مقال مترجم*
في أمريكا، البحث عن الجمال هو أمر مكلف للغاية. ففي كل سنة، تصرف النساء مليارات الدولارات من أجل الحصول على شعر جميل، ورموش رائعة، وبشرة حريرية ناعمة. لكن في ثقافات مختلفة، لم تكن الكثير من طرق التجميل هذه موجودة قبل قرن من الزمان. في الحقيقة إن نظرتنا للجمال الأنثوي تشكّلت بشكل أساسي من خلال الدعايات الحديثة. ولذلك، رصدنا تأريخ أكثر “العيوب” التي تواجهها المرأة الحديثة والحكايات المدهشة التي تقبع خلف كل “علاج” لهذه العيوب.
هنا قائمة بأكثر الحيل النفسية التي تُستخدم ضد النساء وتُغذى من قِبل شركات التسويق:
١- لون شعرك الطبيعي ليس جميلًا بما فيه الكفاية
Does she.. or doesn’t she?
استخدمت شركة “كليرول” والتي أطلقت مليون صبغة شعر منزلية شعارًا دعائيًا “هل هي تستخدمه.. أم لا؟” في إشارة إلى صورة امرأة ذات شعر جميل يجعلنا نتسائل ما إذا استخدمت صبغة شعر “كليرول” أم لا.
في الحقيقة كان من المتوقع أن تُحدث حملة كليرول الدعائية ضجة في الأسواق، وبالفعل ارتفع عدد النساء اللاتي يصبغن شعورهن من ٧٪ في عام ١٩٥٠ إلى أكثر من ٤٠٪ في السبعينات.
استعرضت الإعلانات نساء سعيدات بشعورهن اللامعة والجميلة والتي كانت قبل ذلك حصرًا فقط على عارضات الأزياء اللواتي يحصلن على صبغات شعر احترافية. صرّحت الدعاية بأنه “إذا كانت لديّ حياة واحدة فقط، فدعني أعيشها كامرأة شقراء”. روّجت كليرول الصبغة الشقراء التي ستحوّل من مجرى حياتك هكذا:
عرضت كليرول لصبغات الشعر فكرة “التجديد” في ٢٠ دقيقة فقط لهؤلاء النسوة اللواتي لا يردن أن يصرحن بأعمارهن الحقيقية أو يظهرن بشعور بيضاء:
وصفت شيرلي بوليكوف، كاتبة الحملة الدعائية لكليرول، خطتها “لنجاح أكبر، يجب أن يشمل السوق هؤلاء النسوة اللاتي تقبّلن أشكالهن بشعر أبيض. ونستطيع إنجاز هذا الأمر عن طريق إيقاظهن مرة أخرى ومعرفة ما إذا كن غير راضيات عندما اكتشفن تلك الشعرات البيضاء”. أنجزت كليرول هذا الأمر عن طريق قولها “متى كانت آخر مرة دعاكِ فيها زوجك للخروج برفقته إلى العشاء؟” .
في هذه الأيام، هناك ٩٠ مليون امرأة في الولايات المتحدة تصبغ شعرها بحسب تقرير IBIS لعام ٢٠١٢!
٢- شعر جسدك مقزز:
في هذه الأيام يصور الإعلامُ النساء بدون شعر في أجسادهن، أو يُصبحن محل سخرية إذا أردن الإبقاء عليه. لكن من المفاجئ لنا حين نعلم أن النساء الأوروبيات والأمريكيات منذ القرن ال١٦ إلى القرن ال١٩ ميلادي كن يُبقين شعر أجسادهن.
ما الذي تغيّر؟ تقول الباحثة كريستين هوب بأن الإجابات تكمن في الدعايات والموضة. ففي عام ١٩١٥، تفجرت الدعايات التي تُحذر النساء من الإبقاء على شعر إباطهن بأنه أمر غير أنثوي، فيجب عليهن إزالته حتى يُصبح ناعمًا مثل ملمس الوجه. سمّت هوب هذه الدعايات “الهجوم على الإبط”:
بعد ذلك، تفجّرت دعايات أخرى تُشجع النساء على حلق أرجلهن حتى يُصبحن جذابات أكثر عندما يرتدين الجوارب وملابس السباحة. وبنهاية الحرب العالمية الثانية، كانت حلاقة شعر الجسد هي أمر مُتوقع من النساء الأمريكيات. استمرت الدعايات في الستينات والسبعينات تُصور شعر الجسد بأنه أمر غير أنثوي:
أما إزالة شعر منطقة البكيني فبدأ في عام ١٩٤٦، وظهر معه الشمع البرازيلي الذي اُستورد إلى الولايات المتحدة في نهاية الثمانينات، وأصبحت له شعبية بفضل الدعايات في التسعينات.
أما اليوم، فإزالة شعر العانة أصبح أمرًا أساسيًا في أوساط النساء الأمريكيات: ٨٠٪ من النساء بين السن ال١٨ وال٣٤ يُزلن على الأقل بعضًا منه، وبحسب إحدى الدراسات فإن العديد منهن يرغبن في التماشي مع المعايير الإجتماعية السائدة وأن يظهرن بشكل أُنثوي أكثر. حتى الآن، فإن الحملات الدعائية لمنتجات إزالة الشعر مثل دعايات “فيت” تستهدف نفس الفئة التي كانت تُستهدف قبل قرن تقريبًا.
