه.
ثم دهشتُ لقراءة قصص عن صالحين -في كتاب “الروح” لابن قيم الجوزية- قد تواصلوا مع الأموات عن طريق أحلامهم. أخبرتُ صديقتي عن حكاية الشخصيْن الذين تواعدا في الحقيقة، ثم رأيا بعضهما في المنام. تواعدتُ أنا وصديقتي في المدرسة أن نتقابل في الحلم، تاركتيْن صديقاتنا يضحكن علينا. تقابلنا في اليوم التالي وضحكنا نحن على خيبتنا.
بعد ذلك، قرأتُ في مقدمة ابن خلدون عن “الحالومية” وهي كلمات أعجمية تُرددها قبل النوم إن أردت أن ترى شيئًا ما في منامك:
تماغس بعد أن يسواد وغداس نوفنا غادس
وسرعان ماتوجهتُ إلى صديقتي وأخبرتها أن نُطبق الحالومية لهذه الليلة. قرأتُ الأذكار ثم رددت الحالومية مرارًا حتى غلبني النعاس. لم أر شيئًا وكذلك صديقتي.
في السنوات الأخيرة خفّ اهتمامي بالأحلام كثيرًا. قرأتُ كتابًا لفرويد “عن الأحلام”، ورغم أن هناك بعض المنطق في الكثير من تفسيراته، إلا أنني عجبتُ من إصراره على تفسير الأحلام وإرجاعها إلى الدافع الجنسي. قرأتُ أيضًا لعلي الوردي كتابه “الأحلام بين العمل والعقيدة” وأعجبني تحليله لتأثير الأحلام في المجتمعات خاصة العربية. وأوضح أن الكثير من الناس استغلوا أحلامهم لأغراض شخصية، وكيف أن الكثير من الأحلام هي رغبات ومشاعر مدفونة تظهر للمرء عند نومه. ومن كلامه الذي استوقفني:
“إن الأستاذ سلامة موسى ينصح القارئ بأن لا يروي حلمه -مهما ظنه بريئًا- لأحد إلا إذا وثق بأخلاقه. فالحلم قد يخفي رغبة دنيئة لا يجوز الكشف عنها، بينما هو في ظاهر بريء كل البراءة”.
وبالحديث عن الأحلام، لاحظتُ وجود “صائدة الأحلام” في الأسواق الشعبية هنا:
وهي شبكة من الخيوط والريش يعود تاريخها إلى السكان الأصليين الذي كانوا يصنعونها لأطفالهم حتى يصطادوا لهم أحلامًا جميلة طائرة في الليل، فتقع في الشبكة وتخرج من خلال الريش وتذهب للنائم. أما الكوابيس فإنها تبقى عالقة في الشبكة حتى تشرق الشمس وتتبخر كما الندى*.
أما الآن فأستطيع في كثير من الأحيان تغيير مجرى أحلامي لأني أُدرك أنني أحلم – قيل أنها تُسمى بالأحلام الواعية-. ولا أذكر متى كانت آخر مرة رأيتُ فيها كابوسًا دون أن انتبه أنني أحلم، فأُقرر حينها أن استيقظ وأوفّر على نفسي عناء تحمّل هذا الكابوس. لابد أن تاريخي مع الأحلام قد أثمرت نتائجه، فلا كوابيس بعد اليوم.
أختم هذه التدوينة بهذا الفيديو اللطيف بعنوان “لماذا نحلم؟” مدته ٥ دقائق، وبه ترجمة عربية:
https://youtu.be/2W85Dwxx218
ذكرتيني بأحلامي.. أنا شخص أحلم كثير لدرجة بعض الأحيان أحلم بحلم وأنا وسط الحلم “انسبشن”
أحد أحلامي كانت مرة حلمت بصديقي لما كان مريض وفي غيبوبة انه فجأة اتصل علي تعال شوف المبارة عندي فاستغربت قلت انت طيب الحين؟ قال ايييه انا بخير والحمدلله بس تعال انت البيت لا تتأخر. فجأة صحيت من النوم على صوت الجوال يرن واقوم وأرد على صديقي الثاني وقال لي انا بروح المستشفى ازوره تجي معي؟ كنت بقول لا بروح له بكرة لأن حاس بخمول بس ذكرت الحلم وانبسطت لا روح ان شاء الله اوصل والقاه تحسنت صحته فقلت ايه يالله معاك.. رحنا زرناه وكان على نفس الحالة سلمنا عليه وطلعنا. ثاني يوم الظهر جاني خبر وفاته.. عرفت وفهمت معنى الحلم انه كان يقول لي تعال سلم علي وخلاني اشوفه اودعه للمرة الأخيرة.
من بعدها صرت انزعج شوي اذا حلمت بشخص ما وللأسف الفترة هذي كثرت أحلامي عن شخص عزيز علي فصرت كل ما قمت من النوم افرح وفي نفس الوقت أخاف…
تعرفين احساس انك تفهمين معنى حلمك بس ما تبغين تصدقينه؟ هذا اللي أنا وصلت له
جميل جدا . متابع لك
واو أفكار خرافية ، بالتوفيق
ولا تنسوا أن نجربوا زيارة موقعنا intxideas.wordpress.com
انا زيك في نص الحلم اعرف انه حلم واكلم نفسي اصحي اصحي حلم لاتخافي وكلام زي كذا وفعلاً اصحى واتحكم في الامر من الامور الي حبيتها قرائتك عن الروح والتواصل كانت تشغلني هذي الاشياء فتره من عمري وتخوفني في نفس الوقت وسبب تعمقي فيها بعض افلام الرعب الي تعطيني طرف للخيط وابدء ابحث ابحث
الأحلام عالم رمزي، أقرأ هذه الأيام كتاب لكارل يونغ عالم النفس الشهير، الكتاب يدور حول فرص كبيرة في تفسير ملابسات حياة شخص ما والمعوقات والمنح التي تواجهه من خلال تفسير أحلامه التي تنتابه، توثيق جيد في تدوينتك أعلاه أختنا، بالتوفيق.