بعد أسبوع من ولادة ابني، أضعت ساعات ثمينة من نومي انحني فوق سريره لأتحقق ما إذا كان يتنفس أم لا، أو أبحث في قوقل عن الأخطار المحتملة .. من بينها: اكتشفت أنا وزوجي وجود طلاء في منزلنا يحتوي على مادة الرصاص، فأعلنتُ حالة الطوارئ. نظفت المنزل جيدا، لكنني مازالت أتخيل وجود سحابة من الذرات السامة تطوف حول المنزل كلما حملت طفلي من غرفة إلى أخرى.
عندما كشفت عليّ الدكتورة بعد الولادة ب٦ أسابيع من أجل تشخيص اكتئاب ما بعد الولادة، لاحظت بأن ردودي على أسئلتها كانت مشوشة نوعًا ما على الرغم من أن إجاباتي كانت تقع في نطاق المعدل الطبيعي. سألتني عما إن كنت أريد أن أؤذي نفسي أو طفلي فأجيبها ب“لا“، لكني كنت أعاني. فقبل ولادة طفلي، كان مستوى القلق لدي يعتبر منخفضًا، أما الآن فكأن المستوى ارتفع كثيرًا، وأكبر الأمور المقلقة التي واجهتها هو القلق نفسه.
الأمومة جعلتني أشعر هكذا، وسأكون أمًا طوال حياتي. فهل سيستمر قلقي للأبد؟ وهل سيعاني طفلي من هذا القلق؟ أخشى أن هناك شيء عميق بداخلي – نظامي، نظرتي إلى الحياة، ذاتي- قد تغيّر.
في الحقيقة، هناك شيء عميق للغاية قد تغيّر بالفعل: عقلي.
مالم أكن أعرفه حينها- وتمنيت أن عرفته وقتئذ- هو أنني كنت في وسط أكثر التغيرات العصبية في حياتي سرعة ودرامية. فالارتباك الذي شعرت به، وشعرن به الكثير من الأمهات، ماهو إلا مجرد جزء من تغيرات الدماغ الهيكلية والوظيفية والتي توارثتها الأمهات منذ آلاف السنين من أجل أن تجعلني أما جُل اهتمامها هو حماية طفلها وسلامته.
في العقدين الأخيرين، بدأ الباحثون في توثيق التحول العقلي الذي يحدث للأمهات. ولكن مازال موضوع العقل مغيبًا بشكل كامل تقريبًا عن النقاشات التي تدور حول معنى أن تكون أمًا، حتى جسم الأم – حالة كيت مدلتون زوجة الأمير وليام- على سبيل المثال يسلط عليه الضوء ويُناقش.
دخول مرحلة الأمومة هو حدث كبير بالنسبة للعقل- كما تقول جودي باولسكي، باحثة في جامعة رين في فرنسا والتي تلقي الضوء على ماتسميه هي وزميلاتها بال“الجزء المهمل من علم الأعصاب: دماغ الأم، هو أكبر حدث بيولوجي مهم يحدث في حياتك“.
تتعرض النساء إلى طوفان من الهرمونات خلال فترة الحمل والولادة والرضاعة والتي تُمهّد جميعها الدماغ للتغيرات الدراماتيكية في المناطق التي يُظن أنها تشكل دائرة الأمومة.
فالمناطق المتاثرة من الدماغ، حتى التي تجعل من المرأة متعددة المهام لتخدم احتياجات طفلها، تساعدها على التعاطف مع آلام طفلها ومشاعره، وتنظم كيفية ردها على تنبيهات إيجابية صادرة من طفل (يغاغي على سبيل المثال) أو توقع المخاطر. ففي الأشهر الأولى بعد الولادة، يخدم تفاعل الأم مع طفلها كمثير إضافي يربط دماغها بدماغ الطفل.
تهدأ بعض هذه التغيرات العقلية مع مرور الوقت. اكتشف الباحثون أن القلق أو اليقظة المفرطة التي تشعر بها الأمهات الجدد – على سبيل المثال- ترتفع حدتها خلال الشهر الأول بعد الولادة ثم تخف. لكنهم يشككون في بقاء أثرها إلى أن يكبر أطفالهن، ومن الممكن أنها قد تؤثر على علاقاتهن المستقبلية مع أحفادهن.
