هل جربتم الثرثرة مع صديقكم المفضل خلال المشي لمسافات طويلة؟
في هذه الأيام التي يصعب فيها مواجهة الشمس تستثيرني بعض الذكريات، منها ذكريات المشي لساعات طويلة مع صديقتي غادة. كنتُ أقابل غادة في ساحة جامعة ميغيل أو كونكورديا، ومن ثم ننطلق على أقدامنا إلى شرق مونتريال ونحن نتحدث في أي موضوع يتبادر إلى الذهن. قد تبدأ النقاشات حول الدراسة وعن خططنا مستقبلية، لكننا مانلبث أن نعرج على معنى السعادة ونظرتنا إلى الوجود. ليس هناك أي قواعد لهذه الرحلة. أستطيع مقاطعة غادة وهي تتكلم معي في أمر مهم لأقول لها ”شوفي كيف هذه البناية شكلها حلو“ ومن ثم نتحدث متحسرين عن عدم اهتمامنا بتصاميم المباني وننسى موضوع غادة المهم. تستطيع هي أن تضحك على طريقة كلامي فجأة وبعدها نعود إلى موضوع كنا نتناقش فيه قبل ساعة لأننا أصبحنا لاندري عما كنا نتحدث عنه قبل قليل. من الممكن أن تشرح لي بإسهاب مطوّل في نصف ساعة عن أمر تستطيع أن تقوله في ٥ دقائق، لكنني أصغي إليها جيّدًا. قد ندخل فجأة إلى محل قهوة لنجربه، أو إلى محل آخر لنتحدث مع صاحبه، أو قد نقف قليلًا لنلتقط صورة لعبارة مكتوبة على الجدار.
سقراط كان ”من أعظم المشائين“ كما يقول جبرا ابراهيم جبرا، بل وإن “الكثير من الأفكار الفلسفية اليونانية تبلورت في أذهان أصحابها وهم يتمشون ساعات طوالا في أكاديمية أفلاطون وأرسطو”. لا أقول أنني وغادة قد أصبحنا فلاسفة بمجرد المشي- مع أنني أؤكد حصول هذا الأمر بمعناه الشعبي المتداول- لكن هذه الرحلات الجميلة أثْرتني كثيرًا. فقد نتج عنها زيارات لمسجد صوفي، ومعبد يهودي، ومحاضرات، ومحلات عربية، ومقاهي متنوعة، وبالطبع أسئلة ونقاشات مفيدة ومخططات والكثير الكثير من الضحك.
”كل الأفكار العظيمة تولد أثناء المشي“ هكذا يقول نيتشه، لكن لابد أن تكون أفكار المرء عظيمة إذا كان يمشي مثل نيتشه في ربوع سويسرا. عمومًا، هناك دراسة تُفيد بأن المشي يُنتج الأفكار الإبداعية وإن كان ذلك على جهاز السير الكهربائي، لكن أين توجد الصحبة أثناء المشي على السير؟
هنا بعض الصور التي التقطتها أثناء رحلات المشي مع غادة
في عام ٢٠١٤، وقع جوالي على الرصيف وانكسرت شاشته. كنتُ حينها في سان فرانسسكو، وكنت أخالني محظوظة لأن زوجي أحضر اللاب توب الخاص به إذ نقلتُ الصور والفيديوهات جميعها على ملف في كمبيوتره. لكني لم أُسمّه لاستعجالي وجعلت الملف كما هو New Folder، أعطيت جوالي لمتجر آبل بعد مسح البيانات واستبدلوا جهازي بواحد جديد.
رجعت إلى مدينتي ومضت الأسابيع واحتجتُ إلى صورة كانت في جوالي القديم، لكن المفاجأة أنني لم أجد الصور بأكلمها على الكمبيوتر. أغلب الظن أن هناك ملف جديد لم يُسمى أيضًا نُسخ على الملف الذي كان بداخله الصور والفيديوهات الخاصة بجوالي.
لحسن الحظ أنني بين فترة وأخرى أنسخ صورًا احتياطية من جوالي إلى جهازي اللاب توب، لكن هناك فترة من الزمن قبل كسر الجوال – بضعة أشهر- اختفت تماما بسبب تكاسلي في نسخ الصور والفيديوهات. صور لرحلة إلى مدينة جديدة ولنزهات ولأشخاص ولمطاعم ولمقاهي كلها مُسحت بسبب هذا الخطأ غير المتوقع.. ضغطة زر!
أصبحت مهووسة بعدها في الاحتفاظ بالصور عن طريق نسخها إلى أجهزة متعددة أو باستخدام الآي كلاود. بعد وفاة والدي رحمه الله، حرصت على طباعة الصور المفضلة لديّ، وحرصت أكثر على استخدام الورق في أغلب الأمور.
لديّ طابعة صغيرة بدون حبر من أجل طباعة الصور للأجندة اليومية- ذكرتها في تدوينة سابقة-. ومؤخرًا بعد تردد استمر لأكثر من عامين، اشتريتُ طابعة كانون جميلة من أجل طباعة الصور المفضلة كل بضعة أشهر. المجد للورق. الصور المطبوعة المحسوسة باليدين تبعث الشجون وتجلب الذكريات عند ملامستها.
قرأتُ سلسلة أحمد أمين (فجر الإسلام، وضحى الإسلام، وظهر الإسلام..)، إلا أن الجزء الأول منها ”فجر الإسلام“ قرأته الكترونيًا، وكم ندمت لذلك، إذ أنني أحرص على تخطيط الاقتباسات وكتابة الأفكار في هوامش الكتب الورقية ولم أفعل ذلك مع فجر الإسلام سوى التقاط صور للشاشة. احتجت في كثير من الأحيان للعودة إلى الكتاب، ولأن دواء نسيان العلم الكتابة، فلا يوجد دواء لي في هذه الجزئية من السلسلة.
الكتاب الورقي -غير الروايات- إذا كان مثريًا، فإنك في الغالب ستعود إليه وستقرأ الاقتباسات والملاحظات التي قمت بتخطيطها وتدوينها. لكن ماذا تفعل إذا وجدت بشكل الكتروني صعب التنظيم والوصول؟
وبالحديث عن الورق، تذكرت هذه التغريدة عن المرأة العراقية التي تدوّن يومياتها منذ أكثر من ٦٠ عامًا إلى الوقت الحالي: أليس هذا جميلًا؟ تخيل نفسك تحاول أن تتذكر ماذا فعلت في ١٨ أو ١٩ مارس قبل ٤٠ أو ٥٠ سنة؟
هذا أرجعني إلى مقالة لسوزان أورلين حين كتبت: ”يقول الكاتب أمادو همباتي با: “في إفريقيا عندما يرحل رجلٌ مُسن، فإنَّ ذلك يكون بمنزلة احتراقِ مكتبةٍ بالكامل”. لم أفهم المقولة حينما سمعتها لأول مرة، ولكن مع مرور الوقت، بدأت في استيعاب المقصود بشكلٍ كامل. إن عقولنا وأرواحنا تحتوي على مجلداتٍ مكتوبة بواسطة تجاربنا وعواطفنا، ووعي كل فردٍ هو مجموعةٌ من الذكريات المفهرسة والمخزنة بالداخل، إنه أشبه بمكتبة خاصة بالمرء وحده والتي يستحيل مشاركة كامل محتواها مع الآخرين، إنها تحترق بمجرد رحيلنا، ولكن إن كان بإمكانك أخذ شيءٍ منها ومشاركته مع أحدهم أو مع العالم الأكبر. على صفحةٍ أو كقصةٍ تُحكى، فإنها ستعيش للأبد.“
لستُ من أنصار الحركة التقليلية minimalism أو من أتباع كون ماري، لكني أقوم بين فترة وأخرى بعمل تصفيات لأغراض متنوعة لديّ لأتخلص منها. هذه التصفيات لاتشمل الملابس والأوراق فقط، بل أيضًا الملفات الموجودة على جهازي مثل الصور والمستندات وغيرها.
تراكم بعض الأغراض الملموسة والرقمية يخلق التوتر. وجود قطعة من الملابس في دولابي لم ألبسها منذ زمن قد يُشعرني بالإسراف، أما كثرة المفضلات في تويتر أو الصور التي التقطتها عن طريق تصوير الشاشة في جهازي يجعلني أشعر بأنه ليس لديّ وقت كافي للإطلاع أو البحث عنها فأحس بالضيق. لذلك، منذ فترة طويلة قررت أن أخصص وقتًا لتصفية هذا كله حتى يوفّر علي وقتي مستقبلًا. إليكم طريقتي:
الملابس:
http://jujusprinkles.com
القطعة التي توقفت عن لبسها خلال سنة كاملة أتصدّق بها. لماذا سنة وليس ٦ أشهر مثلا أو أكثر من ذلك؟
لأن سنة مدة كافية لتُخبرك بأن هذه القطعة لابد أن تجد منزلًا آخرًا لها. قد تكون قطعة شتوية فتُصبح مدة ال٦ أشهر غير حاسمة حتى يجيء فصل الشتاء القادم، لكن إن انتهى فصل الشتاء دون أن ارتديها فهذه إشارة إلى أنها يجب أن تخرج من الدولاب. هذا يشمل الأحذية والاكسسوارات أيضًا.
ماذا عن مساحيق التجميل؟ كنت أتخلص من المكياج الذي مضى عليه فترة طويلة (حسب الصلاحية:عدد الأشهر المكتوبة على أيقونة فتح العلبة)
مؤخرًا تعرفت على هذا الموقع:
www.checkfresh.com
فبمجرد أن أنسخ عليه رقم ال”باتش” الموجود على علبة المكياج (رقم صغير يوجد عادة في أسفل العلبة أو أعلاها)، يعطيني تاريخ إنتاج هذه العلبة. الفرق أن تاريخ الصلاحية يُؤقت عند فتح العلبة، أما تاريخ صناعة المكياج فهو من أجل الحفاظ على طراوة المكياج من الجفاف -على حسب الموقع- فيكون ٥ سنوات للعطور، و٣ سنوات على الأقل لمنتجات العناية، و٣ (للماسكرا) إلى أكثر من ٥ سنوات (للبودرة) لمساحيق التجميل. حتى لو كانت العلبة مُغلقة ولم يتم استخدامها ومر عليها وقت طويل، فإنها مكوناتها ستصبح جافة.
في الغالب لا أتبع هذه الطريقة، فكمية المكياج الموجودة لديّ قليلة وأستطيع التعرف على المساحيق التي مر عليها وقت طويل منذ استهلاكها وقليلا ما أتخلص من إحداها بسبب جفافها، لكن تستطيعون الاستفادة من الموقع.
صور الجوال: سُعدت كثيرًا عندما أصبح للصور المُلتقطة عن طريق تصوير الشاشة ملفا خاصا بها – أتحدث عن نظام الآيفون-. أصبحت لا أحفظ الصور- إذا كانت مثلا عن طريق تويتر- حتى لاتضيع بين الصور العادية، وإنما أصور الشاشة حتى تذهب إلى هذا الملف ويكون إيجادها أمرًا سهلًا.
في الكثير من الأحيان التقط صورًا للشاشة لاقتباسات، أو لاقتراحات متنوعة في شتى وسائل الشبكات الإجتماعية. هذه الصور تسبب لي ازدحاما في الجوال خاصة وجودها بين الصور الأخرى. لذلك، أتفرغ لها في أوقات الانتظار وأدوّن ماعليها في مفكرة في الجوال جعلتها خصيصًا للاقتراحات وأعود إليها:
إذا كان فيلمًا فأضعه في قائمة الأفلام التي أود مشاهدتها، وإذا كانت مُنتجًا من ايهرب فأضعه في قسم المنتجات التي أود شراؤها، وإذا كان كتابًا فأضعه كذلك في قائمة الكتب.. ثم أمسح الصور.
لا أفعّل خاصية حفظ الصور المُتلقاة على تطبيق الواتساب، فهذه الخاصية تُدمّر ذاكرة الجهاز. أما الصور التي أفتحها في القروبات التي تهمني فإني أقرر سريعًا إما الإبقاء عليها أو حذفها. فإن كانت صورًا عائلية فإنني أحتفظ بها، أما إذا كانت صورة لخبر أو فيديو فإني أمسحها فورًا.
http://jujusprinkles.com
أما في استديو الصور (الجاليري أو الكاميرا رول)، فالصور التي أحبها أضعها في قائمة المفضلة حتى أستطيع العودة إليها أو طباعتها لاحقًا. كثيرًا ما أقوم بحذف التطبيقات التي لم أستخدمها منذ فترة طويلة.
جهاز الكمبيوتر: لديّ ملفات منظمة ودائمة على جهازي، أقوم بعمل ملف جديد وأُسميه تبعًا لما سأضعه بداخله من مستندات وغيرها. بعض الملفات أضع عليها التاريخ. أما المستندات أو الصور المؤقتة احتفظ بها على سطح المكتب لأنه أسرع في الوصول لاحقًا من أجل التعديل عليه أو نقله إلى الملفات الدائمة أو حذفه في آخر الأمر.
الشبكات الإجتماعية: سُعدت بوجود خاصية المفضلة في تويتر مؤخرًا، وهي خاصية لاتتيح للجميع مشاهدتها سواك، وتختلف عن خاصية التفضيل (اللايك- القلب) والتي يجدها الناس في بروفايلك. سبق لانستقرام أن وضع هذه الخاصية بطريقة أكثر انتظامًا وترتيبًا، فتستطيع أن تخصص ملفًا تُسمّيه ماشئت ثم تنقل إليه الصور التي أعجبتك، فيُصبح لديك ملفات متعددة للفن وللمقاطع الموسيقية ولوصفات الطبخ وغيرها دون أن يطّلع عليها غيرك.
