حزب الشاي

هل تعلمون أن الشاي هو أكثر المشروبات استهلاكاً من قبل سكان الأرض؟ قرأت مرة أن 80٪ من سكان الأرض يشربون الشاي! ولشعب الأرض حكاياتهم المتعددة مع الشاي، فالولايات المتحدة الأمريكية بدأت الإستقلال عن بريطانيا عندما أسست حزب بوسطن للشاي، وهم ثوّار احتجوا على الضرائب التي فرضتها عليهم الحكومة البريطانية فقاموا بتخريب شحنة سفينة قادمة من الهند تحتوي على الشاي، وإلقاء الشاي في ميناء بوسطن. نبذت أمريكا بعدها شرب الشاي لكونه رمزاً إنجليزياً لتتجه نحو شرب القهوة!

بالنسبة لي، لا أحب القهوة فهي تسبب لي الغثيان -باستثناء القهوة العربية- ولكني أحب رائحة القهوة بشكل عام. أنا من حزب الشاي، أحب جميع أنواع الشاي، وأعشق الشاي المضاف إليه الحبق ( نعناع مديني | نعناع حساوي). جربت أنواعاً كثيرة من الشاي لشركات إنجليزية، فرنسية، وأمريكية، هذه أشهرها (صور أنواع الشاي هنا من قوقل)0:

1- ليبتون

6
ومن منّا لم يجرب ليبتون؟ أعتقد أن لساني اعتاد بأن هذا هو الطعم المفترض للشاي.

2- تويننقز Twinnigs

n
شاي ممتاز، جربت منه أنواع كثيرة كشاي (إنجلش بركفاست تي) أو شاي الفطور الإنجليزي

3-كوسمي Kusmi Tea
IMG_2629
هذا شاي فرنسي، جيّد جربت نوع واحد منه. لا أستطيع الإنكار بأن العلبة الجذابة كانت سبباً أساسياً في التجربة.


4- ماغياج فغيغ Mariage Freres

3
شاي فرنسي فاخر موزع في أكياس من الموسلين! دفعت تقريباً 30 دولاراً كندياً من أجل الحصول على 30 كيساً من الشاي!

5-Teavana تي فانا

te
شركة أمريكية اشترتها ستار بكس مؤخراً. قمت بتجربة أنواع مختلفة لديهم من الشاي، أعجبني
Samurai chai mate tea

6- أحمد تي Ahmed Tea

Cl]
جربت شاي بالهيل، لذيذ!

7-  David Tea ديفيد تي

DaTea
هذه الشركة تأسست في مونتريال، وقامت أوبرا وينفري بمدحه وإضافته إلى المنتجات المفضلة لديها

 بعض الإضافات للشاي:
1- الحبق
أفضل إضافة للشاي على الإطلاق طعماً ورائحة! الحبق المديني نبتة من الجنة! لا أستطيع أن أتزوّد من الحبق الطازج لإستحالة إدخاله إلى الحدود الكندية، لكني أحاول أن أبتاع علبة من الحبق المجفف بين فترة وأخرى!

68603
2- الحليب
إضافة الحليب إلى الشاي إضافة لذيذة، لكن قرأت مرة أن الحليب يُفقد القيمة الغذائية للشاي. من أشهر إضافات الحليب الشاي العدني، وهو عبارة عن حليب+هيل+قرنفل.. شاي لذيذ!