ففي إحدى هذه الدراسات، استخدم فريق من الباحثين التصوير بالرنين المغناطيسي التشريحي للنظر إلى أدمغة النساء اللواتي لم يحملن ولكنهن كن يتمنين ذلك. تابع الباحثون هذه الصور بعد الولادة مباشرة ثم بعد الولادة بسنتين. وللمقارنة، قاموا بتصوير أدمغة النساء اللواتي لم يحملن على الإطلاق.
فبعد الولادة، تغيّرت كمية المادة الرمادية في أدمغة النساء بشكل كبير وبخاصة في المناطق التي اشتركت في العمليات الإجتماعية و“نظرية العقل“، أو القدرة على الإحساس بمشاعر الآخرين- وهذا مفتاح لتربية الإنسان. فدرجة التغيير كانت كافية لدرجة أن الباحثين استطاعوا بسهولة أن يميزوا النساء اللواتي حملن عن اللواتي لم يحملن. علّقت الباحثة إلسلين هويكزيما التي أجرت البحث في عام ٢٠١٦ على الحمل والدماغ في جامعة ليدن في هولندا بقولها ”لم أشاهد شيئًا مثل هذا من قبل. لاعجب أن المرأة تتعرض لفيضانات من الهرمون خلال هذه الفترة، لكنني لم أتوقع أن أجد نتائج بمثل هذا الوضوح وبهذه الدرجة من التمييز“.
فكلما تعرضت أدمغة الأمهات إلى المزيد من التغيرات، كلما ازداد حجم إتصالهن العاطفي بأطفالهن، كما أخبرت الدراسات السابقة. وهذه التغييرات في الأدمغة تستمر نحو عامين لاحقًا.
كما صوّر الباحثون أدمغة الرجال، الذين أصبحوا آباءً خلال فترة الدراسة، وأدمغة هؤلاء الذين لم يصبحوا آباء أيضًا، ولكنهم لم يجدوا أي تغيير يُذكر في المادة الرمادية (وهناك دراسات وجدت أن الآباء -ومن بينهم الآباء الشواذ جنسيًا- الذين يربون الأطفال بأنفسهم بدون وجود الأم يواجهون نفس التغييرات الهامة في النشاط العقلي، لكن هذه التغييرات تعتمد على مدى تربيتهم المستمرة للطفل. فكلما قضى الأب وقتًا أطول مع الطفل، كلما كانت الشبكة الأبوية في دماغه مفعلّة، وكذلك الأمر بالنسبة للآخرين الذين يؤدون دور الأبوة).
يبدو أن اختبارات مسح الدماغ هذه أكدت وجود التغييرات السريعة و الدائمة للأمهات. فبعد مراجعة عدد كبيرة من الدراسات متعددة، كتبت باولوسكي مع باحثين آخرين في ورقة بحثية عام ٢٠١٦ تفيد أن فترة الحمل هي فترة نمو|تطور كما هي فترة البلوغ تمامًا ”تحت ظروف صحية، يتحول دماغ الأنثى إلى آلة أمومة“.
مازال هناك شوط كبير أمام الباحثين حتى يتمكنوا من الإجابة على أسئلة مثل: ما الذي تعنيه تغييرات الدماغ التي تحدث لكل امرأة تخوض تجربة الأمومة؟ أو كيف تتفاعل الأمهات مع المتطلبات الفيسيولجية لهذه المرحلة كالرضاعة وقلة النوم؟
بدأ الباحثون في دراسة مدى تأثير الصدمات كالعنف والفقر على دماغ الأم أو تأثير استخدام المواد عليه. لكن الأهم من ذلك، مازالوا لايستطيعون أن يعرفوا ما إذا كانت اضطرابات المزاج بعد الولادة هي نتيجة لتغييرات في الدماغ تتعرض لها الأم بسبب هذه المرحلة أم إنها من آثار الشبكات العصبية الأخرى للدماغ.
يحذّر الأطباء وكذلك كتب الحمل ومدونات الأمهات من أعراض اكتئاب ما بعد الولادة- وبعض الأحيان من اضطرابات المزاج بعد الولادة- مثل القلق الشديد أو الوسواس القهري. يشجع هؤلاء النساء على طلب المساعدة إذا واجهن بعض الأعراض كاليأس، والقلق الزائد، ووجود مشكلة في علاقتهن بأطفالهن، أو فقدان الإهتمام بالعائلة والأصدقاء، خاصة عندما تتصادم هذه الأعراض مع قدراتهن على العناية بأنفسهن أو بأطفالهن. هناك امرأة من بين كل ٥ نساء تتعرض لاضطرابات المزاج بعد الولادة، لذلك نشر الوعي بين الناس عن هذا الموضوع هو أمر ضروري. لكن المصادر التي تتحدث عن هذه الأعراض لاتبذل إلا وقتًا ضئيلًا في التحدث عن التغييرات العصبية التي قد تواجه كل الأمهات.