لكن هذه الخاصية إن أدمنت عليها، فستكتشف أن لديك الكثير من التغريدات أو الصور المتراكمة التي قررت أن تعود إليها لاحقًا لكنك لم تفعل وستشعر حينها بالتوتر أو بأنك مغبون ليس لديك وقت – أو أنك تضيّع وقتك في غير المفيد- وهذه الصور المتراكمة إنما هي دليل على ذلك. لذلك، أصبحت أزور هذه المفضلات بين حين وآخر حتى أقوم بعمل تصفية. فالمقترحات التي أجدها لأفلام أو وثائقيات أو كتب أنقلها لمفكرة الجوال التي ذكرتها سابقًا. مقاطع الفيديو أشاهدها ثم أحذفها. هناك القليل من التغريدات والصور (أو البوستات) التي أُبقي عليها.
نوتة-مفكرة الجوال: أحب أن أجعل هذه المفكرة خفيفة لا يوجد بها إلا الأمور التي أحتاجها في الوقت الحالي، هذه المفكرة تتزامن مع المفكرة الموجودة في جهاز اللاب توب لديّ، لذلك أقوم بتصفيتها بين وقت وآخر.
مابداخل الحقيبة:
أقوم بتصفية سريعة بين فترة وأخرى لمحتويات الحقيبة. فواتير، قصاصات، مناديل وأغراض استغرب من بقائها وتزحم حقيبتي.
لأهل المدينة مَثَل جميل ” أنا غنيّة وأحب الهديّة“ ويعني أنه مهما كان لديّ ثمن الهدية إلا أنني أحب أن يُهدى إليّ. ومن لا يحب أن يُهدى إليه؟
كان أبي رحمه الله دائمًا مايذكرنا بعزة النفس والاستغناء عن الناس، ومن ضمن الاستغناء هذا موضوع الهدايا. أذكر أن أهدتني صديقتي في الصف الثالث الإبتدائي مقلمة فما كان من أبي إلا سألني عن سبب الهدية، وإذ لم يكن لها مناسبة فقد أمرني بأن أردها إلى صديقتي حتى لايصبح لها ”جميلٌ“ عليّ. تدخلت أمي وأوضحَت له أن أطفال ”اليومين هذه“ هم هكذا يُهدون بعضهم بعضًا بمناسبة ومن دون مناسبة، وأن الهدية بسيطة ليس لها قيمة تُذكر، وبعد محاولات منها أنقذت نجلاء الصغيرة التي تعلق قلبُها بالمقلمة.
كنتُ من أطفال ”اليومين هذه“ فقد أحببتُ إهداء الهدايا بمناسبة وبدون مناسبة. كان مصروفي اليومي ٣ ريالات، أمر في كل صباح بالبقالة المجاورة لمنزلي قبل أن أذهب إلى المدرسة، واشتري عصيرًا، وتشيبسًا، وهدية (نسر ورقي، بالون صغير، ملصقات، أو حلوى..). ثم إذا حان وقت الفسحة ناديتُ زميلاتي بصوت عال ”مين تجاوب على سؤالي تاخذ هدية؟“ وأكرر ذلك، اسألهن فزورة قرأتها في إحدى مجلات ميكي أو من مجلدات شريف العلمي وأُهدي الفائزة جائزة قيمتها ثلث مصروفي.
لي زميلة إلى الآن تذكرني لأنني أهديتها في الصف الثالث الإبتدائي ألوانًا خشبية صغيرة للغاية (لم أرها منذ تلك الأيام لكني تواصلت معها عبر الشبكات الإجتماعية). بالطبع لا أذكر الهدية.
مرت سنوات عديدة حتى تزوجت وأُهديت إلي هدايا قيّمة من الأهل والمقربين، ولذلك نصحني أبي رحمه الله بكتابة أسماء هؤلاء الذين أهدوني وهداياهم في دفترٍ صغير أحتفظ به حتى أتذكر أن أرد لهم”الجميل“ مستقبلًا. كان أبي رحمه الله يرى الهدايا -خاصة الثمينة- عبئًا، فقد نشأ يتيمًا لايريد أن يتفضّل أحد عليه بشيء، ولذلك كان يُقيّم الهدية وعندما تحين الفرصة يُهدي لصاحبها هدية أجمل منها. جميلٌ يجب أن يُرد بأفضل منه.
أعتقد أن العديد منا أُهديت إلينا هدايا لانحتاجها، أو لاتناسبنا، أو لم تعجبنا. لانريد أن نحتفظ بهدية لن نستخدمها وستأخذ حيزًا من منزلنا. ما العمل؟ فلنُعيد تدويرها. أهدتني صديقتي الأمريكية عطرًا –فلاور بومب– من فيكتور اند رولف، وهو عطر غال الثمن نسبيًا، يبلغ ثمنه حوالي 165 دولارًا أمريكيًا، وهو بالمناسبة أعلى ثمنًا من عطر شانيل نمبر فايف بحجم ١٠٠ مل- نستطيع أن نقارنه بعطور توم فورد غير المركّزة-. كانت صديقتي كريمة للغاية لدرجة أنها وضعت مع العطر فاتورة الشراء من محلات ميسيز الأمريكية حتى أتمكن من استبدال العطر. لايعجبني العطر إطلاقًا، ولم أكن لأُهديه لو أنها لم تترك معه الفاتورة. لا أحب أن أُهدي شخصًا عطرًا لا يُعجبني. لذلك أخذته مع الفاتورة إلى ميسيز واستبدلته بعطر من شانيل- أهديته فيما بعد- وحصلت بباقي المبلغ على واحد او اثنين من مستحضرات التجميل. أعجبني التصرف هذا للغاية، فأصبحت فيما بعد أضع مع الهدية فاتورة الشراء (لا يظهر عليها السعر) يستطيع الشخص أن يستبدلها بشيء آخر يحبه.
تناقشت مع صديقتي عن موضوع الهدايا، وأخبرتني عن ساعة أُهديت إليها بمناسبة تخرجها ويبلغ ثمنها حوالي ال٣ آلاف ريال ، قد يكون سعر الساعة معقولًا بالنسبة إلى البعض، ولكنه رقم كبير في حيز الهدايا. هذا يعني أن هناك شخص أهدى إليك (أعطاك) ٣ آلاف ريال. لم تعجبها الساعة، ولاتستطيع بيعها أو استبدالها في المحل (لاتوجد معها فاتورة شراء). حاولت أن تلبسها مرة ولكنها لم تطق منظرها الكبير على رسغها الصغير. لا تريد أن تُهديها لأنها لاتُمثّل ذوقها. كل هذا ليس مهمًا فهي قد تتبرع بها، إلا أنها تُدين بثمن الساعة لزميلتها السخيّة مستقبلًا. فإذا حلت مناسبة لها، فلن تستطيع أن تُهديها هدية بأقل من ٣ آلاف ريال- أو على الأقل حول هذا المبلغ. تخيّل أن تأتيك هدية قيّمة نسبيًا لا تعجبك، ثم تضطر أن تُهدي مستقبلًا هدية فوق ميزانيتك.
لاتُهدي هدايا مرتفعة الثمن إلا لأهلك، ثم للمقربين من أصدقائك في المناسبات الكبيرة. أنت تعرف ذوقهم جيّدا. ولن تتورط-غالبًا- في شراء هدية لن تعجبهم أو لم يُلمحوّا مسبقًا عن قصد أو دون قصد بإعجابهم بها. ماذا عن البقية؟ إن كانت المناسبة بسيطة فاقترح أن تجعل الهدية كذلك، وإن لم يكن هناك مناسبة. أما إن كانت كبيرة (كالتخرج، والزواج، والولادة..) فلتبحث عن أشخاص يُشاركونك قيمة الهدية. ليس هناك هدية أفضل من المال. ولتقديمه كهدية بطريقة جميلة، اشترِ به جنيهًا أو أكثر من الذهب وقدّمه، أو ضع مبلغًا من المال في بطاقة بنكية هدية (ماستر كارد) يشتري به المُهدى إليه مايشاء.
أفكار لهدايا بسيطة: كوب. كفر آيفون. شمعة معطرة. كتاب. فاصل كتاب. جوارب دافئة للمنزل. دفتر. نبتة. قسيمة لقص الشعر أو لعمل الأظافر أو جلسة مساج. شاحن متنقل. قسيمة شراء من مقهى أو مكتبة. بيجاما. اشتراك شهري في نتفلكس. رصيد آيتونز. بن أو شاهي فاخر. كبسولات قهوة. قاعدات أكواب. بطانية صغيرة تُستخدم في المنزل في الشتاء. حافظ حرارة للقهوة أو الشاي. مجموعة صوابين عطرية أو كرة الرغوة من محل لش. لعبة اجتماعية ”سعودي ديل مثلًا“. كريم يد بزبدة الشيا من لوكسيتان. لعبة بازل للوحة الموناليزا أو إحدى لوحات فان جوخ. دفتر تلوين لرسومات معقدة. شرشف صلاة. مخدة مريحة. صحن صغير للمجوهرات اليومية أو حامل الخواتم. أجندة. مجموعة الإعتناء بالأظافر مع مناكير. شبشب منزلي دافئ مع كريم للأرجل. مجموعة عناية للوجه (صابون، مقشر، كريم). ألواح شوكولاتة.
لاتتورط في شراء الهدايا لأشخاص بالكاد تعرفهم. سوف تُحمّلهم ونفسك عبئًا ثقيلًا . نفس الصديقة أخبرتني باعتيادها في شراء الهدايا لكافة الزميلات في العمل. ”على الأقل مائة أو مائتين ريال تذهب شهريًا في (قطة) الهدايا لزميلات العمل. زميلات في الأقسام الأخرى بالكاد أعرفهن. أخجل من قول ”لا“ فيظنوني بخيلة. أحيانًا أشعر بأنني لاأحب رؤية مائة ريال تذهب لإنسانة بالكاد أراها بسبب المجاملة!“.
خاتمة: في مسلسل بريكنق باد، يُهدي ”مستر وايت“ صديقه الثري هدية متواضعة للغاية في عيد ميلاده، كيس صغير من الرامن (نودلز ياباني شبيه بالأندومي)، يفتح الصديق الهدايا الثمينة أمام أصدقائه الأغنياء ثم يأتي دور هدية مستر وايت الذي يكاد يذوب خجلًا بسبب هديته. هذا التقليد المتأمرك أصبح منتشرًا لدى البعض الذين يفتحون الهدايا أمام الجميع في نهاية المناسبة، ولدى هؤلاء الذين يستعرضون بهداياهم في وسائل الشبكات الإجتماعية -سنابتشات بالأخص- ويذيلون الصورة بعبارات الشكر.
هذه مقالة كتبها برتراند رسل، الفيلسوف والرياضي الإنجليزي والذي تُوفي عن عمر يناهز السابعة والتسعين، عن التقدم في السن، ترجمتها لكم
كيف تتقدم في السن؟
بغض النظر عن العنوان، سيكون المقال بالأحرى عن “كيف لا تتقدم في السن؟”، والذي اعتبره موضوعًا مهمًا بالنسبة إلى سني. أول نصيحة أقدمها هي يجب أن تختار أجدادك بعناية: على الرغم من أن أبوي ماتا في سن مبكرة، إلا أنني أبليتُ بلاء حسنًا في اختياري لأجدادي. فجدي لأمي، توفّي بعمر الزهور في سن ال٦٧، لكن أجدادي الآخرين قد عاشوا حتى سن الثمانين. اكتشفت أن أحد أجدادي القدماء قد توفي بمرض يعتبر الآن نادر، فقد قُطعت رأسه. والدة جدتي، والتي كانت صديقة لجيبون “المؤرخ الإنجليزي”، قد عاشت إلى سن الثانية والتسعون، وكانت إلى آخر يوم في حياتها مصدر رعب للكثير من أحفادها. منذ أن صارت جدتي لأمي -والتي كان لديها ٩ أطفال بالإضافة إلى طفل توفي مبكرًا والعديد من الإجهاضات- أرملة وهي تضحي بنفسها من أجل تعليم المرأة. فقد كانت من أحد مؤسسي كلية جرتون، وعملت بجد من أجل أن يتاح المجال الطبي للنساء. اعتادت جدتي أن تخبرنا كيف أنها قابلت في إيطاليا شيخًا كانت التعاسة تبدو على ملامحه، فسألته عن هذا الحزن وأخبرها بأنه للتو قد افترق عن اثنين من أحفاده.
“يا إلهي.. لديّ ٧٢ حفيدًا، ولو حزنتُ في كل مرة أفترق فيها عن أحدهم لابد وأنني كنت سأصبح تعيسة جدًا”. فقال لها الرجل – بالإيطالية- “إنكِ أم غير طبيعية!”
. ولكوني أحد هؤلاء ال٧٢ حفيدًا، أستطيع أن أقول بأنني أُفضّل وصفتها. فبعد سن الثمانين وجدَت جدتي بعض الصعوبة في النوم، لهذا كانت تقضي وقتها منذ منتصف الليل إلى الساعة الثالثة فجرًا في قراءة العلوم المُبسّطة. لا أظن أنه كان لديها من الوقت لأن تلاحظ بأنها تتقدم في السن. لذلك، أعتقد بأن هذه الوصفة هي الطريقة الناجحة في البقاء شابًا. إذا كانت لديك اهتمامات واسعة ونشاطات كثيرة تمارسها، فلن يصبح لديك وقت للتفكير في أرقام السنوات التي عشتها، ناهيك عن التفكير بالسنوات القصيرة المتبقية في المستقبل.