Photo 2015-03-11, 12 34 03 AM
3- العطرة
لاتعجبني رغم فوائدها الطبية، رائحة الشاي فقط جميلة بإضافة العطرة.. هذه هي نبتة العطرة من محرك البحث قوقل

4

4- الورد المديني
أحب ورد المدينة، لكني لا أحب استخدامه مع الشاي.. يقوم البعض بتجفيف الورد ومن ثم إضافته إلى الشاي

Photo 2015-03-11, 12 38 48 AM

5- ورق الليمون

جربوا أن تشربوا الشاي يوماً مع إضافة ورقة خضراء من شجرة الليمون، إضافة لذيذة

Photo 2015-01-22, 9 57 25 AM
6-النعناع المغربي
ومن لايعجبه الشاي بالنعناع المغربي؟ أو الشاي على الطريقة المغربية؟

758913

Photo 2015-03-11, 12 40 11 AM
7- الدوش
أيضاً لا تعجبني إضافة الدوش إلى الشاي رغم فوائده الطبية

470

والآن كيف تشربون الشاي؟ هل تفضلون الأكواب الزجاجية الشفافة؟ بالنسبة لي لا أحب أن أشرب الشاي في كأس ورقي إلا إن كنتُ مضطرة لملازمة صديقاتي، كأن ابتاعه من المقاهي المخصصة لبيع القهوة. في إحدى مقالاته الجميلة “اشرب الشاي.. اشرب الطعم” يقول محمد الرطيان “القهوة : رائحة .
الشاي : طعم .. ولون .
لهذا ، يفقد الشاي نصف مذاقه إذا لم أشربه في كأس زجاجي شفاف !”

girlintea

هل تحبون إضافة السكر إلى الشاي؟ كتب جورج أورويل مقالة كاملة يتحدث فيها عن حبه للشاي، وقدّم خطوات لعمل إبريق من الشاي..كما عبّر غضبه ممن يشرب الشاي مع السكر
كيف تسمي نفسك عاشقا حقيقياً للشاي في الحين الذي تدمر فيه نكهة شايك بوضع السكر معه؟ من المفترض للشاي أن يكون مر الطعم.. لو أنك قمت بتحليله فأنت لم تعد تتذوق الشاي، أنت تتذوق السكر فقط، بإمكانك صنع شراب مماثل بتحليل السكر في ماء ساخن!”
 

من أشهر حفلات الشاي في التاريخ، هي حفلة الشاي التي كانت في بلاد العجائب، في رواية لويس كارول “أليس في بلاد العجائب”. وقصة أليس بالمناسبة من أجمل قصص الطفولة في التسعينات، هنا مقدمة لمسلسل -إنتاج ياباني- اعتبره أجمل من الإنتاج الذي قدمته ديزني، وقد يكون السبب متعلق بذكريات الطفولة

أدعكم الآن مع بعض الصور التي التقطتها للشاي مع بعض الإقتباسات للأدباء عن الشاي في مؤلفاتهم

  • “دع العالم يذهب إلى الجحيم، أما أنا فيجب أن أحرص على شرب الشاي دائماً”. فيودور دوستويفسكي
  • “شاي! فليحفظ الرب شاي بعد الظهيرة!” أجاثا كريستي
  • “لكني لا أريد شيئاً سوى الشاي” جين أوستن
  • “تستطيع ياعزيزي أن تعطيني كوباً من الشاي حتى أصفي ذهني وأتمكن من فهم ماتريد” تشارلز ديكنز
  • “ الشاي هو أحد العوامل الأساسية لبقاء الحضارة في هذه البلاد” جورج أورويل
  •   لا أريد قهوة، لا أشرب القهوة على الإطلاق.. قليل من الشاي إذا سمحتِ” جين أوستن
  • ينطوي الشاي على سحر خفي يجعله لا يقاوم، ويمنحه القدرة على إسباغ الإحساس بالمثالية. فالشاي ينأى بنفسه عن غطرسة النبيذ، وعن غرور القهوة، وعن البراءة المتكلفة في نبتة الكاكاو”- أوكاكورا كاكوزو
  • المثل الصيني يقول بأنه من الأفضل أن تُحرم من الطعام لثلاثة أيام على أن تُحرم من الشاي ليوم واحد” خالد حسيني

Photo 2015-03-11, 12 33 42 AM Photo 2015-03-11, 12 33 17 AM Photo 2015-03-11, 12 33 00 AM