٣- بشرتكِ غامقة جدًا:
خلال نهاية القرن ال١٩ وبداية القرن العشرين، ازدادت شعبية الكريمات المُفتحة للبشرة بين النساء السود في الولايات المتحدة. وغدى تبييض البشرة الداكنة أكثر من مجرد طقس تجميلي، فهي طريقة رمزية تدل على الحياة في وسط مجتمع عنصري حيث يُلاقي فيه ذوي البشرة الفاتحة نسبيًا من السود معاملة أفضل من غيرهم. فجّر المسوقون هذه الإشكاليات العنصرية في صناعة الجمال، يعدون فيه المرأة بأنهن يستطعن أن “يجدن مناصب اجتماعية أعلى، ويتزوجن بشكل أفضل، ويتعايشن مع غيرهن بشكل أحسن” ويُصبحن جميلات أكثر ببشرة أفتح من بشرتهن الحالية. وفي عام ١٩٤٤ ظهر هذا الإعلان الذي يقول بأن البشرة الأفتح هي الأجمل:
كانت المنتجات هذه في حد ذاتها خطيرة لاحتوائها على مادة الهيدروكينون الكيميائية، والتي تُستخدم في تطوير الصور الفوتوغرافية (هذه المادة الكيميائية حُظرت في استراليا، وفي دول الإتحاد الأوروبي، وفي اليابان، لكنها بقيت بشكل قانوني في الولايات المتحدة).
في خلال الستينات والسبعينات، تراجعت شعبية سوق كريمات تبييض البشرة بظهور حركة التحرير “الأسود هو الجمال”. شجّعت هذه الحركة الأشخاص السود ودعتهم إلى الإقتناع بملامحهم الطبيعية بدلًا من الجري وراء معايير ذوي البشرة البيضاء. سارعت شركات التجميل إلى التلطيف من لهجتها، وتحوّلت جملة “تبييض البشرة” إلى “بشرة مُشرقة”. تعهّد الإعلان في عام ١٩٦٢ النساء بالحصول على بشرة مشرقة وفاتحة حتى في الأيام الممطرة، دون ذكر الأعراض الجانبية لمادة الزئبق المسمومة.
اليوم، تستمر النساء في استخدام مبيضات البشرة حول العالم وخاصة في أفريقيا، الهند وباكستان. ومن المُتوقع أن تصل نسبة الشراء السنوية حول العالم إلى ١٠ مليار دولار بحلول عام ٢٠١٥، على الرغم من أن هذه المنتجات لها أعراض جانبية خطيرة.
٤- بشرتك فاتحة جدًا:
في بداية القرن العشرين، أصبحت “حمامات الشمس” وصفة طبية شائعة بين الأطباء للقضاء على أمراض عديدة. استغلت شركات التسويق هذه المنافع الصحية وخلقت اعتقادًا- كما ظهر في مجلة هاربر بازار في عام ١٩٢٩- “إذا لم تحصل على بشرة سمراء، فأنت لست جزءًا من هذه اللحظات…””
بعد هذا الإعلان مباشرة، بدأت شركات التجميل ببيع كريمات ال”تشميس”. يعتقد بعض الباحثين أن موضة التشميس خلقت سوقًا تجميليًا جديدًا، ووفّرت حافزًا تسويقيًا من أجل أن تكون البشرة البرونزية معيارا جماليًا أمريكيًا. وبقي هذا المعيار كذلك، ففي السبعينات لم تُوقف التحذيرات الصحية -بشأن المخاطر التي يجلبها التعرض للشمس كالإصابة بالسرطان- هذا الهوس بالتشميس. وبدلًا من ذلك، وفّرت فرصًا كثيرة لشركات التجميل من أجل ترويج منتجات تتعهد بتوفير حماية ضد الشمس، أو تُزود النساء ببشرة سمراء مُزيفة (تشميس منزلي) كالتي يحصلون عليها عند تعرضهن للشمس:
تواصل التحذيرات الطبية في توعية الناس بخطر التعرض الزائد للشمس. أما البحث عن بشرة برونزية جميلة لم يتوقف، فمنذ عام ٢٠٠٠، ازداد عدد منتجات التشميس المنزلي بشكل كبير ومن المتوقع أن يستمر كذلك في الخمس سنوات القادمة.
٥- ال”سيلولايت” مؤذية للعين، ويجب أن نزيلها!
حتى عام ١٩٨٣٠، كانت النساء ذوات الأجسام الممتلئة هن أكثر جمالًا، وكن يظهرن بأجسامهن الممتلئة في لوحات الرسامين بانحنائاتهن وب”السيلولايت” أيضًا. لكن في منتصف القرن العشرين، تغيّر شكل الجسد الأنثوي المثالي وأصبح أكثر رشاقة. وفي خلال نفس الفترة، أصبح ال”سيلولايت” عدو رئيسي للجسد الأنثوي المثالي.
