لستُ في مزاج يجعلني أتفلسف عن معنى النجاح في الحياة، ومن هم الأشخاص الناجحون حقاً. لذلك، هذه التدوينة ستأخذ المنحنى التقليدي في الحديث عن الأشخاص الناجحين في الحياة، أي بمعنى البارزون في مجالاتهم.
ولمَ نتحدث عن الأشخاص الناجحين؟ أذكر أن علي الوردي كان يسخر من الناس الذين يستمعون إلى حكايا الناجحين ويُهملون الإصغاء إلى قصص الفشل، فلو أصغينا إلى الفاشلين لاجتنبنا برأيه أسباب فشلهم. لكن أين هم المخفقون؟ لايتحدث عادة إلامن نجح، والناجحون في الحياة قليل- مقارنة بالعاديين-، أما الفاشلون فهم يجتنبون الحديث إلينا وذكر محاولتهم- إن عرفنا أنهم جربّوا أصلاً- وكثيراً ما اكتشف بالصدفة أن فلاناً اتخذ ذلك المسلك وأخفق، ولاأستطيع لومهم فهذه طبيعة النفس البشرية. فلنستمع إذن لمن يتكلم.
ريتشارد سانت جون- وهو الذي ألهمني في كتابة هذه التدوينة، وأغلبها ترجمة لما قاله- قابل 500 شخصاً ناجحاً حول العالم خلال عشر سنوات في الكثير من المجالات (الأعمال، الفن، العلوم، التكونولوجيا، التصميم، القانون..الخ) ليتحدثوا عن نجاحهم. حاول ريتشارد في مشروعه هذا أن يجد الرابط المشترك بين هؤلاء الأشخاص الناجحين، فقام بتدوين كلماتهم وتصنيفها ثم توزيعها في عوامل مختلفة للنجاح. واكتشف بعد عمله المضني هذا ليلاً ونهاراً بأن هناك ثمانية عوامل مشتركة بين الأشخاص الناجحين:
1-الشغف
2- العمل بجدية
3- التركيز
4- يدفع نفسه للأمام دائماً
5- يختلق أفكار إبداعية جديدة
6-يطوّر نفسه على الدوام
7- يخدم الآخرين
8- يصمد
لنتحدث بداية عن الشغف.. ما هو شغفك في هذه الحياة؟ الرسم؟ الكتابة؟ أم البرمجة؟ هل تعرفت عليه أم ليس بعد؟
يخبرنا ريتشارد أن صاحب الشغف يتحول من شخص محبط وغير منجز لأكثر الأشخاص إنجازاً. كبيل جيتس على سبيل المثال الذي قال مرة “كنت جالساً في غرفتي محبطاً، أحاول أن أفهم ما الذي أفعله بالضبط في حياتي”، ثم أصبح من أكثر الأشخاص إنجازاً بسبب حبه للبرمجة!
يؤكد ريتشارد بأنه يجب أن نقضي 20٪ فقط من أوقاتنا على الأشياء التي لانحبها، لأن الأشياء التي نحبها تستحق 80٪ من وقتنا، وإذا كان الأمر معاكساً فإننا في الوظيفة الخاطئة. لكن كيف نحوّل شغفنا إلى مهنة؟ هنا تدوينة جميلة بقلم طوني صغبيني بعنوان (هل هناك وظيفة مثالية؟ معضلة عبودية الأجر والحياة البسيطة).
بمساعدة الشبكات الإجتماعية، أستطيع أن أجد الكثير من الذين حولّوا شغفهم إلى مصدر رزق، فهناك من تحب تزيين الكعك افتتحت متجراً لبيع الكعك والحلوى، وآخر يحب التدوين وجد وظيفة ككاتب، وهناك شخص يحب التصوير أصبح مصوّراً للمناسبات، حتى من تحب التباهي بما لديها في انستقرام وتصوير يوميّاتها، وجدت مصدراً للرزق عن طريق الإعلانات أمام هذا الجمع الغفير من المتابعين!