Photo 2015-03-11, 12 32 00 AM Photo 2015-03-11, 12 33 52 AM Photo 2015-03-11, 12 33 36 AM Photo 2015-03-11, 12 32 54 AM Photo 2015-03-11, 12 31 27 AM Photo 2015-03-11, 12 30 57 AM

Photo 2015-03-11, 12 32 36 AM

Photo 2015-03-11, 1 55 38 AM

ماذا عنكم؟ ماهي أنواع الشاي المفضلة لديكم؟ كيف تعدّونها؟ وماهو وقتكم المفضل في شرب الشاي؟ وماهي التقاليد المتبعة لديكم في شرب الشاي؟ يسعدني أن اقرأ مشاركاتكم 🙂

الناجحون في الحياة

لستُ في مزاج يجعلني أتفلسف عن معنى النجاح في الحياة، ومن هم الأشخاص الناجحون حقاً. لذلك، هذه التدوينة ستأخذ المنحنى التقليدي في الحديث عن الأشخاص الناجحين في الحياة، أي بمعنى البارزون في مجالاتهم.

ولمَ نتحدث عن الأشخاص الناجحين؟ أذكر أن علي الوردي كان يسخر من الناس الذين يستمعون إلى حكايا الناجحين ويُهملون الإصغاء إلى قصص الفشل، فلو أصغينا إلى الفاشلين لاجتنبنا برأيه أسباب فشلهم. لكن أين هم المخفقون؟ لايتحدث عادة إلامن نجح، والناجحون في الحياة قليل- مقارنة بالعاديين-، أما الفاشلون فهم يجتنبون الحديث إلينا وذكر محاولتهم- إن عرفنا أنهم جربّوا أصلاً- وكثيراً ما اكتشف بالصدفة أن فلاناً اتخذ ذلك المسلك وأخفق، ولاأستطيع لومهم فهذه طبيعة النفس البشرية. فلنستمع إذن لمن يتكلم.

ريتشارد سانت جون- وهو الذي ألهمني في كتابة هذه التدوينة، وأغلبها ترجمة لما قاله- قابل 500 شخصاً ناجحاً حول العالم خلال عشر سنوات في الكثير من المجالات (الأعمال، الفن، العلوم، التكونولوجيا، التصميم، القانون..الخ) ليتحدثوا عن نجاحهم. حاول ريتشارد في مشروعه هذا أن يجد الرابط المشترك بين هؤلاء الأشخاص الناجحين، فقام بتدوين كلماتهم وتصنيفها ثم توزيعها في عوامل مختلفة للنجاح. واكتشف بعد عمله المضني هذا ليلاً ونهاراً بأن هناك ثمانية عوامل مشتركة بين الأشخاص الناجحين:

1-الشغف
2- العمل بجدية
3- التركيز
4- يدفع نفسه للأمام دائماً
5- يختلق أفكار إبداعية جديدة
6-يطوّر نفسه على الدوام
7- يخدم الآخرين
8- يصمد

لنتحدث بداية عن الشغف.. ما هو شغفك في هذه الحياة؟ الرسم؟ الكتابة؟ أم البرمجة؟ هل تعرفت عليه أم ليس بعد؟

يخبرنا ريتشارد أن صاحب الشغف يتحول من شخص محبط وغير منجز لأكثر الأشخاص إنجازاً. كبيل جيتس على سبيل المثال الذي قال مرة “كنت جالساً في غرفتي محبطاً، أحاول أن أفهم ما الذي أفعله بالضبط في حياتي”، ثم أصبح من أكثر الأشخاص إنجازاً بسبب حبه للبرمجة!

يؤكد ريتشارد بأنه يجب أن نقضي 20٪ فقط من أوقاتنا على الأشياء التي لانحبها، لأن الأشياء التي نحبها تستحق 80٪ من وقتنا، وإذا كان الأمر معاكساً فإننا في الوظيفة الخاطئة. لكن كيف نحوّل شغفنا إلى مهنة؟ هنا تدوينة جميلة بقلم طوني صغبيني بعنوان (هل هناك وظيفة مثالية؟ معضلة عبودية الأجر والحياة البسيطة).