ما الذي سوف يحدث لو زوّدنا الأمهات بمفاهيم أساسية توضح لهن لِمَ وكيف تتغير أدمغتهن؟
هل سيساعدهن في تحمل التغييرات العاطفية غير المعتادة التي تكون في الغالب جزء من تغيير صحي من مرحلة الأمومة؟
هل سيفتح ذلك بابًا لهؤلاء الأمهات اللواتي يواجهن أعراضًا لايستطعن أن يصرحن عنها أمام أحبابهن أو أمام الأطباء؟
هل سيساعد ذلك بعض النساء ليشعرن بالقوة؟
عندما بحثتُ وقرأت، شعرت بأنني بدأت أسيطر على قلقي. لكن إحباطي قد زاد. العديد من النساء يشعرن بالتغيير بسبب الأمومة من خلال طرق قد تبدو محيرة ومقلقة. هذه معلومة قد تُريح الكثير منهن: في بعض الحالات، هذه التغييرات ليست طبيعية وحسب، بل إنها من الممكن أن تكون مفيدة لأنها تساعد النساء على أن يُصبحن أمهات بالطريقة التي يحتاجهن أطفالهن. لماذا لم أكن أعلم ذلك؟
في الأسابيع الأولى والسريعة من الأمومة لأول مرة، تصفحتُ العديد من الكتب عندما كان طفلي نائمًا. كنت أبحث عن شيء ما يساعدني في تفسير كيف كنت أشعر. ففي إحدى هذه الكتب (الرضع والأمهات: الإختلافات في النمو..) والذي كتبه طبيب الأطفال والمتخصص في نمو الطفل ”بيري برازيلتن“، قرأت جزئية يقول فيها ”القلق بشأن التربية يساعد في تعلم الأمومة“.
العديد من الأمهات يشعرن بالحاجة إلى البكاء ”في أغلب الأوقات“ ويتسائلن إذا كان هذا يعني توقفهن عن أداء دور الأمومة، كما يقول برازلتن. ”من المريح أن يعرفن أن هذا هو نتيجة عامة للتعديلات الفيسيولوجية والسايكولوجية التي تعقب الولادة. هذه الأمور سوف تمضي لأنها جزء مهم من قدرة المرأة لتصبح شخصًا مختلفًا، أن تصبح أمًا”.
فكرت في هذه العبارة خلال أشهر الحمل عندما كنتُ أتصفح تطبيق الحمل لأرى كيف يتغير جسدي خلال الحمل. لكن برازيلتن الذي توفي في شهر مارس، تنبأ بما توصل به الباحثون اليوم عبر صور الدماغ بأن الأمهات يصبحن ”شخصا آخر“.
أجاب برازلتن، والذي كان من المفترض أن يصبح ٩٨ عامًا، على اتصالي به في عام ٢٠١٦ عندما كان طفلي يبلغ عامًا من العمر. قابلته على الغداء، … وأخبرته بحكايتي، وعن الجزئية التي استوقفتني من كتابه خلال أيامي المظلمة، وكيف أنها جذبت اهتمامي نحو علم الأعصاب في دماغ الأم، ومنها بدأت رحلة العلاج.
القلق الذي كنت أشعر به كان يبدو منطقيًا، قال لي ”أنتِ مرعوبة، ولا تشعرين بالرضا وتحاولين جاهدة أن تستجمعي قواكِ، أن تواجهي هذا الطفل الذي تحبينه بشدة ولأول مرة في حياتك، ثم تدركين أن هذه مسؤولية عظيمة وأن هذا الطفل هو نقطة تحول في حياتك.. أعتقد بأن وقوعك في هذه الفوضى هو فرصة كبيرة حتى تنظمي فيها نفسك وتتشجعي بأن تصبحي إنسانة جديدة تودي أن تكونيها“.
”كل شيء سيء يحدث للطفل يوجه فيه اللوم إلى الوالدين الذين يشعرون أصلًا بالذنب وعدم الرضا، وبالتالي يعزز من الشعور بالفشل. يبدو لي أن هذا الأمر هو عكس مايجب أن نفعله. يجب أن نرفع من ثقة الأم بنفسها حتى تتمكن بالتالي من زرع الثقة في طفلها“.