وبالحديث عن الصحة، لا أستطيع أن أفيدكم بشأن ذلك خاصة لأن خبرتي بالأمراض قليلة. فأنا أشرب وآكل كما يحلو لي، وأنام عندما لا أستطيع أن أبقى مستيقظًا. لا أفعل أي شيء من أجل الصحة على الرغم من أن أغلب ممارساتي هي ممارسات صحية.
على الصعيد النفسي، هناك أمران خطيران يجب أن يُجتنبا مع تقدم السن. أولهما هو الإنهماك المفرط بالماضي من العيش في الذكريات، أو الندم على مافات، أو الحزن على الأصدقاء الذين ماتوا. يجب أن تكون أفكار المرء موجهة نحو المستقبل، ونحو الأشياء التي لابد وأن تُنجز. بالطبع هذا الأمر ليس سهلًا على الدوام، فماضي أي شخص يزداد ثقله مع مرور الأيام، ومن السهل التفكير بأن مشاعر المرء كانت أكثر حيوية في الماضي، وبأن عقله كان أكثر اتقّادًا في شبابه. فإن صحّ هذا الأمر، فيجب أن يُنسى، يجب أن يتناساه المرء حتى يصبح غير صحيحًا.
الأمر الثاني الذي يجب اجتنابه هو التشبّث بالشباب أملًا في الحصول على بعضٍ من حيويتهم. عندما يكبر أطفالك فإنهم يريدون أن يعيشون حياتهم كما يرغبون، وإن استمريت في أن تكون مهتمًا بهم كما لو كانوا صغارًا فإنك بالأحرى سوف تصبح حملًا ثقيلًا عليهم، إلا إذا كانوا شديدو التحمل. لا أعني بأنه لا يجدر بك الإهتمام بهم على الإطلاق، ولكن الإهتمام يجب أن يكون بالتفكير فيهم، واهتمامًا إنسانيًا ولكن ليس عاطفيًا على نحو لا يُحتمل. إن الحيوانات تُصبح لا مبالية بأطفالها إن هم كبروا واستطاعوا أن يهتموا بأنفسهم، لكن البشر، وبسبب طول فترة الطفولة، يتعلقون بأطفالهم فيجدون ذلك صعبًا عليهم.
أعتقد بأن التقدم في السن بشكل مُوفّق هو أسهل بالنسبة إلى هؤلاء الذين لديهم اهتمامات غير شخصية تنطوي على نشاطات ملائمة. فمن خلال هذه الاهتمامات تصبح الخبرة الطويلة مفيدة، ويستطيع المرء أن يستخدم حكمته الناشئة عن خبرته من غير أن تُظلم. لا يفيد إخبار هؤلاء الأطفال الكبار بأن يجتنبوا إرتكاب الأخطاء، لأنهم لن يصدقوك، ولأن الأخطاء هي جزء من التعليم. ولكن إذا كنت واحدا من هؤلاء العاجزين عن إيجاد اهتمامات غير شخصية، فسوف تجد أن حياتك أصبحت بلا معنى إلا إذا كانت تدور حولك وحول أطفالك وأحفادك. وفي هذه الحالة، من المهم أن تدرك بأنك طالما استطعت أن تخدمهم ماديًا كأن تعطيهم مصروفا أو تحيك لهم سترة، فيجب عليك أن لا تتوقع منهم أن يستمتعوا بصحبتك.
استنزف الخوفُ من الموت بعضَ كبار السن. ففي مرحلة الشباب، هناك سبب منطقي لهذا الشعور، فالشباب الذين يخافون أن يُقتلوا في معركة نستطيع أن نبرر شعورهم المرير بأنهم تعرضوا للخداع من أفضل الأشياء التي لابد أن تمنحها الحياة. ولكن في حالة الرجل كبير السن والذي عرف متع الحياة وآلامها، وأنجز في حياته بعض الأعمال، يصبح الخوف من الموت أمر حقير ووضيع. وإن أفضل طريقة لتجاوز هذا الخوف – كما يبدو لي- هي أن توسّع دائرة اهتماماتك وأن تجعلها غير شخصية على قدر الإمكان، حتى تنحسر جدران الأنا شيئًا فشيئًا، وتصبح حياتك مندمجة بشكل أكبر مع العالم. يجب أن يكون وجود الإنسان على الأرض مثل النهر: صغيرًا في بدايته، وتكون ضفتيه على الجانبين ضيقة، ثم يتجاوز الصخور والشلالات بسرعة، إلى أن يتّسع النهر وتبتعد ضفافه، فيفيض الماء بهدوء أكبر، وفي النهاية، دون أي انقطاع ملحوظ، يندمج النهر مع البحر، ويخسر فرديته من غير ألم. لن يعاني الرجل كبير السن، القادر على أن ينظر إلى حياته بهذا المنطق، من الخوف من الموت حيث أن الأشياء التي يهتم بها سوف تستمر. وحتى لو تدهورت عافيته، وازداد ضعفه، فإن فكرة الراحة الأبدية لن تصبح غير مرحب بها. أرجو أن أموت وأنا في عملي، عالِمًا بأن غيري سيُكمل مالم أستطع إكماله، وأرجو أن أكون راضيًا عن فكرة أنه كل ما كان بوسعي أن أفعله قد فعلته.
كيف حالكم يا أصدقاء؟
لم يتبق إلا شهر واحد على انتهاء هذه السنة- أي ثلاثون صفحة تقريبًا- والتي مرّت سريعًا بأفراحها وأتراحها.. نسأل الله أن يجعل آخر هذه الصفحات مسكًا. في هذه التدوينة سوف أورد بعضًا من استعداداتي للسنة الجديدة 2017، وقد جعلتها مُبكرة بعض الشيء لعلّها تفيدكم.
أجندة جديدة: في العام الماضي تعرفت على ال”كتاب الأسود” من البراء العوهلي في تويتر، واستخدمته فاعجبني كثيرًا.
أصبحتُ استخدمه كمخطط يومي وأيضًا كمدونة للأحداث اليومية. واشتريت طابعة صغيرة لصور الجوال لها ورق لاصق، فصرتُ ألصق الصور التي التقطتها بواسطة جوالي في هذا الكتاب الأسود. بإمكانكم الإطلاع على تدوينة “مذكراتي العزيزة” لمزيد من التفاصيل. أما للعام القادم، وبمشورة صديقتي ريم، فاشتريتُ هذه الأجندة من Erin Condren
الجميل في هذه الأجندة أنك تستطيع اختيار الغلاف الذي يُعجبك، وضع اسمك على الغلاف، اختيار لون السلك الملفوف، واختيار لون الصفحات. كما أن هذه الأجندة مُقسمة بطريقة أكثر انتظامًا من الكتاب الأسود، وصفحاتها أكبر، وبسبب وجود السلك فإنك تستطيع وضع أوراق كثيرة (كالتذاكر، وبعض القصاصات..) بداخلها دون أن تتأثر.
استخدام الأجندة يجعلك أكثر التزامًا بمخططاتك اليومية، وأكثر انتظامًا. كما إنه يسهل عليك تدوين ما في جعبتك من أفكار بشكل مرتب.
تستطيعون طلب هذه الأجندة من موقع إرن كوندرن، وإذا سجلتم بريدكم الإلكتروني في الموقع فسوف تحصلون على كوبون خصم: https://www.erincondren.com
تقويم يومي: في العام الماضي استخدمتُ رزنامة الكاتب من تكوين، وكانت الرزنامة اللطيفة تحتوي على اقتباسات يومية من كُتّاب مشهورين عن الكتابة.
والعام الذي قبله كان لدي تقويم فيه اقتباسات يومية من مارك توين.
أما هذه السنة فقررت أن اشتري هذا التقويم الذي يعرض لوحة شهيرة كل يوم لأحد الفنانين، وبالتالي تكون فرصة فنية للتعرف على اللوح الشهيرة في العالم، وبالأحرى على 365 لوحة فنية خلال عام. سعر هذا التقويم اليومي 17 دولارًا، بإمكانكم شراؤه من أمازون
جورنال|مدونة يومية لمدة 5 سنوات: فكرة هذا الدفتر تعتمد على تكملتك لجملة مختلفة مثل “آخر قرار اتخذته مؤخرًا..”، “آخر خبر جميل سمعته اليوم..”،أحتاج إلى مساعدة بشأن..”.. في كل يوم، ثم الإجابة على هذه الأسئلة في العام القادم والذي يليه وهكذا لمدة 5 سنوات.
الجميل أنك سوف تُقارن إجاباتك بالسنوات التي خلت! من المثير أن تُقارن أحداثك في يوم معين -بل وحتى شخصيتك- على مدى السنين.
آية من القرآن الكريم يوميًا باللغة الإنجليزية: في العام الماضي، أهدتني صديقتي ريم هذا الكتاب الجميل شكلاً ومضموناً بمناسبة السنة الجديدة، الكتاب يحتوي على 365 آية من القرآن الكريم باللغة الإنجليزية – 365 اقتباساً موزعاً على أيام السنة-. الجميل في الموضوع أن قراءتنا لتفسير القرآن بلغة أخرى تساعد على فهم جديد ومختلف للآية. سوف أعتمد مطالعته في هذا العام أيضًا.
كتابة القرارات السنوية: في نهاية كل سنة أقوم بكتابة قائمة للسنة القادمة، وبمراجعة قائمة سابقة قمتُ بكتابتها بداية السنة. القائمة بسيطة للغاية وتحتوي على جزئين، جزء للقرارات التي أريد اتخاذها هذه السنة، وجزء للأمنيات. بالنسبة للقرارات، أحاول أن أجعلها معقولة حتى أستطيع تحقيقها كقراءة عدد معين من الكتب، كتابة عدد معين من التدوينات، بعض الأنشطة التي أود ممارستها، ومهارة أو اثنتين أود تعلمها. أما بالنسبة للأمنيات، فأدوّن ما أود تحقيقه في هذه السنة وأتمناه. كلا من الجزئين يحتويان على نقاط قليلة مابين 5 إلى 7 نقاط فقط، فقد تعلمت من القوائم في السنين السابقة أنه كلما طالت القائمة كلما بدت صعبة التحقيق. كنتُ قد بدأت بممارسة هذه العادة منذ 6 أو 5 سنوات تقريباً، ولكن إما أن تختفي الورقة التي كتبت عليها القرارات، أو أنسى أين كتبتها. ولكن منذ عام 2011 قررت أن أكتب هذه القرارات على مفكرة في “اللاب توب” لدي لحمايتها من التلف والنسيان. وبالفعل، أصبحت لديّ عادة ثابتة أمارسها بداية كل سنة جديدة أو نهاية كل سنة. عندما اقرأ قائمة القرارات التي كتبتها منذ سنة ينتابني شعور غريب، مزيج من الفخر والخجل والضحك. فقد أفخر بما أنجزته هذه السنة مقارنة بالمكتوب، و أخجل من إرادتي الكسولة بأنني أردتُ أن أفعل شيئاً ولم أقدم عليه، وأضحك على نفسي عندما أراني قد تمنيتُ بشدة شيئاً لم أحققه أو أحصل عليه وتبيّن لي خلال هذه السنة بأنه ليس مناسباً لي على الإطلاق. كما أنني أقوم بوضع هذه القائمة في مفكرة واحدة تتضمن السنين السابقة والسنة الحالية حتى أستطيع أن أقارن قراراتي وأمنياتي السابقة والحالية ببعضها. جربوا هذه العادة !
اختيار عدد الكتب التي أود قراءتها من خلال موقع قود ريدز: تستطيع أن تضع عدد الكتب التي تخطط لقراءتها في عام، وتُضيف الكتب المقروءة خلال السنة إلى الموقع حتى يقوم بدوره بإضافتها للتحدي. ينبغي التنبيه هنا أن عدد الكتب ليس مقياساً على جودتها، فخير لك أن تقرأ 10 كتب ممتازة من أن تقرأ 100 كتاب- لمجرد القراءة- في السنة. لكن المقصد من هذا التحدي هو أن تجعل من القراءة لك عادة، فعندما تريد أن تقرأ كتاباً واحداّ في الأسبوع، وهو رقم منطقي جداً، فهذا يعني أنك ستقرأ في السنة 48 كتاباً على عدد أيام الأسبوع في السنة. اجعلها 40 كتاباً، هناك بالتأكيد 8 أسابيع في السنة لا تود أن تقرأ فيها ومن أجل أن نجعل التحدي معقولاً. يمكنك أيضاً أن تقرأ كتاباً في الشهر، هذا يعني 12 كتاباً في السنة. من الممكن أن تضع 5 كتب صعبة تود قرائتها خلال العام القادم على سبيل المثال، وتجعل باقي الكتب موزعة ما بين الروايات والكتب الخفيفة.
وفي الختام، أليس من المثير – ومن المُحبط أيضًا- تصوُر السنة كدفتر شخصي يحتوي على 365 صفحة؟ بعض هذه الصفحات مليء بالأسطر السعيدة وبعضها يحتوي على كلمة واحدة حزينة، والكثير منها خالية من أي تعبير. وقد يحزننا أن ندرك أنه بمجرد تجاوزنا لصفحة واحدة فإننا لا نستطيع التعديل عليها للأبد وكأنها غُلّفت بتغليف حراري، فمهما حاولنا أن نُمحيها بقلم أسود عريض فإنها تظل شامخة قابعة بالأسفل. كأنه يُقال لنا “هذه صفحاتكم املؤها بما شئتم”..ولكن أوليس الكثير من صفحاتنا لم نشارك في كتابتها؟
“لو أن مولودًا صغيرًا عرف أن يتكلم، لكان عبّر بالتأكيد عن دهشته من الوقوع في عالم غريب.. ولكنه قبل أن يصبح قادرًا على التكلم بشكل صحيح، يكون الكون بالنسبة له قد أصبح عادة”.