بمساعدة الشبكات الإجتماعية، أستطيع أن أجد الكثير من الذين حولّوا شغفهم إلى مصدر رزق، فهناك من تحب تزيين الكعك افتتحت متجراً لبيع الكعك والحلوى، وآخر يحب التدوين وجد وظيفة ككاتب، وهناك شخص يحب التصوير أصبح مصوّراً للمناسبات، حتى من تحب التباهي بما لديها في انستقرام وتصوير يوميّاتها، وجدت مصدراً للرزق عن طريق الإعلانات أمام هذا الجمع الغفير من المتابعين!

لكن كيف نستطيع العثور على شغفنا؟ كيف باستطاعتنا أن نتأكد بأن ما نفعله هو حقاً ما نحبه؟
يجيب ريتشارد على هذا السؤال، فيقول جربوا كل الطرق واكتشفوها حتى تجدوا شغفكم. وهذا مافعله روبرت منش الذي قال” درستُ حتى أصبح قسيساً، لكن وجدت ان هذا الأمر كارثة بالنسبة لي. اشتغلت في مزرعة، لكنني لم أعجبهم، عملتُ في قارب، لكنه غرق. جربت أشياءاً كثيرة، ولم أجد ما أريده. لكنني حاولت وحاولت حتى جربت شيئاً أحببته! أصبحت مؤلفاً لكتب الأطفال!” روبرت منش باع حتى الآن أكثر من 40 مليون كتاب!

هناك احصائية أمريكية أُجريت على أشخاص تتراوح أعمارهم ما بين 18-25 سنة، وقاموا بسؤالهم عن هدفهم الأول والثاني للحياة. 81٪ من هؤلاء الأشخاص أجاب: “أن أصبح غنياً”. تعجب ريتشارد كثيراً وقال بأن كل أصحاب الملايين والبلايين الذين أجريت مقابلات معهم عندما سألتهم عن أهدافهم في الحياة، لم يخبرني أحداً منهم على الإطلاق بأن المال كان هدفهم.

بيل جيتس قال “أنا وشريكي بول لم نكن نفكر أبداً بالمال، كنا نحب البرمجة”. وها هو بيل جيتس يصبح أغنى رجل في العالم. جي كي رولينغ، مؤلفة روايات هاري بوتر، أخبرته بأنها لم تكن تفكر في المال “كنت أريد فقط أن أحصل على المال الكافي ليجعلني استمر في الكتابة، لأنني أحب هذه النوعية من الكتابة”. وها هي تصبح من أغنى النساء في بريطانيا، أغنى من الملكة إليزابيث الثانية سليلة عرش الإمبراطورية التي كانت لاتغيب عنها الشمس.

 سأحاول أن أكتب – بدون وعود- عن المزيد من النقاط التي ذكرها ريتشارد، وحتى ذلك الحين أرجو أن أجد تفاعلاً منكم  بنشر هذه التدوينة إن أعجبتكم 🙂

ليلة صوفية

بالأمس حضرت ليلة صوفية جميلة من باب الفضول والإطّلاع. قد كنت كتبتُ مسبقاً عن مغامرتي الأولى في عالم الصوفية تدوينة بعنوان عالم صوفي إن أردتم قراءتها.
بدايةً جلسنا في حلقة دائرية كبيرة، وبدأت الليلة بتلاوة من القرآن الكريم، ثم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وبترتيل بعض الأذكار. بعدها، بدأنا نمارس التأمل، طلبت منا المُختصّة بأن نغمض أعيننا وأن نتنفس بعمق، و روت لنا حكاية ببطء شديد حتى نستطيع أن نتخيلها ونعيش أجوائها  (وأرجو أن أُوّفق في تذكرها وسردها) :