أوصى برازلتن كل النساء الحوامل أو اللواتي أصبحن أمهات مؤخرًا بأن يجرين اختبارًا للكشف عن الإكتئاب، آملًا في أن يشارك أطباء الأطفال بشكل أكبر في الصحة النفسية للأمهات.
أشعر وأن برازلتن يتفق مع استنتاجي: أليس من الأفضل لنا أن نعدّ الأمهات للتغيرات العقلية التي من الممكن أن يواجهنها، قبل أن يلدن أطفالهن؟
”لاأعتقد أن أغلب الأمهات مستعدات لهذا النوع من التعليم. لأن ذلك يخيف الكثير من الناس. لا أعتقد أيضًا أنهم يريدن أن يعرفن أن أدمغتهن ستتغير. سيُصبن بالرعب“.
لذلك، إذا بدأن النقاش معه عن هذا الموضوع، فإنه يتجاوب معهن بكل سرور. لكنه لايبدأ هذا النقاش معهن اجتنابًا لزيادة مخاوفهن.
شعرت بالإرتباك والتخبط عندما بدأت النقاش معه…
أجده موضوعًا ثقيلًا على النفس عندما لاتطيق النساء تحمل فكرة تغيير أجسادهن، وأدمغتهن. سألت برازلتن ”أليس هذه فكرة قديمة وثقيلة للغاية؟“
لكنه أعتقَدَ بأنني أقصد شيئًا آخر، فتحدّث معي عن التحديات التي تواجه الأمهات العاملات اللواتي يفتقدن إلى دعم المجتمع. انتهى غداءنا بسرعة.
كان برازلتن طبيبًا مجتهدًا، يُنصت إلى الأمهات في وقت كان غيره من الأطباء يهملون ذلك. وهذا ماجذب الناس إلى كتاباته وبرنامجه الشهير ”مايعرفه كل طفل“. لكن تعليقاته بالنسبة إلي كانت متمركزة حول فكرة أن الأمومة – أو النساء بشكل عام- تتطلب معاملة حذرة، وهذه فكرة قديمة مازالت منتشرة.
في الحقيقة إنه من الأسهل لنا أن نتحدث عن كم هو جميل أن نرعى طفلًا على أن يكون نقاشنا حول كمية الرعب الذي يسببه خروج الطفل بصحبتنا لأول مرة إلى البقالة. من المريح أكثر أن نتجادل في اختيار أسماء الأطفال أو أسماء عربات الأطفال على أن نتناقش حول الوحدة الشديدة التي نشعر بها الساعة ٢ فجرًا عندما تستيقظين مجددًا بسبب بكاء طفلك.
تخبرنا ليز فردمان – مؤسسة ”المرأة الأم“ والتي تنظم شبكة من مجموعات الدعم للأمهات الجدد في ماساشوستس- ”يُعد الأمر عيبًا عندما نتحدث عن التحديات، لانريد أن نخبر الأمهات الحوامل عن صعوبات الولادة. بالأحرى، نريد أن نستمر في تصوير الأمومة وكأنها حلم كل امرأة، وأن نجعل من الحمل أمرًا في منتهى السعادة.. نشعر بأننا نُهوّل من معاناتنا الخاصة ونخيف الآخرين عندما نتحدث عن التحديات فنتجنب ذلك“
”يجب أن نتحدث عنها“.
الحواجز التي تحول بيننا وبين الحديث عن التحديات هي حواجز متجذرة بل وقديمة للغاية. على سبيل المثال الإعتقاد بأن رحم المرأة يعرضها للإصابة بالهستريا هو اعتقاد عمره ٤ آلاف سنة. أما اليوم، فإن الإعتقاد أن دماغ المرأة مضطرب بسبب الأمومة يشحن العنصرية ضد الحمل في أماكن العمل. الأبحاث حول ”دماغ الأم“، النسيان أو التشوش بشكل عام والتي تعاني منها بعض الأمهات، هي أبحاث متفاوتة. فالعجز في الذاكرة والوظيفة المعرفية هو أمر بسيط، يختفي مع مرور الوقت، وربما يكون له دور في اكتساب الدماغ وظيفة جديدة.