هل تعوّدت على العالم وأصبح كل شيء بالنسبة لك عاديًا؟ أغرقت في الروتين اليومي لدرجة أنه من الصعب أن يدهشك أي شيء؟ تفكّر قليلًا في التالي: كانت احتمالية التقاء أمك بأبيك هي 1 من 20 ألفًا، ثم عندما غمرهما الحب كانت فرصتهما في إنجابك كطفل لهما -باعتبار أن الرجل ينتج 4 تريليون من الحيوانات المنوية خلال حياته والمرأة تُنتج 100 ألف من البويضات خلال حياتها، واحتمال إلتقاء حيوان منوي واحد ببويضة واحدة هو عبارة عن 1 من 400 كوادريليون (18 صفرًا)! ثم لو عدنا إلى الوراء، وكيف أن كل جدّ من أجدادك التقى بامرأة (إحدى جداتك) إلى أن وُجد أبويك.. سوف تجد في النهاية أن احتمالية وجودك على هذا الكون تساوي…الصفر! هل أنت معجزة؟ ثم امتلاكك -أنت أيها المعجزة- لهذا الجهاز الذي تقرأ منه تدوينتي، ماهذه الفرصة التي جعلتك تضغط على رابط التدوينة وجمعتني بك كقارئ؟ أليس هذا كله مثير للدهشة؟
نحن اعتدنا الحياة حتى اعتقدنا أن كل شيء حولنا رتيب وممل، ورفعنا سقف الدهشة عاليًا فلا نتعجب إلا عندما نرى ماهو غير مألوف، وقد تكون الأمور المألوفة هي الأحق بالدهشة.
هناك أمثلة على كثير من الأمورة اليومية التي قد تجعلك تتأملها فتُصيبك بالدهشة..ملابسك القطنية على سبيل المثال: فلّاح استخدم آلة لحصاد القطن، ثم فرز المحصول باستخدام المحلج، وخزّنه ثم شحنه أو قامت شركة ما بهذه المهمة عنه وشحنت المحصول إلى الشركات التي استخدمت هذا القطن في تصنيع وإنتاج الملابس، ثم هناك المصمم الذي وضع تصميم قميص قطني وبعده العامل الذي قام بحياكة هذا القميص تحت الآلة، ثم صاحب المحل الذي أمل بأن يجني رزقه من وراء هذه القطعة فعرضها في دكانه للناس، ورأيته أنت في أحد نزهاتك في السوق ونال على إعجابك بدرجة كافية لأن تشتريه. ياترى كم من الوقت وماهي الحكايات التي صارت خلال هذه الفترة حتى وصل إليك هذا القميص شخصيًا؟
ومثل ذلك القهوة أو الشاي، فهناك الفلّاحة في مزارع سيرلانكا تعمل على قطف الشاي منذ الصباح أو الفلّاح في مزارع كولومبيا يحصد بُن القهوة بيديه، ياترى كيف كان شكل أياديهم المتعبة؟ الكثير من القصص حصلت في هذه المزارع بالطبع، فهذه الفلّاحة تريد أن تؤمن معيشة هانئة لأطفالها وتتكفّل بمصاريف دراستهم، وهناك صاحب المزارع الذي لا يُعوض الفلاحين نظير عملهم بشكل عادل، وقد تكون هناك تدخلات من الطبيعة ككمية المطر أو الحشرات فتُقلق هؤلاء… ثم أنت ومزاجك، ما هو الموقف الذي جعلك تجرب الشاي أو القهوة ثم تقع في غرام أحدهما فتداوم على شربه؟
عندما تسير في مكان ما على قدميك، ياترى مَن مِن الأشخاص قد حطّت قدماه على هذه البقعة من الأرض، كم عددهم؟ هل هم سعداء؟ هل كُسرت قلوبهم يومًا؟ هل هناك شخصًا ذكره التاريخ قد مشي في هذا الموضع من الأرض أم هو مغمور يشبهنا؟ قد يكون هناك شخص ما تُوفي على هذه البقعة وقد يكون هذا قبره في أحد الأزمنة، وقد تكون هناك حرب ما قد اندلعت في هذا المكان..
هل لديك حساب في تويتر؟ أليس غريبًا أن يكون لك متابعين؟ تخيّل أنك أردت أن تعبّر عن رأيك في شركة الإتصالات قبل عشرة أعوام، كنت ستصبح سعيدًا لو أن هناك 10 أشخاص فقط توقّفوا عن مشاغلهم اليومية من أجل سماع رأيك بالكامل ثم انصرفوا، أليس هذا عظيمًا؟
عندما تضغط على مفتاح النور في غرفتك المظلمة، وفي جزء من الثانية تصير مضيئة تستطيع أن ترى كل شيء فيها، إنتقالك من الظلام إلى النور.. عندما تنظر إلى البدر بإعجاب وهو مكتمل وهناك أشخاص في هذا العالم ينظرون إليه في نفس اللحظة.. عندما تفتح الصنبور ويهل الماء على يديك.. عندما تدوس على حشرة من بين ملايين الحشرات (يالحظها التعس).. عندما تخلط اللون الأصفر مع الأزرق فيُنتج لك اللون الأخضر..
هذا وثائقي عظيم من إنتاج بي بي سي متوفر على نت فليكس سيُصيبك بالدهشة حتمًا طوال فترة مشاهدتك له، عن كوكبنا الأرض، بُذل فيه مجهود عظيم – 5 سنوات- من أجل إنتاجه. هذا الوثائقي الرائع هو سلسلة جميلة من 11 حلقة، عن الصحاري والمحيطات والغابات والجبال وغيرها. أنصحكم بمشاهدته.
أترككم مع بعض الأمور التي أدهشتني وتأملتها طويلًا: هذا المخلوق الجميل يُصيبك بالدهشة والإعجاب، ويجعلك تظن بأنه يراقبك خاصة مع الأعين الصغيرة المُوزّعة على أجنحته وردات خرجن من فتحة في البالوعة!
قد تكون رسمة طينية وقد يكون هناك سلطعون بالفعل يقبع تحتها قبل زفلتة الشارع هل هناك أليس في الجوار في حفلة شاي؟ أم هذا جندي من جنود ملكة القلوب؟ بطاقة دعوة لاحتضان شخص ما تحتضن الأرض بطاطا بالثوم تبادلني الإعجاب كما أبادلها وتُعبّر عنه برسمة القلبعلى سطحها اللذيذ
كنت أظن أن الدجاج والديك من الحيوانات الداجنة حتى رأيت هذه العائلة في الطريق هيكل عظمي أجده دائمًا في شوارع المدن الأمريكية رواية أحدب نوتردام مُهملة على الأرض، ياترى هل ارتاع القارئ من بشاعة كوازميدو للدرجة التي جعلته يرمي الكتاب هكذا؟
كيف حالكم يا أصدقاء؟ مؤخراً قرأتُ كتاباً للفيلسوف الإنجليزي برتراند رسل عن السعادة وأعجبني فأحببت أن أنقل لكم بعض النقاط الأساسية التي وردت فيه بتلخيص شديد. اسم الكتاب “غزو السعادة” |للتحميل|. أرجو أن تكون هذه التدوينة سببًا في قراءتكم لهذا الكتاب.
في البداية من هو برتراند رسل ولماذا يكون حديثه عن السعادة بهذه الأهمية فيُؤخذ بكلامه؟
هو عالم رياضيات وفيلسوف إنجليزي حاز على جائزة نوبل في الآداب، وله مؤلفات عديدة في الفلسفة والمنطق والرياضيات، على سبيل المثال كتب ورقة بحثية في أكثر من 300 صفحة مع أستاذه الفرد وايتهيد يُثبت فيها بأن 1+1=2
عانى من الإكتئاب في فترة المراهقة لدرجة أنه كان يفكر كثيراً بالإنتحار ولكنه لم يفعل “لأنه أراد أن يتعلم المزيد من الرياضيات”. في هذا الكتاب يعترف رسل بأنه من الأشخاص السعداء في هذا العالم، ويضع فيه فلسفته الشخصية التي يراها عن السعادة.
يستهل رسل كتابه بقوله “الحيوانات تظل سعيدة مادامت في صحة جيدة، ويتوفّر لها الطعام الكافي. ويساورنا الشعور بأن الكائنات البشرية ينبغي أن تكون سعيدة أيضًا ولكن تلك ليست حال الأكثرية في عالمنا الحديث”.
فيقترح حينها بعض التغييرات التي يمكن بواسطتها أن يحقق الفرد سعادته، ويجب التنبيه على أن كلامه موجه للناس الذين يتمتعون بدخل كاف لتأمين الغذاء والسكن ولديهم صحة جيدة يمارسون بها النشاطات الطبيعية العادية، ويستثني منهم من ذاقوا المصائب الكبيرة كالوالدين الذين فقدوا أحد أو كل أولادهما.
يبدأ رسل بسرد أسباب التعاسة، وأولها: الإهتمام المفرط بالنفس: الإهتمام الذاتي أو الأناني الذي لا يستطيع المرء أن يُحرز تقدمًا بسببه – إلا إذا كتب يومياته من باب مراقبة النفس وتحليلها- هو سبب من أسباب التعاسة. فمن صور هذا الإهتمام هو الشعور الدائم بالخطيئة والشعور بالذنب (تفسير أن كل مصيبة هي غضب من الله تعالى)، عشق الذات أو النرجسية المفرطة، مرض العظمة.
روح المنافسة “أو الصراع من أجل الحياة”: فالتشديد على أن السعادة تأتي من النجاح في المنافسة هو مصدر للشر بالنسبة لبرتراند رسل. وهذه الأيام يُقاس الذكاء للأسف بالنسبة إلى المال الذي يكسبه المرء; فالشخص الذي يكسب كثيرًا هو امرؤ ذكي، والشخص الذي لا يفعل ذلك ليس ذكيًا.
السأم: يقول رسل أن السأم في التاريخ كانت قوة مُحركة للإنسان، ففي عصر الصيد كان الإنسان يجد الإثار في الصيد، وكانت الحرب أخّاذة بالنسبة له. وظهرت الرتابة مع ظهور الزراعة وازدادت مع عصر الآلة.
“تصوّر سأم الشتاء في القرون الوسطى. لم يكن البشر آنذاك يعرفون القراءة أو الكتابة، ولم يكن لديهم سوى الشموع لكي يستضيئوا بها لدى هبوط الليل، ودخان نارهم كان يملأ القاعة الواحدة التي لم تكن باردة. وكانت الطرق تقريبًا غير سالكة، ومن حسن الحظ أن الناس نادرًا ما كانوا يختلفون إلى القرية المجاورة. ولا يدهشنّ أحد إذا ماكان هذا السأم وعوامل أخرى قد دفعت الناس إلى مطاردة الساحرات، ذلك بأن تلك كانت التسلية الوحيد التي استطاعت إدخال البهجة إلى سهرات الشتاء… نحن نسأم أقل مما كان يسأم أجدادنا، ولكننا نخشى السأم أكثر”.
لكن السأم ليس كله شر، فهناك النوع المثمر الذي يجلب الأنشطة الحيوية. ويجب أن يكتسب الإنسان منذ الطفولة القدرة على تحمل الحياة الروتينية، ويقع اللوم على الوالدين في تقديمها لأولادهما الكثير من التسليات السلبية .. فحياة اللهو لا تُثمر مشاريع بنّاءة، بل تجعل أفكار المرء تتوجه نحو نيل لذة مباشرة بدلًا من تحديد هدف بعيد.
التعب: فالتعب الجسدي يوفّر نومًا سليمًا وشهية جيّدة، لكن التعب المفرط خطير ويجعل الحياة لاتُطاق. والتعب العصبي يمثّل أكثر الأخطار في المجتمعات المتقدمة، فالخوف من الطرد من العمل والهموم والقلق أمثلة على ذلك. يخبرنا رسل أنه كان يتهيّب الجمهور عند إلقاء خطاب أمامهم:”كنت أشعر لدى انتهاء الخطاب بأنني مُنهك من فرط التوتر العصبي.. لكنني علّمت نفسي التفكير في أنه لا أهمية مطلقًا لتحدّثي بصورة جيدة أو سيئة، فالعالم سيبقى هو إياه في الحالتين” ومن أحد أعراض التعب النفسي هو أن يعتقد الإنسان أن عمله مهم جدًا ولا يستطيع تأجيله وأنه إذا توقف عن العمل وذهب في عطلة فإن هناك مصيبة سوف تحدث “ولو كنتُ طبيبًا لوصفت العطلة لكل مريض يعتبر عمله مهمًا”. إن خطر التعب العصبي يكمن في كونه حاجزًا بين الإنسان والعالم الخارجي، ويجعله يميل إلى التركيز على بعض الأمور النادرة، فيصبح لا مباليًا بالنسبة إلى سائر الأشياء.
الحسد: هو أقوى أسباب الألم. “هل اتفق لك أن أشدت يومًا بفنان أمام فنان آخر؟ هل أشدت قط بسياسي أمام سياسي آخر من الحزب نفسه؟ هل أطريت يومًا عالِمًا بالآثار المصرية أمام عالِم آخر؟ إذا كان الجواب بالإيجاب، فإنك لا ريب قد أحدثت تفجّرًا للغيرة”. فالحاسد يجعل نفسه تعسًا بسبب حسده، وبدلًا من أن يجد السرور فما يملك، تراه يجني الألم أكثر من الآخرين.