لنذهب سوية إلى مصر، إلى الأهرامات… نحن أمام أكبر هرم، ستدخل الهرم وستجد أمامك درجاً تصعده، وفي هذا الدرج تجد صوراً لك فيها حياتك السابقة وحياتك الآن.. الآن أمامك غرفة كبيرة بها حوض سباحة كبير وفي آخر الحوض توجد مرآة ضخمة.. تستشعر مياه الحوض بإحدى قدميك فتقرر أن تغوص في حمام السباحة.. شعور غريب ينتاب كل جسدك.. كل المتاعب والمصاعب تخرج منك بسبب هذا الماء، تجد شخصاً في آخر حمام السباحة عند المرآة.. هذا الشخص يحبك كثيراً ولديه الكثير من مشاعر الحب تجاهك.. ثم تقرر أن تخرج من حمام السباحة وقد خرجت منك كل متاعبك وهمومك وتودّع هذا الشخص.. تعود أدراجك لتنزل من الدرج وترى مرة أخرى صوراً لحياتك.. تُوّدع هذا المكان الجميل مع إمكانية العودة إليه مرة أخرى”.

أخبرتنا بأنه من الممكن أن نفتح أعيننا عندما نكون جاهزين لذلك فقد انتهت رحلتنا. سألتنا عن التجربة، وحيث أن لا أحد قام بالرد عليها بادئ الأمر أجبتها بأن الأمر مشابه للحلم. وكنت قد محقة، فكأنه أحد أحلامي الضبابية والغير واضحة التفاصيل. لم أشعر بشيء خارق، ولم تلامس التجربة وجداني. تعاقب الجميع بعدها على سرد ما أحسوا به خلال التأمل، فإحداهن تخبرنا وبشيء من التأثر بأنها شعرت أنها كانت في الجنة، وأخرى تُخبرنا بأن الإنسان الواقف عند المرآة و الذي لديه كل هذا الحب هو الرسول صلى الله عليه وسلم، وآخر يخبرنا بأنه تخيّل نبي الله يوسف لأنه قرأ قصة يوسف مؤخراً.

وبعد ذلك، قامت المُنشدة بترديد بعض الأناشيد الصوفية الجميلة، هذه إحداها قمت بتحميلها لكم على اليوتوب:

سردت لنا المُنشدة قصة جلال الدين الرومي وهو يبحث عن عالِم يستطيع أن ينهل منه العلوم الروحانية، وفي مكان آخر كان العالِم شمس الدين التبريزي وقتها يبحث عن طالب يلقنه كل العلوم الروحية التي في جعبته. وعندما وجد الرومي شمساً جلس معه زمناً استقى منه علومه العظيمة، وهجر فيه أهله وطلاّبه، وقيل أن هذا الأمر أثار غيرة طلّابه والمقربين إليه. اختفى شمس التبريزي فجأة وقيل أنه مات مقتولاً، وأصبح الرومي شاعراً صوفياً مشهوراً حتى للعجم يبحث في قصائده عن شمسه. أخبرتنا المُنشدة بأن الرومي يظل محظوظاً لأنه وجد شمسه، في حين أننا ما زلنا نبحث عن شمسنا.

ما يُستفاد من القصة أعلاه، أنك قد تُصبح إنساناً مُبدعاً بسبب مصائبك.. المُعاناة تُخرج الإنسان الشاعري فيك.

انتهت السهرة بالرقصة الدرويشية، والتي من المُفترض أن يبلغ بها الصوفي أعلى درجات الروحانية بدورانه حول نفسه -عكس عقارب الساعة- مع الموسيقى، فقد أخبرتنا المُنشدة بأن للدوران حول الذات سر عجيب، فنحن نطوف حول الكعبة، والأرض تدور حول نفسها -وهو ما ينتج عنه الليل والنهار بالمناسبة- أثناء دورانها حول الشمس.