وعلى الرغم من أننا قد تعلمنا أكثر عن مدى تأثير الجينات وعلم الأعصاب على الصحة العقلية للشعوب، لكن مازال أمام الباحثين شوطًا كبيرًا فيما يتعلق بالصحة العقلية للأمهات. أجيال من الباحثين كانوا غير مهتمين بهذا الموضوع، كما قال الدكتور بيتر شمت، رئيس قسم الغدد الصماء السلوكية في المعهد الوطني للصحة العقلية والذي يدرس مشاكل بعد الولادة منذ عام ١٩٨٦. تتمحور دراسات شمدت على تحديد المحفزات التي تسبب اكتئاب او اضطراب مابعد الولادة.
لم يهتم أحد لأنها مشاكل النساء. ليست أمرًا مهمًا بالنسبة إلى الصحة العامة. أما الباحثون من الرجال الذين اهتموا بالموضوع، فذلك من أجل نساء قلقن لأجلهن.. هذا الاضطهاد ضد النساء هو ماجعلهن ضعيفات بسبب نظامهن التناسلي“.
انتشر هذا التخصص في السنوات الأخيرة كما يقول شميت. وبتزايد الإهتمام بدراسة دماغ الأم ظهرت تقنيات جديدة وأبحاثًا بارزة أثتبت للباحثين أن دراسة دماغ الأم ليست مضيعة للوقت، وازداد عدد الباحثات أيضًا.
كما أدرك الباحثون العجز في فهم الإختلاف بين النساء والرجال، حيث نادت كلية الأطباء الأمريكية في عدد مايو الأطباء إلى سد هذا العجز بتضمين المزيد من النساء كمواضيع دراسة في الأبحاث الإكلينيكية …
إذا كانت النساء غائبات عن الدراسات العلمية، فإن ”الأم“ كذلك غائبة، كما يقول الدكتور ألكسندر ساكس- طبيب نفسي في نيويورك ومؤلف كتاب سيصدر قريبًا ”دليل مشاعر الحمل والأمومة“.
وكما يظهر لنا أن أبحاث الأبوة والأمومة عادة ماتركز على الطفل. أخبرني باحثون قد التقيت بهم أنهم يحصلون على هذا الرد عندما يبحثون عن تمويل لأبحاثهم بخصوص الصحة النفسية للأم: ماذا عن الأطفال؟
التركزي على الأطفال هو أمر مفهوم كما يقول ساكس، لكن حان الوقت للتعرف على التاريخ المرضي للأم.
أخبرتني الدكتورة سمانثا ملتزر-برودي- مديرة برنامج الصحة النفسية لفترة الولادة في جامعة شمال كارولاينا ورئيسة ميرس في شمال أمريكا- أن هناك مجموعة تؤيد أبحاث وتعليم والدراسة السريرية للصحة النفسية. أخبرتني أنها ولفترة طويلة، كانت تشعر بأنها من القلة في تخصصها، تشجع الأمهات اللواتي يعانين من اضطرابات المزاج بعد الولادة أن يحصلن على الدعم الذي يريدنه. لكن الأبحاث الآن قدمت تغييرا كبيرًا وإن كانت لاتزال في بدايتها.
كما ازدادت المشاركة في مجموعات دعم الأمهات بعد الولادة. على سبيل المثال، نصحت كلية أطباء النساء والولادة الأمريكية بإعادة تصميم برنامج عناية لما بعد الولادة من أجل تقييم كامل لمزاج ومشاعر الأم. نتوقع صدور أول دواء في معالجة الحالات الشديدة لاكتئاب مابعد الولادة قريبًا في الصيدليات.
وجدت مالتزر برودي – والتي كانت باحثة أكاديمية أساسية في التجارب الإكلينيكية- البريكسنولون، المصنّع من قبل حكماء سيجيت العلاجية ومقرها كامبريدج، والذي أُعطي عن طريق الوريد لمدة يومين ونص اليوم، بالتخفيف من أعراض الحالات الشديدة لاكتئاب مابعد الولادة.
لكن بالرغم من أن أمراض مابعد الولادة جذبت الانتباه اللازم من الناس، إلا أن الوقت المبذول لمساعدة النساء في فهم ماذا يعني أن يعشن حياة صحية بعد الولادة وأن الأمومة ليست بالأمر الرومانسي. ”يجب أن ننتقل إلى هذه المرحلة“.