لكن كيف نستطيع العثور على شغفنا؟ كيف باستطاعتنا أن نتأكد بأن ما نفعله هو حقاً ما نحبه؟
يجيب ريتشارد على هذا السؤال، فيقول جربوا كل الطرق واكتشفوها حتى تجدوا شغفكم. وهذا مافعله روبرت منش الذي قال” درستُ حتى أصبح قسيساً، لكن وجدت ان هذا الأمر كارثة بالنسبة لي. اشتغلت في مزرعة، لكنني لم أعجبهم، عملتُ في قارب، لكنه غرق. جربت أشياءاً كثيرة، ولم أجد ما أريده. لكنني حاولت وحاولت حتى جربت شيئاً أحببته! أصبحت مؤلفاً لكتب الأطفال!” روبرت منش باع حتى الآن أكثر من 40 مليون كتاب!
هناك احصائية أمريكية أُجريت على أشخاص تتراوح أعمارهم ما بين 18-25 سنة، وقاموا بسؤالهم عن هدفهم الأول والثاني للحياة. 81٪ من هؤلاء الأشخاص أجاب: “أن أصبح غنياً”. تعجب ريتشارد كثيراً وقال بأن كل أصحاب الملايين والبلايين الذين أجريت مقابلات معهم عندما سألتهم عن أهدافهم في الحياة، لم يخبرني أحداً منهم على الإطلاق بأن المال كان هدفهم.
بيل جيتس قال “أنا وشريكي بول لم نكن نفكر أبداً بالمال، كنا نحب البرمجة”. وها هو بيل جيتس يصبح أغنى رجل في العالم. جي كي رولينغ، مؤلفة روايات هاري بوتر، أخبرته بأنها لم تكن تفكر في المال “كنت أريد فقط أن أحصل على المال الكافي ليجعلني استمر في الكتابة، لأنني أحب هذه النوعية من الكتابة”. وها هي تصبح من أغنى النساء في بريطانيا، أغنى من الملكة إليزابيث الثانية سليلة عرش الإمبراطورية التي كانت لاتغيب عنها الشمس.
سأحاول أن أكتب – بدون وعود- عن المزيد من النقاط التي ذكرها ريتشارد، وحتى ذلك الحين أرجو أن أجد تفاعلاً منكم بنشر هذه التدوينة إن أعجبتكم 🙂
موضوع جميل نجلاء
لاشك أن النجاح لايولد من الفراغ بل بالمثابرة والشغف
ومن صبر ظفر
شكراً لك على مرورك منور، مقولة من جد وجد حقيقية فعلاً
رائع جدًا، ليت الكل يعرف ان الشغف مب شرط يجي كهدية مجانية أثناء الولادة.. شي تكتشفه انت بنفسك عن طريق التجربة.
تدوينة جميلة.. ممكن يكون حلو لو اضفتي بالأخير رابط للكتاب او مصدر للي يبي يقرأ تفاصيل تجربته.
شكراً جهاد على مرورك، هنا موقع الكاتب
وهنا يتكلم عن تجربته في اليوتوب
اتوقع المعضلة الكبرى لتحقيق مراد الشخص في هذه الحياه هي التعرف على ماهية هذا الهدف و هذت الشئ يكمن في معرفة الانسان نفسه ( مواطن قوته و ضعفه) و حتى يصل لذلك عليه التجربه والتجربه تستغرق مدتها حسب القدر المكتوب لشخص بعضهم في ليله و ضحاها يشاع صيته و يبرع و بعضهم قد تاخذ منه بضع سنين لكن الاجمل من ذلك هو الوصول و معرفة الكينونة الخاصة بك !! مقال جميييل احسنت
كلامك جميل! أفكّر أكتب موضوع آخر عن معنى النجاح اتفلسف فيه 😀
شكراً لك على مرورك وقراءتك للتدوينة
سهرانه ع مدونتك الي حبيتها مرررهه وسعيده بأكتشافها ربي يسعدك