مااستفدته من هذه التجربة هي الموسيقى الجميلة التي ظلت في ذاكرتي ومن حسن الحظ أنني قمت بتسجيلها، لم أبلغ أي درجة من الروحانية، ولم آتي لهذا السبب لأنني أؤمن تماماً أن في الصلاة بخشوع والدعاء تتجلى فيهما قمة الروحانية. في خلال لحظات التأمل لاحظت بأن قولنا (يا سلام) كتعبير لإعجابنا عن شيء هو مجرد ذكر اسم من أسماء الله تعالى (السلام)! أيضاً بسبب كلمات إحدى الأناشيد الصوفية تنبهت أن الرسول صلى الله عليه وسلم تُهامي وليس حجازي إن صح كلام الأصمعي الذي يذكر بأن مكة تُهامية والمدينة حجازية.

حياتي الخاصة بي

قبل 5 أيام، نشرت صحيفة النيويورك تايمز مقالة لأوليفر ساكس بعد أن علم أنه مريض بالسرطان، وأنه سيموت قريباً، فكتب هذه المقالة المؤثرة والتي قمت بترجمتها لكم

“في الشهر الماضي، شعرتُ أنني بصحة جيّدة، بل أنني في كامل صحتي. في عمر ال81، ما زلت أستطيع السباحة لمسافة ميل واحد يومياً. لكن حظي بدأ ينفد، قبل أسابيع قليلة علمت بأنني مُصاب بورم خبيث منتشر في الكبد. مضت تسعة أعوام عندما أُصبت بورم نادر في العين، سرطان الخلايا الميلانية في العين. وعلى الرغم من أن العلاج بالإشعاع والليزر أزالا الورم تماماً وبسببهما أصبحت لا أرى بتلك العين، إلا أن الخلايا السرطانية انتقلت، وهذه حالة نادرة جداً تجعلني من ال2٪ الغير محظوظين.

أشعر بالإمتنان لأنني عشت خلال التسع سنوات الماضية في صحة جيدة وكنت شخصاً مُنتجاً منذ اكتشافي للمرض الأول. ولكنني الآن يجب أن أواجه الموت. احتل السرطان ثلث كبدي، على الرغم من أن نموه قد يكون بطيئاً، لكن هذا النوع من السرطان لا يمكن علاجه.

الآن، سيكون عليّ إختيار طريقة الحياة المتبقية لي لأن أعيشها. أريد أن أعيشها بأغنى وأعمق طريقة وبأكثر إنتاجية أستطيعها. وفي ذلك شجعتني كلمات فيلسوفي المفضل، ديفيد هيوم، الذي علمت بأنه أصيب بمرض قاتل في عمر ال65، والذي كتب سيرة ذاتية قصيرة في يوم واحد في أبريل عام 1776 بعنوان “حياتي الخاصة بي” يقول فيها

أفترض بسبب قرب موتي أنني عانيت من ألم بسيط من مرضي، لكن الأمر الأشد غرابة أنه رغم فتور جسدي لم أعاني من خمود معنوياتي. لازلت أمتلك الحماس ذاته تجاه العلم، والبهجة ذاتها في مصاحبة الناس ”.

أعد نفسي محظوظاً لأنني عشت أكثر من ثمانين سنة، أما ال15 سنة الماضية التي أُصبت فيها فقد عشتها أوفر حظاً من هيوم لأنها كانت غنية بالعمل والحب: أصدرت خمسة كتب، وأتممت كتابة سيرة ذاتية لي (أطول من سيرة هيوم القليلة الصفحات) ليتم إصدارها هذا الربيع، ولدي كتب أخرى تنتظر النور.

تابع هيوم في سيرته “ أنا رجل ذو مزاج معتدل، ذو شخصية إجتماعية متفتحة وصاحب دعابة، أستطيع أن أحب، لكني رجل حساس قليلاً من الخصومة، وصاحب إمكانية عظيمة في التحكم بشغفي ”.