ماسبب الحسد؟ “يقيني أن التعاسة التي تصيب المرء يفي الطفولة تُساهم في حدّ كبير في تنمية الحسد.. والقلب البشري كما شكّلته الحضارة العصرية ميّال أكثر إلى الحقد منه إلى الصداقة”
وماعلاج الحسد؟ “التربية الذهنية وعادة عدم خلق المرء لنفسه أفكارًا لا طائل منها.. قدّر المباهج التي تُعرض لك، وقم بالعمل المطلوب منك
الشعور بالإثم: “فالشعور بالإثم أبعد من أن يُحدث السعادة. إنه يجعل الإنسان تعسًا ويُولّد فيه شعورًا بالدونية
مس الاضطهاد (او الإحساس بأنك محور الكون): “فإذا كان شخص ما يدّعي أنه لا يلقى إلا معاملات سيئة، فإن من المحتمل جدًا أن يكمن السبب في هذا الشخص نفسه، أو أن يكون هو من يخلق إهانات وشتائم ما كان ينبغي في الحقيقة أن يشكو منها” وهؤلاء الذين يفعلون الخير مع الناس ويندهشون من عقوقهم.
هناك أربعة مبادئ تُعالج مس الاضطهاد هذا:
1- لاتنسَ أن دوافعك ليست دائمًا نزيهة
2- لا تستهن مطلقًا بمزاياك الشخصية: فالكاتب المسرحي الذي لا تحظى مسرحياته بالنجاح، يجب أن يواجه الافتراض بأن مسرحياته رديئة ولا ينبذ هذا الإحتمال.
3-لا تتوقع أن يهتم بك الآخرون كما تهتم أنت بهم
4- لا تتصوّر أن غالبية الناس تفكر فيك كفاية لكي يكون لها رغبة خاصة في اضطهادك..فالحكومة البريطانية انهمكت طوال السنوات في التصدى لنابليون، فلو كان هناك شخص أقل أهمية يتصور أن الآخرين يفكرون فيه دومًا، فإنه يكون على طريق الجنون.
الخوف من الرأي العام: إن الخوف من الرأي العام يُوقف التطور، و”قلة هم الذين يسعهم أن يكونوا سعداء إذا لم تكن حياتهم أو تصوّرهم للعالم يحظيان بموافقة أولئك الذين يختلطون بهم، وبخاصة أولئك الذين يحيون معهم”. الجميع يحتاج إلى محيط متعاطف لكي يسعدوا، ولكن يستحيل على الكثيرين التخلص من النقد.
أسباب السعادة:
في اعتقاد رسل بأن هناك نوعين من السعادة: سعادة بسيطة،حيوانية،انفعالية وسعادة مرهفة، روحية وفكرية فالسعادة الأولى هي في متناول كل كائن بشري، والأخرى ليست متاحة إلا لهؤلاء الذين يُتقنون القراءة. وتقدير المرء لذاته أمر ضروري للسعادة، كما أن الإيمان بقضية ما- أو بمعتقد ما- هو مصدر سعادة لكثير من الناس. أيضًا ينصح برتراند رسل بتوسيع الإهتمامات والهوايات الشخصية لكونها مصدر من مصادر السعادة.
لذة العيش: يخبرنا رسل بالخاصية الأكثر شمولية لدى الإنسان السعيد وهو استمتاعه بالعيش. فيعطينا مثالًا جميلًا على ذلك، وهو جلوس الناس على مائدة الطعام. فتجد أن هناك من لايُثير اهتمامه الطعام الشهي، وتجد هؤلاء المحرومين من أنواع معينة من الأطعمة، ثم تجد الذوّاقة الذين يدركون على الفور النقص في أحد الأطعمة، وهناك النهمون الذين ينقضون على الأكل انقضاض الطيور ويكثرون من الطعام، وأخيرًا هناك الذين يبتدأون وجبتهم بشهية جيدة ويأكلون ثم يتوقفون. فالناس الذين يجلسون على مائدة الحياة لهم ردود الفعل نفسها.
يتميّز الشخص الذي يحب الحياة من ذاك الذي لا يحبها، لأنه يعرف كيف يجني فائدة من الاختبارات غير السارة.
المحبة: المحبة التي نتلقى، لاتلك التي تُمنح، توفر لنا الشعور بالأمن الذي يساعد الإنسان على تجنب المخاطر، والاطمئنان تجاه الحياة مصدره بصورة خاصة المحبة.والطفل المحروم-لسبب أو آخر- من محبة والديه سوف يكون مستعدًا للخوف من كل الأشياء ولن يكون بمقدوره مجابهة العالم بروح مرحة ومغامرة وسيشرع باكرًا جدًا في تأمل الحياة والموت والمصير البشري.
الأسرة: محبة الأهل لأولادهم ومحبة الأولاد لذويهم قد تكون من أحد أكبر مصادر السعادة وقد تكون أيضًا مصدر شقاء بالنسبة إلى أحد الطرفين. فأسباب فقدان السعادة في الحياة العائلية في أيامنا الحاضرة مختلفة: لها طابع سيكولوجي، واقتصادي، واجتماعي وتربوي وسياسي.
العمل: إن العمل يستغرق حوالي نصف ساعات اليقظة، ويتوقف عملك على كونك تشعر بالنجاح أو الفشل. فهو يؤمن لك المعيشة، ويمنح حياتك غاية واضحة وينقذك من السأم
الاهتمامات غير الشخصية: الاهتمامات الصغيرة هي التي تملأ ساعات الفراغ وتوفّر استرخاء للتوتر. فأحد مصادر التوتر العصبي والشقاء الأخلاقي والتعب هو العجز عن الاهتمام بكل ما ليس ذا أهمية في الحياة. “ولتحمّل المصيبة بشجاعة عندما تقع ينبغي أن يكون المرء قد كرس نفسه لاهتمامات أوسع، بحيث يستطيع الفكر أن يحضّر للألم مكانًا هادئًا يدعو إلى تداعي أفكار وانفعالات أخرى غير تلك التي تجعل الحاضر صعب الإحتمال”
كيف حالكم يا أصدقاء؟ هذه تدوينة جديدة من تجارب وفيها استعرض بعض تجاربي في قراءة الكتب، واستخدام برامج الآيفون، ومشاهدة بعض الأفلام الوثائقية، وشراء المنتجات عن طريق الإنترنت، وغيرها. إذا فاتتكم التدوينة الأولى بإمكانكم قراءتها هنا.
وثائقيات:
أحب إضافة الزعفران إلى الطعام بمختلف أنواعه لتتبيله خاصة الرز، وأعلم أن الزعفران غالي الثمن لأنني اشتريه بثمن مرتفع مقارنة بوزنه ومقارنة ببقية التوابل، وأحرص على تخزينه جيداً. هذا الفيلم الوثائقي الجميل من قناة الجزيرة يوضح لنا سبب غلاء الزعفران وكيفية زراعته وحصاده. الفيلم تم تصويره في المغرب – في مدينة تالوين جنوب المغرب تحديداً- وهي من أكبر الدول المُنتجة للزعفران بعد إيران. بعد مشاهدة الوثائقي الجميل، أعددتً كوباً من الشاي أضفت إليه القليل من الزعفران. شكراً للصديقة هند على اقتراحها لهذا الوثائقي.
كتب:
أولاد حارتنا:
الرواية لنجيب محفوظ، والذي نشرها على أجزاء في صحيفة الأهرام المصرية. أثارت هذه الرواية جدلاُ واسعاً في تلك الأيام فقد قام العديدون بتكفيره وإخراجه من الملة، وبعدها حصل نجيب محفوظ على جائزة نوبل للآداب. الرواية تتحدث عن بداية الخلق حيث هناك أدهم (آدم) وإدريس (إبليس)، ثم تنتهي بالعلم وموقفه من الدين.
علّق جورج طرابيشي في كتابه (الله في رحلة نجيب محفوظ الرمزية) على قصة عرفة بقوله “فالعلم في نظر نجيب محفوظ قد يخطيء الدروب والمسالك، وقد يصبح سنداً للقوة الغاشمة، وقد يتسبب حتى في موت الإله، ولكنه لا يمكن مع ذلك أن يكون مبغوضاً ولا مكروها عند الله، لأن العلم هو اليوم طريق الخلاص للإنسانية، بل قل نبيها الجديد في عصر نهاية الأنبياء”.
مذكرات ميخائيل نعيمة (سبعون):
كان قد كتبها عندما بلغ من العمر سبعون سنة. المذكرات تتكون من3 أجزاء: طفولته وبداية شبابه، رحلته في المهجر (أمريكا)، وأخيراً عودته إلى لبنان. الجزء الأول جميل جداً وهو أجمل المذكرات، ثم الجزء الثاني، ثم الثالث. بالنسبة للجزء الأول: عشت أيام جميلة بين بسكتنا ووادي الشخروب.. لفتت انتباهي الأسطورة التي تحكي عن هجرة اللبنانيين عن لبنان، فقد كنت أتساءل دائماً عن هجرة اللبنانيين عن بلدهم الجميل وانتشارهم حول العالم(قبل الحرب الأهلية)وإذ بالأسطورة تقول على لسان ميخائيل “فقد كان القدامى يروون لنا حكاية مجنون يحمل قصبة ويطوف أحياء البلدة في كل يوم مناديا بأعلى صوته رجالكم! نسوانكم! أولادكم! دجاجكم! ع البحور! ع البحور! “
هناك الكثير من الذكريات التي استوقفتني، كالأغنية التي ذكّرت ميخائيل بوالده وبالشخروب وهو في المهجر (بالمناسبة بحثت عنها في اليوتوب ووجدتها، الأغنية قديمة من عام 1894.. اكتشفت أنها اُستخدمت لاحقاً في أفلام الرعب!)،
استوقفتني أيضاً لحظة التقاء أخيه أديب بوالديه بعد سنوات، وعن الرجل الذي ساعده وهو في حيفا حيث أخبر عن ذلك بقوله: “يفوتني الآن الكثير من ذكريات تلك الرحلة ما بين بيروت وحيفا، ومن أحاسيسها وصورها وانطباعاتها. ولكن أمراً واحداً لا أنساه ولن أنساه ماحييت. وها أنا أرويه عبرة وذكرى، وبوّدي لو يكون الإنسان الذي أرويه عنه حياً حتى اليوم، ولو أنه يقرأ ما أروي..”
قواعد العشق الأربعون
أخيرا قرأت هذه الرواية للمؤلفة التركية إيلف شافاق، والتي أحدثت الكثير من الضجة. ولأن سقف توقعاتي بشأن هذه الرواية كان عالياً، فلم تعجبني الرواية كثيراً على الرغم من أنها كانت لطيفة وخفيفة. كان بالإمكان أن تكون قصة جلال الدين الرومي أكثر تشويقاً، لكني لم أجدها كذلك. ووجدت شخصية شمس التبريزي منفّرة
كتبت تدوينتين سابقاُ عن الصوفية ورحلتي إلى عالم الصوفية، إن أردتم الاطلاع عليها اضغطوا على أسماء التدوينات التالية: 1- عالم صوفي 2- رحلتي إلى عالم الصوفية
التطبيقات: شطرنج
أحب لعبة الشطرنج كثيراً وامتلك حالياً اثنين من الشطرنج، إحداهما مصنوع من الزجاج والآخر خشبي، وكثيراً ماتمنيت أن أكون بارعة في هذه اللعبة. هذا التطبيق يجعلكم تلعبونها مع أفراد (في نفس مستواكم تقريباً) من أنحاء العالم. أدمنت لعبها على هذا التطبيق لأيام ثم تركته. في هذه الصورة، كانت ساعة الحظ بالنسبة في هذه الصورة، انظروا إلى هذه الحركة العظيمة! باستطاعتي قتل الملك، والوزير، والقلعة بواسطة حصاني الأبيض..ومن أجل ذلك استسلم خصمي قهراً !
لعبة ايقر اللعبة هي مضيعة للوقت ولكنها مسلية. الفكرة من اللعبة هي أن تحاول أن تبتلع الكتل الأصغر حجماً منك حتى يزداد حجمك، وأن تتفادى الكتل الأكبر حجماً. تستطيع ان تلعبها على اللاب توب أو على جوالك. هنا صورة أضحكتني لأحد المشاركين
تجارب شخصية:
1- أسبوع بدون سكر: خطرت لي هذه الفكرة عندما كنت آكل تشيزكيك (على غير العادة) مع صديقاتي. سألتهن ما إذا كان بإمكانهن تمضية أسبوع كامل بدون سكر كنوع من التحدي، بحيث تدفع الخاسرة منا ثمن أكواب قهوة الجميع من ستار بكس في نهاية الأسبوع! ووافقن على ذلك. في البداية، ظننت أن التحدي سيكون سهلاً بالنسبة لي خاصة أنني لا أحب الحلويات، ولكني اكتشفت أن السكر يدخل في مكونات الكثير من الأطعمة التي أتناولها يومياً. فلم أستطع إضافة السكر في كوب الشاي عند الإفطار (استبدلته بسكر نبات لاحقاً)، ولم أستطع استخدام الكاتشاب على سبيل المثال. وفي إحدى أيام التحدي ذهبت إلى إحدى المقاهي واشتهيت كعك (على غيرعادتي) كانت موجودة بشكل جميل ومغري أمامي فطلبتها، ولكن بعد أن أحضرت النادلة صحن الكعك تذكرت أنني لا أستطيع أن آكلها بسبب التحدي ولا أود أن أخسر المسابقة وأدفع ثمن أكواب من القهوة. سألت النادلة إن كان بإمكاني إرجاع قطعة الكعك هذه لأنني (افتكرت فجأة بأنه غير مسموح لي بتناول السكر لأن..)، لكن النادلة قاطعت كلامي ووافقت فوراً. أظنها اعتقدت بأن الطبيب منعني من تناول السكر!