في عام ١٩٦٨، أعلنت مجلة فوج أن “كلمة السيلوليت عبرت المحيط الأطلنطي مثل الأسماك المهاجرة” |إشارة في أن الكلمة فرنسية جاءت من أوروبا|. سخر بعض أعضاء المجتمع الطبي من القلق المفاجئ تجاه السيلولايت وقالوا أنه “مرض مُبتدع”. يُصيب السيلولايت حوالي ٨٠ إلى ٩٠ من النساء، وأصبحت مكافحته بل والسخرية منه هوس أمريكي. فلأن تكوني أمريكية مشهورة مصابة بالسيلولايت يُعد جريمة!:
في عام ٢٠١٤، بقي السيلوليت عدو لا يُقهر، واستمرت النساء في صرف أموال كثيرة على مستحضرات تجميل لم تُختبر بشكل كاف، وليست مُجدية على وقت طويل.
٦- أظافرك غير المُشذبة بشعة:
أنتج نورثام وارن مايمكن أن يُطلق عليه بأول مُشذب للأظافر ومزيل لطلاء الأظافر في عام ١٩١١. وأطلق أيضًا حملة دعائية أنتجت سوق طلاء الأظافر الحديثة. حذّرت الدعاياتُ النساء من الأظافر المقصفة وغير المشذبة إذ أنها تجلب لهن الشعور بالإحراج أمام الناس. تفجّرت الأرباح من ١٥٠ ألف دولار في عام ١٩١٦ إلى ٢ مليون دولار في عام ١٩٢٠! فالأظافر المرتبة والمشذبة هي طريقة للإفصاح عن الثراء والأناقة، وتُثبت أنكِ أرقى من الطبقة العاملة المتواضعة. وإذا فكرتِ بأنكِ تنجحين في إخفاء هذه الأظافر غير المرتبة، فهذا الإعلان في عام ١٩٢٣ يخبركِ بشيء آخر:
في عام ١٩١٢، ربع النساء الأمريكيات فقط كن يستخدمن مستحضرات التجميل الخاصة بعناية اليدين والأظافر، لكن في عام ١٩٣٦، ارتفع عددهن إلى ثلاثة أرباع. وخلال الحرب العالمية الثانية، ناشدت شركة كيوتكس لطلاء الأظافر الفخر الوطني للنساء:
اليوم، أصبح طلاء الأظافر وصالونات الأظافر هي الغذاء الرئيسي لجمال النساء. وفي عام ٢٠١٢، أنفقت الأمريكيات حوالي ٧٦٨ مليون دولار عليها!
٧- رموشك ليست طويلة بما فيه الكفاية!
خلال التاريخ، اعتدن النساء على تكحيل رموشهن بالسواد بمختلف الوسائل عن طريق إستخدام نبات البلسان إلى مواد صمغية كالإرتنج، لكن ال”ماسكرا” لم تظهر حتى القرن العشرين، عندما أوجد تي إل ويليامز شركة ميبيلين. اجتاحت الماسكرا التي كانت تُكلف حوالي ال١٠ سنت من ميبيلين أمريكا. وبينما كانت الأصباغ التجميلية “المكياج” غير أخلاقية عند البعض، جعلتها مشاهير هوليوود رائعة في نظر الجميع. وُعدت النساء بالحصول على رموش مُغرية كالتي عند شخصياتهن الهوليوودية المفضلة، كما صرّح هذا الإعلان في عام ١٩٢٩ في مجلة “موشن بكتشر”:
بعد ذلك، ظهرت العديد من منتجات ال”ماسكرا”، وبدأت شركات التجميل بالإعلان عن الماسكارات التي تُطوّل وتُكثّف الرموش. تعرضّت كبرى شركات التجميل هذه إلى انتقادات واسعة بسبب إعلاناتهم المُضللة، حيث أن بعضهم استخدم رموشًا اصطناعية على عارضات الدعايات!
وعلى الرغم من ذلك، ازداد الطلب على الرموش الطويلة وانتعشت الأسواق المخصصة لها. أخبرتنا نانسي ليونتر، مديرة تحرير ون ستوب بلس دوت كوم أنه “قبل خمس سنوات، كانت الرموش التي لديكِ هي رموشك الطبيعية، لكنك تضعين عليها الماسكرا. أما اليوم، فإنك تضعين رموشًا اصطناعية، وتستخدمين الأدوية التي تُطوّل الرموش، ولدينا هوس شديد بالرموش !”
مقالة ترجمتُها من هافنغتون بوست عن الإنجليزية، كتبَتها “أماندا شيركر” ونُشرت بتاريخ ٢٩ أبريل ٢٠١٤، الصور الموجودة في هذه التدوينة هي من نفس المقالة أيضًا
7 Ways The Beauty Industry Convinced Women That They Weren’t Good Enough
تدوينة أخرى ذات صلة:
الحقيقة البشعة وغير العادلة عن الجمال
0 thoughts on “الحيل التي استخدمتها شركات التجميل لإقناع النساء بأنهن لسن جميلات بما فيه الكفاية”