بدأت في التفكير بخارطة لدماغ الأم وكأنه أداة يمر عبر التفسير الرومانسي للأمومة، وتاريخ الإهمال العلمي، والأمهات المخفيات. هذه الخارطة ستكون أداة قياس محسوسة لمدى عمق الأمومة الجديدة، والتي ستوضح التغييرات التي تحدث للأمهات ”وهي تغييرات بيولوجية وليست تشريعية“، كما تقول لينا ميتال، رئيسة قسم الطب النفسي الجنسي في مستشفى بريجهام للنساء.
مانعرفه عن دماغ الأم يحتاج إلى المزيد من الدراسة كما تقول ميتال. نقلق على النساء اللواتي يشعرن بالضفط لفعل كل شيء خلال الحمل، وكيف يدركون أن الجهاز العصبي لدى المرأة الذي يتكون مع ارتباطها بالطفل يزيد من هذا الضغط. ليس هناك أية استنتاجات أن الأطباء باستنتاجهم من البحوث عن الدماغ يستطيعون مساعدة أم لتتخذ قرارًا بكيفية الاعتناء بنفسها وبطفلها.
”مانعرفه الآن هو مثير لكنها البداية فقط..“
الكثير من النساء يتعلمن عن كل أعراض الحمل الشائعة-على سبيل المثال الانفصال العضلي (انفصال عضلات البطن في وقت الحمل التي يُعزى سببها إلى آلام الظهر السفلى وضعف قاع الحوض) – ليس من أطبائهن، لكن من أفراد العائلة أو الصديقات. من الممكن أن يكون موضوع دماغ الأم مثل ذلك، يُصبح موضوعا يُتناقش فيه أكثر من الرضاعة الطبيعية بين مجموعات الدعم للأمهات.
هل يعد هذا الأمر كافيا؟ لكن الكثير من الأمهات ليس لديهن مجموعات الدعم أو لايبدأن في الحديث عن هذا الموضوع إلا إذا وقعوا فيه.
لاتتذكر ”كيت ورال“ في خلال فترة الحمل أو الولادة أنها تحدثت مع الفريق الطبي عن موضوع الدماغ أو عن السياق العاطفي للأمومة الجديدة. تخبرنا أنها كانت غير مستعدة لطوفان المشاعر التي أحست بها عندما نقلت مولودها من المستشفى إلى المنزل، أو عندما أصبحت لاتنام في ليالي الشتاء الطويلة.
”شعرت بأنني ضائعة أكثر مما توقعت“
لم تعاني ”كيت“ من القلق من قبل ذلك، لكن التحديات التي ظهرت في تهدئة طفل يصرخ أو جعله ينام، جعلتها تبحث عن المساعدة “لقد صُدمت من ذلك!“
تفاجئت كيت بأن صديقاتها قلن أنهن مررن بنفس التجربة. لكنها عندما حملت بطفلها الثاني، شعرت بأنها أكثر استعدادا. تقول بأنها تود الحديث مع الحوامل الجدد عن التحديات النفسية والعقلية التي تصاحب الأمومة. وأن هذا الواجب ليس محصورا على الأمهات، بل يجب أن يحصل على وعي وعناية طبية.
تدفق الاوكستوسين في الولادة يُحدث تغيرات للأم يجعل علاقتها بالطفل قوية من الأيام الأولى.
مازالت الأبحاث عن دماغ الأم في بداياتها، والحديث عنها يجعلها محورا للإهتمام. تجهزت لطوفان المشاعر عندما كنت حاملا بطفلي الثاني، فعندما عرفت ماكان ينتظرني، أصبح الأمر أقل رهبة. اتسائل عما إذا كنت مستعدة هكذا في أول حملي كيف ستتغير الأمور. من الممكن أن أكون أكثر تحملا لو كنت أفهم بعض التغييرات العقلية التي مررت بها.
مقالة مترجمة من بوسطن قلوب بتصرف.
Motherhood brings the most dramatic brain changes of a woman’s life
مقال جميل , تمنيت أن يشمل التصرف في الترجمة حذف الجزء الخاص بالشواذ لانه لايحمل أي معنى ولا فائدة .
دراسة مثيرة للاهتمام فعلاً
مقال مريح وكانه يتحدث الي انا مباشره .. لا اخفيك سراً انني كنت ابكي وانا اقراء لانه واخيرا شعرت ان ما امر به طبيعي ولست وحدي لان الغالبيه العظمى تتحدث عن تجربة الامومه الاولى وكيف كانت سهله ميسرة ظننت ان الخلل بي انا لكن الان ارتحت كثيراً
شكراً