انتهى الأسبوع، للأمانة أمضينا 5 أيام (دون إجازة نهاية الأسبوع) تحت ضغط هذا التحدي. لم أشعر بشيء مختلف لأن الأيام كانت قليلة وغير كافية بإحداث تغيير. صديقتي أخبرتنا بأنها أصبحت “خفيفة”، وأنها كانت تشعر بالصداع طول هذه الفترة نظراً لأنها لا تشرب القهوة بدون سكر. بالنسبة لي، اعتمدتُ استخدام سكر النبات بدلاً من السكر الذي استخدمه.
اقترحت على صديقاتي بأن يكون التحدي القادم أسبوعاً بدون نشويات (كالرز، والخبز، والمكرونة..) ولكن لا أحد يود الإنضمام إلى هذا التحدي- حتى أنا صاحبة الفكرة 🙂 -.
2- تبادل المنتجات التجميلية: لديّ بعض المنتجات التجميلية كالمكياج والصوابين والكريمات والتي استخدمتها لفترة بسيطة- أو لم استخدمها إلا لمرة أو اثنين- ولم تعجبني ولا أستطيع إرجاعها أو استبادلها بمنتجات أخرى، والكثير منها ينتهي إلى سلة القمامة بعد أن تنتهي مدة الصلاحية أو يتغيّر لونها. خطرت لي فكرة عرضها أمام صديقاتي وتبادلها بالأدوات التجميلية التي بحوزتهن ولم تعجبهن بالمقابل.
وفعلاً استبدلت هذه الأغراض (صورة) التي لا أحتاجها بأغراض أخرى شبه جديدة من صديقتي (لم أصورها بعد).
مشتريات عن طريق الإنترنت: www.nuts.com اشتريت منهم بعض الفواكه المجففة: كالليمون المجفف، المانجا، والتفاح. لديهم خيارات متعددة لكل فاكهة مجففة. أعجبني طعم الليمون المجفف، أما المانجا المجففة كانت جيدة ولكني أفضّل المانجا التي اشتريتها من آي إرب. هذه المرة الأولى التي أتعامل فيها مع هذا الموقع، أعجبتني طريقة التغليف جداً. للأسف لم أتمكن من التقاط صورة لها، لكن هنا صورة من قوقل.
شامبو وبلسم من جيوفاني. يجعل ملمس الشعر جميل بدون أن يجففه كبقية الشامبوهات. لا أدري إن كان سيناسب نوعية شعركم أم لا، شعري ناعم نوعا ماً -ويفي- ولكنه جاف.
صابون من Pre De Provence
هذا الصابون الفرنسي رائع، رغوته غنية ورائحته زكية. اشتريته من مدينة فيكتوريا ولكني وجدته متوفراً على أمازون. جربت الصابون من رائحة اللافندر، ورائحة التوت (لونه أحمر غير موجود بالصورة).
أظن بأنني فقدت لياقتي في التدوين هنا في نجم، لذلك أردت استرجاعها تدريجياً بأن أكتب شيئاً خفيفاً، فقررت أن أجمع في هذه التدوينة بعض التجارب المختلفة للمنتجات التي استخدمتها مؤخراً، الكتب التي قرأتها، والبرامج أو الأفلام التي شاهدتها وبعض المنتجات الغذائية.
التطبيقات:
مصاريف: من اسمه، فهذا التطبيق الجميل يقوم بمتابعة مصاريفك المالية ويساعدك في معرفة أين تذهب نقودك وذلك حتى تنظم حياتك المالية. التطبيق عربي ومجاني. أعجبني لكن مللت منه كونه يتطلب أن تدوّن كل ما أنفقته ويقوم بتذكيرك أيضاً.
Pocket:
تطبيق رائع! إذا صادفت مقالة أو مقطع فيديو أثناء تجولك في الشبكات الإجتماعية ولم يكن لديك الوقت الكافي لقراءتها أو مشاهدتها، وأردت أن تعود إليها لاحقاً، فهذا التطبيق يساعدك في ذلك. الأمر سهل، كل ماعليك هو أن تنسخ الرابط وتضعه في ال”جيب”. وتستطيع أن تشارك أصدقاءك هذه المقالات . التطبيق مجاني وباللغة الإنجليزية.
Airbnb
تطبيق جميل استخدمته لأول مرة في زيارتي لمدينة فيكتوريا في برتش كولومبيا لعدم توفر فنادق جيّدة حيث امتلأت بقية الفنادق بالمسافرين قبل تحديد السفر. التطبيق يعرض شقق مفروشة أو فلل سكنية للإيجار باليوم من قبل مُلّاكها بالصور وبالمعلومات الوافية عنها. لا تختلف أسعارها عن أسعار الفنادق كثيراً، لكن الفكرة من هذا التطبيق هو أن تعيش أيام سفرك وكأنك من سكّان المدينة التي تنوي السفر إليها.
ماك بهوية عربية: إذا كنت مستخدماً لجهاز ماك، تستطيع أن تحصل على أيقونات لجهازك بهوية عربية جميلة! الأيقونات هذه من تصميم لينا عامر
رحلتي الفكرية في الجذور والبذور والثمار لعبدالوهاب المسيري سيرة ذاتية عظيمة، سررت بقراءتها جداً. يحكي المفكر عبدالوهاب المسيري عن طفولته في دمنهور بمصر ودراسته في الولايات المتحدة في جامعة كولومبيا وتغيره الفكري خلال هذه الفترة وعن موسوعته الشهيرة “اليهود واليهودية والصهيونية” والذي قضى أكثر من 20 عاماً في كتابتها وأشياء أخرى كثيرة تجعلك تتأمل في سيرة حياة هذا المفكر العظيم. أنصحكم بقراءتها.
تنظيم الدولة الإسلامية:
إذا كنت مهتماً بأخبار داعش العجيبة، فهذا الكتاب بحث ممتاز عن تنظيم الدولة الإسلامية وتاريخها وعلاقتها مع القاعدة وأسباب تمدد هذا التنظيم واستمراره، وأيضاً يتناول علاقات جبهة النصرة المُبهمة مع التنظيم ومع القاعدة.
برامج تلفزيونية: على خطى العرب:
اكتشفت هذا البرنامج بالصدفة، وهو للدكتور عيد اليحيى الذي يجوب في أنحاء الجزيرة العربية لتتبع خطى العرب وبالأخص شعرائهم كامرؤ القيس على سبيل المثال. فهو يتتبع الأماكن – وحتى الحيوانات- التي سردوها في قصائدهم ويشرح عنها ويذكر الأبيات التي قيلت فيها. عجبت كثيراً من وجود آثار عظيمة في السعودية دون أن يلتفت أحد إليها! يمكنكم مشاهدة كافة الحلقات من صفحة العربية
أفلام: شاهدتً مؤخراً فيلم رائع اسمه Inside Out وهو فيلم -انيميشن- يحكي عن وجود 5 شخصيات داخل عقولنا (السعادة، الحزن، الغضب، الخوف، والقرف). الفيلم يتحدث بشكل جميل ومُضحك عن اضطراب هذه الشخصيات الخمسة بداخل الشخصية الإنسان (بطلة الفيلم)، وعن الذاكرة، وعن اللاوعي وعن أشياء أخرى جميلة.. أنصحكم بمشاهدته فهو لا يعتبر للأطفال!
لم أعرف هذا الموقع إلا من مدونة هيفاء القحطاني، وهو موقع أمريكي يبيع العديد من المنتجات الغذائية الصحية بسعر ممتاز. قمتُ بطلب المنتجات التالية
1- لوح شوكولاتة سوداء بالكرز: لا أحب الشوكولاتة للأسف باستثناءات ضيّقة جداً تشمل الإجتماعات والمناسبات والتي اضطر بسببها إلى أكل الشوكولا. وجدتها فرصة لأن أعيد ترتيب علاقتي مع الشوكولاتة، فطلبت هذا الطلب اللذيذ. لأول مرة آكل لوحة كاملة من الشوكولاتة!
2- لوح شوكولاتة بالحليب مع قطع ال”برتزلز”: لم يعجبني 3- مشروب شوكولاتة ساخنة من نستلة: كأنه مشروب “نسكويك”، لم يعجبني 4- مانجا مجففة: لذيذة جدا بالأخص ذات الكيس البرتقالي! التهمتها في جلسة واحدة. 5- صابون أفريقي: رائحته جميلة، لكنه يسبب الجفاف للبشرة. يٌذكّرني بالصابون المغربي. 7- فاكهة التوت البري المجففة: لذيذة.
استهلكت أغلب هذا الشاي، ولم أجد صورة له قبل الإستهلاك إلا بين هذه الصابونتين- الصابونتين قمت بشرائها من محل انثروبولوجي، رائحتهما جميلة لكن توجد صوابين ذات روائح أجمل- شاهي الورد جميل جداً-اشتريته من محل صغير في سان فرانسسكو- وتمنيت أنني اشتريت كمية أكبر. وجدت موقعاً لهم على الإنترنت يسمح بالشحن الدولي. بالنسبة لشاهي النعناع، فطعمه جيّد.
هل مللت من تكرار أحداث يومك؟ هل أيامك متشابهة؟ أدرك أن الروتين منظم جيّد لكن الإنسان ملول بطبعه، يتطلع إلى كل ماهو جديد ينتشله من ملل الروتين، ومن أجل ذلك، أردت أن اقترح في هذه التدوينة اقتراحاً يخفف من حدة الروتين: افعل شيئاً جديداً لم تفعله من قبل كل يوم ولمدة 30 يوماً
اكتب في ورقة لديك قائمة بأعمال بسيطة لكنك لم تجربها من قبل، ثم وزّعها على 30 يوماً (بإمكانك أن تجرب 30 شيئاً مختلفاً في 30 يوماً وبإمكانك أن تفعل شيئاً واحداً خلال 30 يوماً مع أشياء أخرى). على سبيل المثال، قمتُ في أحد هذه الأيام بتغيير لغة جوالي إلى الفرنسية التي أتعلمها، كان الأمر متعباً في البداية خاصة أنني تعودت على الإنجليزية كلغة أساسية للجوال. لكنني بدأت اعتاد على الكثير من المصطلحات الفرنسية وهذا أمر جيّد. بإمكانك أن تفعل نفس الشيء إن كنت تتعلم اللغة الإنجليزية أو لغة أخرى وتستفيد من مكوثك الطويل أمام هذا الجهاز.
أستطيع أن أزوّدك بقائمة من المقترحات: 1- على مستوى اللغة: تستطيع أن تتعلم كل يوم 5 كلمات جديدة من أي لغة. تستطيع أيضاً أن تحفظ كلمات اختبار التوفل، الجيمات، أو الجي آر إيه. زميلي الصيني كان عبارة عن قاموس فرنسي متحرك، يعرف كل كلمة فرنسية حتى أنواع الأدوات الحادة المختلفة (كالمنشار وآلات أخرى) لدرجة أنه تفوق على الأستاذة. عندما سألته عن ذاكرته الممتازة أخبرني أنه حفظ القاموس الفرنسي بطريقة الجدول الذي زوّدني بنسخة منه. “نحن الصينيون اخترعنا هذا الجدول! نستطيع اجتياز أي امتحان يعتمد على حفظ المعلومات بسهولة!” زميلي هذا بالمناسبة من جامعة كولومبيا في نيويورك، جاء إلى مونتريال في عطلة لكي يتعلم الفرنسية.
طريقة الجدول هذه تجعلك تحفظ قائمة (أنت تحددها، قد تكون من 5 إلى 10 كلمات أو أكثر)، بالطريقة التي تعجبك. ثم تحفظ في اليوم الثاني قائمة جديدة مع مراجعة القائمة في اليوم الأول، وفي اليوم الثالث تحفظ قائمة جديدة مع مراجعة قائمة اليوم الثاني، وفي اليوم الرابع تحفظ قائمة جديدة مع مراجعة قائمة اليوم الأول واليوم الثالث.. وهكذا كما هو مدوّن في الجدول. أخبرني زميلي هذا بأنه يجب أن تبتاع قاموساً فيه لغتك الأولى (العربية) واللغة المراد تعلمها حتى يصبح زمن الحفظ والمراجعة أقصر بلحظات، لأنه إذا كانت معاني الكلمات بلغة أخرى غير لغتك الأولى فإن العقل يبذل مجهوداً أكبر ولو كان غير ملاحظ، وأنت تحتاج إلى هذا الجهد البسيط. لاحظ أن الجدول هذا يمتد إلى 45 يوماً.
2- تستطيع أن تكتب رواية! مات كتس (وهو مهندس يعمل في شركة قوقل)، استنتج في هذا الفيديو (اضغط هنا، توجد ترجمة بالعربية) أن الإنسان باستطاعته أن يكتب رواية من 50 ألف كلمة (أي 250 صفحة) خلال 30 يوماً إذا كتبت حوالي 1600 كلمة في اليوم تقريباً وهو مايعادل 3.6 صفحات في اليوم!
3- جرب أن تترك كل الشبكات الإجتماعية لمدة يوم كامل، هذه فرصة مناسبة لأن تتعرف على نفسك أكثر!