هنا أختلف مع هيوم. على الرغم من أنني استمتعت بصداقات وعلاقات مليئة بالحب، وليس لدي أي أعداء حقيقيون، لا أستطيع أن أقول (ولايستطيع شخص يعرفني أن يقول) بأنني شخص ذو مزاج معتدل. على العكس من ذلك، أنا رجل صاحب مزاج عنيف، وذو حماس متقد، ولا أستطيع أن أتحكم بشغفي على الإطلاق.

مع ذلك، سطر واحد من مقالة هيوم صعقني بشدة لصدقه “ إنه من العسير عليّ أن أنظر للحياة بموضوعية أكثر مما أفعله الآن ”.

خلال الأيام الماضية، أستطعت أن أرى حياتي من منظور عظيم، كأحد المناظر الجميلة مع إحساس عميق بالإنتماء لجميع تفاصيلها. هذا لا يعني أنني اكتفيت من الحياة، بل على العكس تماماً، أشعر بأنني حيّ وبقوة، وأريد بل وآمل أن أوطّد صداقاتي أكثر خلال الفترة المتبقية لي، وأن أودّع هؤلاء الذين أحبهم، وأن أكتب أكثر، وأن أسافر إن كانت لدي القوة لذلك، وأن أحقق مراحل جديدة من الفهم والإدراك، وهذا سيقتضي الجراءة والوضوح في محاولة تقوية حساباتي مع العالم. لكن سيكون هناك الوقت أيضاً لبعض المرح (وحتى لبعض التفاهة أيضاً!).

أشعر فجأة بتركيز واضح. ليس هناك وقت لأي شيء غير ضروري. يجب أن أركز على نفسي، وعلى عملي وأصدقائي. سوف أتجاهل مطالعة صحيفة “نيوز آور” كل مساء، ولن أعير اهتمامي للسياسة أو الجدل المتعلق بالإحتباس الحراري.

لاأعتبر هذا الأمر لامبالاة، بل موضوعية. لازلت أهتم بشدة بالشرق الأوسط، وبالإحتباس الحراري، وبالتفاوت في الدخل.. لكن كل هذه الأمور ليست من شأني الخاص، لأنها تنتمي إلى المستقبل. أبتهج عندما ألتقي بشباب موهوبين- حتى هؤلاء الذين شخّصوا مرضي-، أشعر وكأن المستقبل في أيدي أمينة.

أصبحت واعياً بشكل متزايد، وخلال العشر سنوات الماضية، بموت أقراني. جيلي يمضي، وكل وفاة لأحدهم أشعر بأنها إنقطاع وتمزيق لجزء مني. لن يكون هناك أشخاص مثلنا عندما نمضي، ولن يكون هناك شخص يشبه آخر أبداً. عندما يموت الأشخاص، لا نستطيع إستبدالهم. يتركون ثقوباً لانستطيع أن نملأها.. لذلك يتحتم القدر- وهو المسؤول الجيني والعصبي- على كل إنسان أن يكون شخصاً منفرداً لأن يعثر على طريقه الخاص به، وأن يحيا الحياة الخاصة به، وأن يموت بطريقته الخاصة.

لا أستطيع أن أتظاهر بأنني بلاخوف. لكن شعوري السائد الآن هو الإمتنان: لقد أحببت، وكنتُ محبوباً. أُعطيت الكثير، وأَعطيت أشياء بالمقابل. قرأت كتباً، وسافرت، فكرت وكتبت. وصارت لي علاقة مع العالم، علاقة خاصة بالكتّاب والقراء.

وفوق ذلك كله، كنت كائناً واعياً، وحيواناً مفكراّ على هذا الكوكب الجميل، وهذا في حد ذاته مغامرة وإمتياز عظيم”.

أوليفر ساكس، بروفسور في علم الأعصاب في جامعة نيويورك، كلية الطب. مؤلف كتب كثيرة منها**:

“Awakenings” and “The Man Who Mistook His Wife for a Hat.”

والآن ما رأيكم في مقالته؟