4- جرّب أن تجري حواراً مع شخص غريب عنك خاصة في أوقات الإنتظار في المستشفى أو عند الدوائر الحكومية بدلاً من اللعب بهاتفك. تأكد أن الشخص الذي ستجري معه الحوار ليس مشغولاً بشيء وإلا سوف يكون تطفلاً منك. الحوار مع الأشخاص الغرباء سيجعلك أكثر ثقة بالنفس وقد ينمي مواهب الحوار لديك، ومن المحتمل أن تتعرف على آراء مختلفة وجديدة.
5- جرّب أن تطبخ وصفة جديدة، أو أن تخبز كعكاً. إن كانت النتائج لذيذة فستشعر بالسعادة.
6-دوّن يومياتك بطريقة مختلفة. استخدم تطبيق Day One، فهو تطبيق سهل الإستخدام وبإمكانك إدراج صور في مذكراتك بالإضافة إلى العنوان وحالة الطقس. أستخدم هذا البرنامج في تدوين اليوميات بشكل عام (لستُ منتظمة للأسف)، كماذا فعلت اليوم على سبيل المثال مع إدراج صورة. عندما أعود إلى الشهور الأولى أتفاجئ بالكثير من الأحداث البسيطة التي تذكرتها بمساعدة هذا البرنامج. هناك طريقة أخرى شيّقة تعلمتها من إحدى المسلسلات البريطانية (كرانفورد)، تضع عامودين، في بداية اليوم تكتب في العامود الأول عن الذي تتوقعه أن يحصل هذا اليوم، وفي نهاية اليوم تكتب في العامود الثاني ما الذي حصل في هذا اليوم. ثم تقارن بين العامودين، أحدث ماتوقعت؟ أكان يومك أفضل مما توقعت؟ أم أسوأ؟
7-افعل الخير. خصص يوماً كاملاً من هذه الأيام لفعل شيء لا ترجو منه جزاءاً ولا شكوراً. ساعد والديك وادخل عليهما الفرحة. ساعد صديقك في كربته. علّم شخصاً ما مهارة، امدح شخصاً يستحق المديح على فعلته، اطعم قطة.. ستجد آثار العطاء على نفسيتك حتماً.
8- قم بالتخلص من أغراضك القديمة التي لاتحتاجها عن طريق بيعها. بإمكانك وأصدقائك أن تقيموا بازاراً لأغراضكم القديمة التي لا تحتاجونها. أو بإمكانك أن تجدد أغراضك القديمة عن طريق صبغها بلون جديد إذا كان أثاثاً، أو إعادة استخدامها لغرض آخر -ابحث في قوقل عن furniture makeovers
لاتكدس أغراضاً لا تحتاجها فتصعب عليك مهمة التنظيف وتأخذ من البيت مكاناً أجدر بأن تجعله فسيحاً أو تحتله قطعة أخرى. تخلّص أيضا من الأوراق المتراكمة بين فترة وأخرى.
9- قوّي مهارتك كل يوم لمدة 30 يوماً. على سبيل المثال، الرسم من المهارات التي تصقل مع الممارسة، أتابع العديد من الفنانين الموهوبين في انستقرام الذين تحسن رسمهم كثيراً بسبب الممارسة اليومية وأستطيع أن أجد فرقاً شاسعاً بين رسوماتهم في البداية واليوم! إذا كنت مصمم شعارات، تستطيع أن تصمم شعاراً كل يوم. شاهدت هذا التحدي في هاشتاق لأحد مصممي الجرافيك. عمل كثير (لن يكون التصميم رائعاً لأنه نتاج يوم واحد بالطبع) لكن الممارسة والتفكير ستصقلان هذه الموهبة بشكل ما.
10- جرّب أشياء بسيطة كل يوم، كأن تستيقظ مبكراً مع صلاة الفجر وتظل مستيقظاً لسائر اليوم. بإمكانك أن تمارس الرياضة بعد صلاة الفجر. جرّب أن تعّد غداءك بنفسك في المنزل وتأخذه معك إلى مقرك في الدراسة أو العمل. جرّب أن تقرأ في تخصص جديد لم تعتاد أن تقرأه من قبل. اكتب بيتين من الشعر! اشتري شتلة زراعية واعتن بها. افعل شيئاً ترهبه بالعادة، كأن تحمل قطة. مارس الرياضة لمدة 10 دقائق يومياً.
بإمكانك أن تزوّدنا بمقترحات أخرى عن ما تفعله خلال ال30 يوماً، طاب يومكم !
هل تعلمون أن الشاي هو أكثر المشروبات استهلاكاً من قبل سكان الأرض؟ قرأت مرة أن 80٪ من سكان الأرض يشربون الشاي! ولشعب الأرض حكاياتهم المتعددة مع الشاي، فالولايات المتحدة الأمريكية بدأت الإستقلال عن بريطانيا عندما أسست حزب بوسطن للشاي، وهم ثوّار احتجوا على الضرائب التي فرضتها عليهم الحكومة البريطانية فقاموا بتخريب شحنة سفينة قادمة من الهند تحتوي على الشاي، وإلقاء الشاي في ميناء بوسطن. نبذت أمريكا بعدها شرب الشاي لكونه رمزاً إنجليزياً لتتجه نحو شرب القهوة!
بالنسبة لي، لا أحب القهوة فهي تسبب لي الغثيان -باستثناء القهوة العربية- ولكني أحب رائحة القهوة بشكل عام. أنا من حزب الشاي، أحب جميع أنواع الشاي، وأعشق الشاي المضاف إليه الحبق ( نعناع مديني | نعناع حساوي). جربت أنواعاً كثيرة من الشاي لشركات إنجليزية، فرنسية، وأمريكية، هذه أشهرها (صور أنواع الشاي هنا من قوقل)0:
1- ليبتون
ومن منّا لم يجرب ليبتون؟ أعتقد أن لساني اعتاد بأن هذا هو الطعم المفترض للشاي.
2- تويننقز Twinnigs
شاي ممتاز، جربت منه أنواع كثيرة كشاي (إنجلش بركفاست تي) أو شاي الفطور الإنجليزي
3-كوسمي Kusmi Tea
هذا شاي فرنسي، جيّد جربت نوع واحد منه. لا أستطيع الإنكار بأن العلبة الجذابة كانت سبباً أساسياً في التجربة.
4- ماغياج فغيغ Mariage Freres
شاي فرنسي فاخر موزع في أكياس من الموسلين! دفعت تقريباً 30 دولاراً كندياً من أجل الحصول على 30 كيساً من الشاي!
5-Teavana تي فانا
شركة أمريكية اشترتها ستار بكس مؤخراً. قمت بتجربة أنواع مختلفة لديهم من الشاي، أعجبني
Samurai chai mate tea
6- أحمد تي Ahmed Tea
جربت شاي بالهيل، لذيذ!
7- David Tea ديفيد تي
هذه الشركة تأسست في مونتريال، وقامت أوبرا وينفري بمدحه وإضافته إلى المنتجات المفضلة لديها
بعض الإضافات للشاي: 1- الحبق أفضل إضافة للشاي على الإطلاق طعماً ورائحة! الحبق المديني نبتة من الجنة! لا أستطيع أن أتزوّد من الحبق الطازج لإستحالة إدخاله إلى الحدود الكندية، لكني أحاول أن أبتاع علبة من الحبق المجفف بين فترة وأخرى!
2- الحليب
إضافة الحليب إلى الشاي إضافة لذيذة، لكن قرأت مرة أن الحليب يُفقد القيمة الغذائية للشاي. من أشهر إضافات الحليب الشاي العدني، وهو عبارة عن حليب+هيل+قرنفل.. شاي لذيذ!
3- العطرة
لاتعجبني رغم فوائدها الطبية، رائحة الشاي فقط جميلة بإضافة العطرة.. هذه هي نبتة العطرة من محرك البحث قوقل
4- الورد المديني
أحب ورد المدينة، لكني لا أحب استخدامه مع الشاي.. يقوم البعض بتجفيف الورد ومن ثم إضافته إلى الشاي
5- ورق الليمون
جربوا أن تشربوا الشاي يوماً مع إضافة ورقة خضراء من شجرة الليمون، إضافة لذيذة
6-النعناع المغربي
ومن لايعجبه الشاي بالنعناع المغربي؟ أو الشاي على الطريقة المغربية؟
7- الدوش
أيضاً لا تعجبني إضافة الدوش إلى الشاي رغم فوائده الطبية
والآن كيف تشربون الشاي؟ هل تفضلون الأكواب الزجاجية الشفافة؟ بالنسبة لي لا أحب أن أشرب الشاي في كأس ورقي إلا إن كنتُ مضطرة لملازمة صديقاتي، كأن ابتاعه من المقاهي المخصصة لبيع القهوة. في إحدى مقالاته الجميلة “اشرب الشاي.. اشرب الطعم” يقول محمد الرطيان “القهوة : رائحة .
الشاي : طعم .. ولون .
لهذا ، يفقد الشاي نصف مذاقه إذا لم أشربه في كأس زجاجي شفاف !”
هل تحبون إضافة السكر إلى الشاي؟ كتب جورج أورويل مقالة كاملة يتحدث فيها عن حبه للشاي، وقدّم خطوات لعمل إبريق من الشاي..كما عبّر غضبه ممن يشرب الشاي مع السكر
“كيف تسمي نفسك عاشقا حقيقياً للشاي في الحين الذي تدمر فيه نكهة شايك بوضع السكر معه؟ من المفترض للشاي أن يكون مر الطعم.. لو أنك قمت بتحليله فأنت لم تعد تتذوق الشاي، أنت تتذوق السكر فقط، بإمكانك صنع شراب مماثل بتحليل السكر في ماء ساخن!”
من أشهر حفلات الشاي في التاريخ، هي حفلة الشاي التي كانت في بلاد العجائب، في رواية لويس كارول “أليس في بلاد العجائب”. وقصة أليس بالمناسبة من أجمل قصص الطفولة في التسعينات، هنا مقدمة لمسلسل -إنتاج ياباني- اعتبره أجمل من الإنتاج الذي قدمته ديزني، وقد يكون السبب متعلق بذكريات الطفولة
أدعكم الآن مع بعض الصور التي التقطتها للشاي مع بعض الإقتباسات للأدباء عن الشاي في مؤلفاتهم
“دع العالم يذهب إلى الجحيم، أما أنا فيجب أن أحرص على شرب الشاي دائماً”. فيودور دوستويفسكي
“شاي! فليحفظ الرب شاي بعد الظهيرة!” أجاثا كريستي
“لكني لا أريد شيئاً سوى الشاي” جين أوستن
“تستطيع ياعزيزي أن تعطيني كوباً من الشاي حتى أصفي ذهني وأتمكن من فهم ماتريد” تشارلز ديكنز
“ الشاي هو أحد العوامل الأساسية لبقاء الحضارة في هذه البلاد” جورج أورويل
لا أريد قهوة، لا أشرب القهوة على الإطلاق.. قليل من الشاي إذا سمحتِ” جين أوستن
ينطوي الشاي على سحر خفي يجعله لا يقاوم، ويمنحه القدرة على إسباغ الإحساس بالمثالية. فالشاي ينأى بنفسه عن غطرسة النبيذ، وعن غرور القهوة، وعن البراءة المتكلفة في نبتة الكاكاو”- أوكاكورا كاكوزو
المثل الصيني يقول بأنه من الأفضل أن تُحرم من الطعام لثلاثة أيام على أن تُحرم من الشاي ليوم واحد” خالد حسيني
ماذا عنكم؟ماهي أنواع الشاي المفضلة لديكم؟ كيف تعدّونها؟ وماهو وقتكم المفضل في شرب الشاي؟ وماهي التقاليد المتبعة لديكم في شرب الشاي؟ يسعدني أن اقرأ مشاركاتكم 🙂
لستُ في مزاج يجعلني أتفلسف عن معنى النجاح في الحياة، ومن هم الأشخاص الناجحون حقاً. لذلك، هذه التدوينة ستأخذ المنحنى التقليدي في الحديث عن الأشخاص الناجحين في الحياة، أي بمعنى البارزون في مجالاتهم.
ولمَ نتحدث عن الأشخاص الناجحين؟ أذكر أن علي الوردي كان يسخر من الناس الذين يستمعون إلى حكايا الناجحين ويُهملون الإصغاء إلى قصص الفشل، فلو أصغينا إلى الفاشلين لاجتنبنا برأيه أسباب فشلهم. لكن أين هم المخفقون؟ لايتحدث عادة إلامن نجح، والناجحون في الحياة قليل- مقارنة بالعاديين-، أما الفاشلون فهم يجتنبون الحديث إلينا وذكر محاولتهم- إن عرفنا أنهم جربّوا أصلاً- وكثيراً ما اكتشف بالصدفة أن فلاناً اتخذ ذلك المسلك وأخفق، ولاأستطيع لومهم فهذه طبيعة النفس البشرية. فلنستمع إذن لمن يتكلم.
ريتشارد سانت جون- وهو الذي ألهمني في كتابة هذه التدوينة، وأغلبها ترجمة لما قاله- قابل 500 شخصاً ناجحاً حول العالم خلال عشر سنوات في الكثير من المجالات (الأعمال، الفن، العلوم، التكونولوجيا، التصميم، القانون..الخ) ليتحدثوا عن نجاحهم. حاول ريتشارد في مشروعه هذا أن يجد الرابط المشترك بين هؤلاء الأشخاص الناجحين، فقام بتدوين كلماتهم وتصنيفها ثم توزيعها في عوامل مختلفة للنجاح. واكتشف بعد عمله المضني هذا ليلاً ونهاراً بأن هناك ثمانية عوامل مشتركة بين الأشخاص الناجحين:
1-الشغف 2- العمل بجدية 3- التركيز 4- يدفع نفسه للأمام دائماً 5- يختلق أفكار إبداعية جديدة 6-يطوّر نفسه على الدوام 7- يخدم الآخرين 8- يصمد
لنتحدث بداية عن الشغف.. ما هو شغفك في هذه الحياة؟ الرسم؟ الكتابة؟ أم البرمجة؟ هل تعرفت عليه أم ليس بعد؟
يخبرنا ريتشارد أن صاحب الشغف يتحول من شخص محبط وغير منجز لأكثر الأشخاص إنجازاً. كبيل جيتس على سبيل المثال الذي قال مرة “كنت جالساً في غرفتي محبطاً، أحاول أن أفهم ما الذي أفعله بالضبط في حياتي”، ثم أصبح من أكثر الأشخاص إنجازاً بسبب حبه للبرمجة!
يؤكد ريتشارد بأنه يجب أن نقضي 20٪ فقط من أوقاتنا على الأشياء التي لانحبها، لأن الأشياء التي نحبها تستحق 80٪ من وقتنا، وإذا كان الأمر معاكساً فإننا في الوظيفة الخاطئة. لكن كيف نحوّل شغفنا إلى مهنة؟ هنا تدوينة جميلة بقلم طوني صغبيني بعنوان (هل هناك وظيفة مثالية؟ معضلة عبودية الأجر والحياة البسيطة).
بمساعدة الشبكات الإجتماعية، أستطيع أن أجد الكثير من الذين حولّوا شغفهم إلى مصدر رزق، فهناك من تحب تزيين الكعك افتتحت متجراً لبيع الكعك والحلوى، وآخر يحب التدوين وجد وظيفة ككاتب، وهناك شخص يحب التصوير أصبح مصوّراً للمناسبات، حتى من تحب التباهي بما لديها في انستقرام وتصوير يوميّاتها، وجدت مصدراً للرزق عن طريق الإعلانات أمام هذا الجمع الغفير من المتابعين!
لكن كيف نستطيع العثور على شغفنا؟ كيف باستطاعتنا أن نتأكد بأن ما نفعله هو حقاً ما نحبه؟ يجيب ريتشارد على هذا السؤال، فيقول جربوا كل الطرق واكتشفوها حتى تجدوا شغفكم. وهذا مافعله روبرت منش الذي قال” درستُ حتى أصبح قسيساً، لكن وجدت ان هذا الأمر كارثة بالنسبة لي. اشتغلت في مزرعة، لكنني لم أعجبهم، عملتُ في قارب، لكنه غرق. جربت أشياءاً كثيرة، ولم أجد ما أريده. لكنني حاولت وحاولت حتى جربت شيئاً أحببته! أصبحت مؤلفاً لكتب الأطفال!” روبرت منش باع حتى الآن أكثر من 40 مليون كتاب!
هناك احصائية أمريكية أُجريت على أشخاص تتراوح أعمارهم ما بين 18-25 سنة، وقاموا بسؤالهم عن هدفهم الأول والثاني للحياة. 81٪ من هؤلاء الأشخاص أجاب: “أن أصبح غنياً”. تعجب ريتشارد كثيراً وقال بأن كل أصحاب الملايين والبلايين الذين أجريت مقابلات معهم عندما سألتهم عن أهدافهم في الحياة، لم يخبرني أحداً منهم على الإطلاق بأن المال كان هدفهم.
بيل جيتس قال “أنا وشريكي بول لم نكن نفكر أبداً بالمال، كنا نحب البرمجة”. وها هو بيل جيتس يصبح أغنى رجل في العالم. جي كي رولينغ، مؤلفة روايات هاري بوتر، أخبرته بأنها لم تكن تفكر في المال “كنت أريد فقط أن أحصل على المال الكافي ليجعلني استمر في الكتابة، لأنني أحب هذه النوعية من الكتابة”. وها هي تصبح من أغنى النساء في بريطانيا، أغنى من الملكة إليزابيث الثانية سليلة عرش الإمبراطورية التي كانت لاتغيب عنها الشمس.
سأحاول أن أكتب – بدون وعود- عن المزيد من النقاط التي ذكرها ريتشارد، وحتى ذلك الحين أرجو أن أجد تفاعلاً منكم بنشر هذه التدوينة إن أعجبتكم 🙂
بالأمس ذهبت أنا وصديقاتي إلى إحدى المطاعم في مونتريال من أجل قضاء ليلة فنية: رسم لوحة “ليلة مضيئة بالنجوم” للفنان الهولندي فان جوخ، بمساعدة فنانة قامت بإعطاءنا خطوات الرسمة. وضعت رسمتي -مع إحتقاري لها- في حساباتي في الشبكات الإجتماعية، لأتفاجئ بأن لها معجبين! بل أن أحدهم سألني مشككاً “من جد رسمتيها بنفسك؟”، لا أعلم هل كان كل هذا الإعجاب حقيقياً أم لا- مع ثقتي التامة بأن اللوحة ليست بجميلة- لكنه بلا شك وهبني موضوعاً لأتحدث عنه الآن: زراعة الثقة بالنفس.
كما ترون أعزائي، أن من أهم أسباب زراعة الثقة بالنفس هم الآخرين. نعم الثقة بالنفس تُزرع، ولا تُوّرث. اسأل نفسك، كم من الأمور الغير اعتيادية -كالمهارات- التي تستطيع القيام بها بكل ثقة أمام الناس؟ ثم كيف استطعت أن تفعلها؟ ثم عد مرة أخرى واسأل نفسك، فيم تتعلق الثقة التي يزرعها محيط الشخص غالباً؟ إذا كان ذو وجه جميل! فالكثير من الأهالي لا يزرعون الثقة في الطفل غالباً إلا إذا كان ذو وجه جميل، فيكبر ويكبر رأسه معه، حتى لا يصبح واثقاً إلا بوجهه ويُهمل تطوير جوانب كثيرة من شخصيته. ولذلك، فإن أغلب أصحاب الوجوه الحسناء من الثقلاء. انظر إلى بيكاسو عندما قال عن أمه “عندما كنتُ صغيراً، كانت أمي تقول لي (إذا صرت جندياً فسوف ينتهي بك الأمر لأن تصبح جنرالاً، وإذا صرت قسيساً فسوف تكون البابا) وأنا صرت رساماّ وأصبحتُ بيكاسو!”
والأمر عظيم لدى النساء، وخاصة في مجتمعنا. إذ أن المرأة لدينا ناقصة عقل ودين، وتحتاج دوماً إلى ولي أمر زُرِعت ثقته بنفسه من قبل مجتمعه ليحميها من نقصان عقلها وليتم عليها دينها. لكن، نستطيع أن نعوّض شيئاً من ذلك، و نبدأ في زراعة الثقة بأنفسنا..كيف؟ ابدأ بزراعة الثقة في من حولك بنفسك، ازرعها في أهلك وأصدقاءك. إذا رأيت شيئاً أعجبك فامدحه، للجمال و إن كان بسيطاً حق عليك بأن تعبّر عنه لمن يحمله: فستان جميل، قصة شعر رائعة، طبخة لذيذة، مقالة ممتعة… إحدى صديقاتي أخبرتني بأنها تخاف فعل ذلك لأنه لو حدث مكروه بالصدفة فسوف تُلام لاحقاً بأنها مصدر “العين”. لا أدري بالضبط ما المفترض فعله مع محاور الكون الذين يؤمنون بأن الناس لا يتحدثون إلا عنهم ولا ينظرون إلا لما لديهم.
لكن “ لكي يزدهر الإنسان يحتاج عادة إلى ثلاثة ردود إيجابية لتعويض كل قول سلبي على أفعاله: في المنزل يحتاج إلى ثلاثة ردود إيجابية مقابل كل رد سلبي، في العمل يحتاج إلى 5 ردود إيجابية مقابل كل قول سلبي، وفي بيئة جديدة يحتاج إلى 9 ردود إيجابية لكي يتخطى رد سلبي واحد!” هل تتخيلون مقدار الإيجابية التي يحتاجها الإنسان في حياته؟ والدنيا “دوّارة”..
أيضاً، إن لم تجد الدعم الكافي من محيطك، قم بنشر إنجازاتك بعيداً عنهم بواسطة الشبكات الإجتماعية-على سبيل المثال- فأحياناً “مغنية الحي لا تُطرب”. ستجد من يقدر مواهبك، وإن كانت ضئيلة، ويرعاها إلى أن تكبر أو إلى أن تصبح جيدة. انظر مثلاً إلى أصحاب البرامج اليوتوبية أو الكثير من المغردين، قد تختلف معهم تماماً وقد لا يحصلون على إعجابك، ولكنهم شقوا طريقاً يحبوه ووجدوا فيه من يدعمهم.
اترككم مع دعوة أمي لي “اللهم اجعلها في عينيها صغيرة، وفي أعين الناس كبيرة” وياليتها تكتفي بالشطر الثاني من الدعاء.
عندما كنت أشاهد أحد المسلسلات القصيرة “كرانفورد”- 7 حلقات- من إنتاج قناة البي بي سي البريطانية، وهو مسلسل في العهد الفكتوري يحكي قصص متعددة عن أشخاص من هذه المنطقة خطرت في بالي بعض الأفكار. أنا استمتع بمشاهدة هذا المسلسل، لكن استمتاعي هو استمتاع كسول وسلبي لحدِ ما. بمعنى أنني أبذل من وقتي الثمين من أجل متابعة بعض القصص التي لا علاقة لي بها، وليست من التاريخ ولا أستطيع أن أُساهم بشكل ما في هذه القصص إلا مساهمات غير فعّالة من مشاعري، كالضحك والبكاء. بل وهناك العديد من الأفلام التي قد شاهدتها ونسيت الكثير من أحداثها لأنني لم أتفاعل معها تفاعلاً إيجابياً. ولذلك فإن قراءة القصة تختلف اختلافاً كبيراً عن مشاهدة الفيلم أو المسلسل، أنا أساهم مع الكاتب في بناء القصة، أنسج وبمساعدة خيالي أشكال أبطال القصة، مكان الأحداث، وأيضاً إنفعالاتهم بشكل مفرط أو مُخفف مثلما أريد حتى أشارك إنفعالاتي الشخصية أو أحجمها عن المشاركة. إذن لا بد لي أن أتفاعل.
كيف نستطيع أن نتفاعل مع مانستمتع به في أمورنا اليومية؟ هنا بعض المقترحات:
عندما تشاهد أحد الأفلام تحدّث عنه مع أصدقائك. تستطيع أن تتعلم الإنجليزية أو أن تطوّرها من خلال مشاهدتك للأفلام، أحدهم صنع برنامجاً على اليوتوب يُعلّم فيه الإنجليزية بمساعدة الأفلام. تستطيع أيضاً أن تتعلم الكثير من المواضيع التي تحدث عنها الفيلم، أو عن معالم المدينة التي صًوّر فيها هذا الفيلم.. ها أنا أحاول أن أجعل من مشاهدتي لمسلسل “كرانفورد” أمراً إيجابياً بكتابتي لهذه التدوينة.
اقرأ كتاباً ثم تناقش عنه مع أصدقاءك، بإمكانك أن تشارك بمتقطفات من الكتاب معنا عبر وسائل التواصل الإجتماعية المختلفة. اكتب الإقتباسات التي أحببتها من هذا الكتاب في مفكرتك الخاصة لعلّك تعود إليها بين حين وآخر. لا تجعل هذا الكتاب يقفز إلى اللاوعي فقط دون أن يؤثر على وعيك. إذا قرات كتاباً لأحد الكتاب المشهورين ولم يعجبك، من حقك أن تبدي رأيك فيه بكل صراحة.
هل تتناول إفطارك باستمتاع؟ جرب أن تتذوق الطعام الذي تأكله بإخلاص.. انظر إلى شكل الطعام بتركيز، إلى لونه، المسه إن كان باستطاعتك ذلك، واشعر بملمسه بيدك، استنشق رائحته، ثم تذوقه.. حاول ان تشعر به داخل فمك وأنت تمضغ، هل تستخدم أضراسك اليمنى أم اليسرى في طحن الطعام أم الجهتين معاً؟ ثم جرّب أن تربط بين شكل الطعام وبين مذاقه. إن استطعت أن تجد شراباً يصبح لذيذاً بصحبة هذا الطعام، فأنت محظوظ. أنا أحب الشاي بالنعناع مع الجبنة “البلدي”البيضاء.. هذا الخليط من الإفطار شهي جداً.
في السيارة تأمل الطرق التي حولك، انظر إلى أسماء المحلات، إلى أشكال المباني، إلى أنواع السيارات. هل هناك غيمة في السماء؟ هل هناك أشخاص يمشون في الشارع تحت أشعة الشمس؟ هل تستطيع تخمين أعمارهم؟ ماذا عن إشارة المرور.. لماذا تبدو هكذا؟ لماذا الدائرة الحمراء تُصّر أن تبقى صامدة لأطول وقت ممكن؟ لماذا شكل المباني رتيب؟ لماذا لا نهتم بالفن المعماري في بيوتنا ومبانينا؟ لماذا لا نستخدم خطوطاً جميلة في ألواح المتاجر؟ هل مقعد السيارة مريح؟ هل أستطيع الإحساس بظهري وهو على المقعد؟ ماذا عن قدماي؟ هل أستطيع الشعور بقدميّ وهما بداخل الجوربين؟
احرص أن تُبقي جهازك في جيبك|حقيبتك عندما تجتمع بأصدقائك، اصغ إلى مايقولون وتفكّر به، هذه لحظات لن تتكرر، قد تُفوّت زلة من أحدهم تستخدمها ضده لاحقاً. هل أحتاج إلى أن أقول بأنني كنت أمزح فيما يتعلق بالتهديد؟